مبارك المهدي لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل ستمنح السودان شهادة براءة من الإرهاب

نائب رئيس الوزراء الأسبق قال إن المقاطعة أصبحت بلا معنى في عالم تغيّرت موازينه

مبارك الفاضل المهدي
مبارك الفاضل المهدي
TT

مبارك المهدي لـ«الشرق الأوسط»: إسرائيل ستمنح السودان شهادة براءة من الإرهاب

مبارك الفاضل المهدي
مبارك الفاضل المهدي

لا حديث يعلو في الخرطوم، هذه الأيام، على موضوع «التطبيع مع إسرائيل»، فمنذ أن فجر رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، «قنبلة التطبيع» في الثالث من الشهر الحالي، انقسم الشارع السوداني بين مؤيد ومعارض للخطوة، وإن كان يبدو أن مناصري الخطوة أكثرية واضحة، من بينهم نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق مبارك الفاضل المهدي، الذي وصف الاعتراض على الخطوة بأنه «غير موضوعي»، مستنداً في ذلك إلى أن الفلسطينيين أنفسهم «طبعوا» علاقتهم مع الإسرائيليين منذ «اتفاقية أوسلو»، في الوقت الذي يحتاج فيه السودان إلى ما سماه «شهادة براءة» من تهمة الإرهاب؛ تستطيع إسرائيل أن تقدمها له على طبق من ذهب.
وقال المهدي، الذي يرأس حزب الأمة للإصلاح، في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، أمس، إن أصحاب القضية «طبعوا مع إسرائيل بتوقيع اتفاقية أوسلو»، وتعني القبول بإسرائيل والتعايش مع الإسرائيليين في دولة واحدة، بما فيهم السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وقبلوا الحكم الذاتي ودخلوا في انتخابات رئاسية وبلدية، ويعيشون الآن «في الضفة الغربية وفي غزة». وتأكيداً لوجهة نظره بشأن تطبيع الفلسطينيين، يقول المهدي: «الفلسطينيون يتعاملون مع إسرائيل في الكهرباء والجمارك، فيما يعمل شعب فلسطين في إسرائيل، ولم يتبق لهم إلا الوضع الرسمي للدولة، فقد أصبح التطبيع كاملاً».
وأرجع المهدي تاريخ بداية عمليات التطبيع لاتفاقية «كامب ديفيد»، ووصفها بأنها كانت «نهاية للحل العسكري»، لأن مصر أدركت أنها لا تملك الموارد التي تجعلها تدخل في سباق تسلح وصراع مستمر، وتابع: «بعد أن استردت مصر كرامتها في حرب 1973، استعادت بتوقيع (كامب ديفيد) أراضيها، وطبعت العلاقات، ورفعت العلم الإسرائيلي في القاهرة، ثم تبعتها كثير من الدول العربية (الأردن، عمان، قطر)، وأصبحت لها ممثليات هناك». ويستدرك المهدي، الذي يجاهر منذ سنوات بالدعوة إلى التطبيع، بأن «المستوى العربي العام» لم يحدث فيه «تطبيع»، لأنه ما زال يخضع للدعاية الإعلامية التي تسير في الاتجاه القديم، ولم تتغير بتغير الواقع، ويتابع: «ثم جاءت اتفاقية أوسلو التي عززت القناعة بأن من لا يملك القوة اللازمة لن يستطيع مواصلة الصراع، وأدرك الجميع أن الحل أصبح سياسياً عبر الحوار».
وحسب المهدي، فإن الانتفاضة السلمية في الضفة الغربية (ثورة الحجارة) عضدت الحل السياسي، واضطرت إسرائيل إلى اللجوء إلى الحل السياسي. وقال: «كانت الانتفاضة السلمية أمضى من أي عمل مسلح؛ أثرت على اقتصاد إسرائيل، واستقرارها، وعجزت عن مقاومتها مقاومة سلمية، وخلقت تعاطفاً عالمياً مع القضية الفلسطينية، وغيرت النظر إليها، لذا اقترحت إسرائيل، (أوسلو)، وتم توقيعها، وبموجبها عاد الفلسطينيون، بما فيهم ياسر عرفات، إلى الضفة الغربية ورام الله وغزة، ونظموا انتخابات الحكم الذاتي التي شاركت فيها كل الفصائل، بما فيها حركة (حماس)».
ووصف المهدي أحاديث استمرار المقاطعة بأنها «أصبحت بلا معنى»، فالعالم يتغير، وموازين القوى تتغير، وصار في إسرائيل نواب عرب، عددهم 13 نائباً في الكنيست، وتحول الصراع إلى سياسي سلمي وصراع حضاري وثقافي، وليس صراع مواجهة ومقاطعات.
ويحمّل الرجل سياسة «الرفض العربي»، المسؤولية عن تراجع مكاسب العرب، قائلاً «سياسة الرفض العربي أتت بنتائج عكسية، فقد رفضوا تقسيم 1948، ثم رفضوا حدود 1967، والآن يطالبون بدول بحدود أقل بكثير»، ويتابع: «سياسة +الرفض العاطفية تجاهلت توازن القوى والأوضاع العالمية والإقليمية، ولم تنظر للممكن وغير الممكن».
ودعا المسؤول السابق في نظام البشير، إلى الاعتبار بتجربة الماضي، والاستناد إليها في التعامل مع الواقع الذي يقود إلى سياسة التطبيع وبناء الثقة، باعتبارها الخيار الوحيد الذي يمكن أن يفيد القضية، ويتابع: «اتفق الطرفان على العيش، والآن يعيشون مع بعضهم البعض، وأصبح الوجود العربي كبيراً في إسرائيل».

- مصالح اقتصادية
يرى المهدي أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإعادة بناء الثقة معها، خلق مصالح اقتصادية كبيرة لإسرائيل مع العالم العربي، لكونه سوقاً كبيرة، تحتاجها التقانة الإسرائيلية المتطورة. وقال «السودان والعالم العربي بحاجة للتقانة الإسرائيلية المتطورة، وحال وجدت إسرائيل مصالحها مع العرب، سيقوى دافعها لتقديم تنازلات إضافية للفلسطينيين، ليصبحوا جزءاً من الدولة، وستقوم بمعالجة مشكلة اللاجئين و(مشكلة القدس)، التي هي ليست فلسطينية بقدر ما هي قضية إسلامية كانت تحت الإدارة الأردنية».
وبشأن تطبيع السودان لعلاقاته مع إسرائيل، يوضح المهدي أن وضع البلاد الاقتصادي، خصوصاً قطاعه الزراعي، يعيش حالة تخلف شديدة جداً، ويتابع: «رغم امتلاك السودان 200 مليون فدان صالحة للزراعة، لكنه يزرع منها حوالي 45 مليون فدان، بإنتاجية ضعيفة وتكلفة عالية بسبب التخلف التكنولوجي»، ويستطرد: «عائد فدان محصول السمسم مثلاً لا يتعدى 100 كيلو غرام، بينما ينتج الفدان في دول ذات تقانة زراعية متطورة، مثل تركيا، 1700 كيلو غرام».
ويوضح أن دراسة وضع الصادرات السودانية، وعجز الميزان التجاري، يكشف حاجة السودان لحوالي 3 - 4 مليارات دولار للتقانة الزراعية على مدى 3 سنوات، لسد الفجوة وتحقيق عائد صادر قدره 10 مليارات؛ «واردات السودان الآن في حدود 11 مليار دولار، وبالتعاون مع إسرائيل في التقانة الزراعية، التي ساعدت مصر، وطورت إنتاجها من الفاكهة والخضر، يمكن أن يحقق السودان هذا الهدف». ويشير مبارك المهدي إلى حاجة السودان للطاقة والبنى التحتية والتقانة الزراعية، ويقول: «معظم الأراضي لا توجد بها ماء، ولا كهرباء، ولا طرق، ما يجعلنا في أمس الحاجة للتقانة الإسرائيلية».
ويوضح نائب رئيس الوزراء الأسبق، أن وحدة السودان القومية لم تكتمل بسبب نظام البشير و«الإخوان»، الذي أعاد البلاد إلى «القبيلة والإثنية»، ويقول: «حكومة (الإخوان) أعادت السودان من الحزب إلى مستوى القبيلة والإثنية، لأنهم بلا قاعدة شعبية، فاشتغلوا بسياسة فرق تسد، وأعادونا للقبلية والإثنية». ويرى أن شن النظام المعزول للحرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وقبل ذلك جنوب السودان، وحولها من حرب سياسية إلى حرب دينية، بتحالفه مع إيران ودعمه لحركات الإرهاب، وحركات النضال المسلح الفلسطيني، ورفض «أوسلو»، ودخل مع «الجهاد» و«حماس» ومختلف الفصائل في تهريب السلاح إلى فلسطين من إيران وسوريا.

- غارت إسرائيلية على السودان
وحسب المهدي، فإن ما قام به نظام البشير تسبب في تأليب «اللوبيات المسيحية واليهودية»، ونتج عن ذلك توجيه إسرائيل لثلاث «غارات جوية» على السودان، لأنه كان في حالة مواجهة مع إسرائيل، وائتلف اللوبي المسيحي واليهودي ضده في أميركا، وطُبق عليه طيف من العقوبات، لأنه اختار طريق المواجهة، يقول: «قادة التمرد الجنوبي مثل جوزيف لاقو تدربوا في إسرائيل، وكانوا يتلقون المعونات العسكرية منها، لأنها قصدت اللعب على تناقضات واقع السودان بالدخول عليه من الباب الخلفي، للحيلولة دون استقراره واستقرار مصر»، وتابع: «لقد دفعنا ثمناً كبيراً من أجل المواقف الرافضة، وهي أغلبها كانت مواقف عاطفية، ولم نراع مصالحنا». ويشير المهدي إلى أن التطبيع بين السودان وإسرائيل في مرحلته الأولى يمكن أن يقدم للسودان «شهادة براءة من الإرهاب»، ويقول: «إسرائيل دولة مهمة في إصدار هذه الشهادة، اشتغلنا ضدها مع إيران، وقمنا بعمل محسوس ضد الأمن الإسرائيلي بتهريب الأسلحة وتدريب، وبالتعاون مع إيران وسوريا وغيرهما بصورة كبيرة جداً».
ويوضح أن اللوبي اليهودي هو الجهة الأكبر التي تعمل ضد السودان، ويعمل معه اللوبي المسيحي الذي ألبته قضية الحرب الدينية في جنوب السودان، ويتابع: «ائتلف اللوبيان ضدنا في قضية دعم الإرهاب واضطهاد المسيحيين والحرب الدينية، لذلك نحن بحاجة لشهادة البراءة هذه من إسرائيل، ولتشهد لنا في أميركا بأننا تجاوزنا هذه المرحلة، ودليلها أننا قبلنا الخروج من حالة الحرب معها وطبعنا العلاقات معها، وجلسنا معهم وقررنا تطبيع العلاقة والخروج من حالة المواجهة، لأن التركيبة الأميركية يؤثر فيها اليهود، بما ذلك صناع القرار في الكونغرس والرئاسة والإدارة».
ويوضح المهدي أن السودان قدم في هذه المرحلة «السبت بانتظار الأحد»، يقول: «سننتظر ماذا سيفعلون لنا فيما يتعلق برفع العقوبات، لأن أميركا هي التي رتبت اللقاء، وبالتالي هي شاهد على أننا سوينا هذه القضية»، ويستطرد: «هذه الخطوة الأولى، فإذا تجاوزنا هذه الخطوة، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ستتاح لنا كل الفرص في عملية التطبيع بما يتعلق بالتعاون التقني والاقتصادي».

- مفاوضات مع غندور
ويحصر المهدي أهداف إسرائيل من التطبيع مع السودان، بأنها تريد توسيع دائرة التطبيع مع العالم العربي، لأن السودان دولة مهمة في أفريقيا، ويربط الشرق الأوسط مع أفريقيا، ويملك موارد كثيرة، وحال استقراره وعودته للأسرة الدولية، يمكن لإسرائيل أن توظف ميزاتها التكنولوجية بالاستثمار في السودان، ويقول: «فقط عبور الطيران الإسرائيلي عبر أجواء السودان يوفر 3 - 4 ساعات طيران إلى غرب أفريقيا وأميركا اللاتينية»، ويتابع: «فوائد إسرائيل من السودان كثيرة جداً، لأن أفريقيا هي السوق الوحيدة المتبقية، والعالم يتصارع عليها والسودان مدخلها».
ويتابع: «كانت صادرات السودان لإسرائيل في خمسينات القرن الماضي تقدر بالملايين، كانت كثير من الشركات السودانية تصدر لإسرائيل، مع وجود جالية يهودية كبيرة تعمل في التصدير مع إسرائيل».
وتعليقاً على ما أوردته صحف إسرائيلية، بأن المهدي ووزير الخارجية الأسبق إبراهيم غندور التقيا سراً، مسؤولين إسرائيليين، قال المهدي: «هذا كلام غير صحيح لم أقابل أي إسرائيلي، ولم أكن جزءاً من هذه الملفات»، ويتابع: «عادة مثل هذه الملفات لم تكن توكل لنا نحن، لأننا نعتبر منافسين، بل توكل للمقربين من البشير»، ويضيف: «حين قابل مدير جهاز الأمن الأسبق محمد العطا، مسؤولين إسرائيليين في مسقط عام 2018، تلقيت معلومات من جهة غربية، وحين حاولت التأكد منها وجدت أن النائب الأول في ذلك الوقت بكري حسن صالح، لا يعلم بالموضوع»، ويستطرد: «تتم مثل هذه الأمور بين الرئيس البشير وجهاز الأمن فقط، وحتى وزير الخارجية إبراهيم غندور لم يُشرك في الأمر إلا بعد اشتداد طوق عزلة النظام، فقاد مفاوضات مع الإسرائيليين»، ويضيف: «حسبما علمتُ، البشير نفسه كان يريد أن يقابل المسؤولين الإسرائيليين، لكن هناك من نصح رئيس الوزراء نتنياهو بعدم مقابلته لأنه متهم بجرائم حرب وإبادة».
وقال المهدي إن مفاوضات غندور مع الإسرائيليين كانت تدور حول وقف دعمهم للحركات المسلحة في غزة، ووقف تسليحها، فأبدى النظام عدم ممانعتهم في وقف دعم الحركات مقابل رفع العقوبات.
ويوضح المسؤول السابق أن التطبيع لا يواجه معارضة تذكر في السودان، يقول: «عدا بعض المتطرفين، الذين يرددون شعارات جوفاء بشأن القدس، والذين لو قلت لهم اذهبوا وحاربوا لما ذهبوا»، ويضيف: «هم يرددون شعارات لا تفيد، السودانيون الآن أصبحوا مع التطبيع لأنهم يريدون التأسيس لمستقبلهم، وما عادت الآيديولوجيات تثير اهتمامهم، كما كانت في الماضي»، ويستطرد: «الرئيس جمال عبد الناصر لعب على وتر القضية الفلسطينية، وفي عهده خسر العرب كثيراً، إلى أن جاء السادات فأدرك فداحة الخطأ، وقام بالتطبيع مع إسرائيل ودفع الثمن».



العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية، مؤكداً أهمية عدم الانزلاق إلى خطوات أحادية، أو تحركات عسكرية خارج الأطر المرجعية للمرحلة الانتقالية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال لقائه، الخميس، في الرياض، رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، وعضوي هيئة رئاسة المجلس، محمد الشدادي ومحسن باصرة، للتشاور حول المستجدات الوطنية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود احتواء تداعياتها السياسية والاقتصادية والخدمية.

وبحسب المصادر الرسمية، استعرض العليمي خلال اللقاء، نتائج الاتصالات الجارية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التوافق الوطني القائم، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تعقّد المشهد أو تقوّض مسار الشراكة السياسية، مع التذكير بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالدور الذي تضطلع به السعودية، ومعها الإمارات، في قيادة مسار تهدئة مسؤول يهدف إلى خفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، بما يشمل انسحاب القوات الوافدة من خارج هذه المحافظات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم المحلية، بما يعزز الاستقرار ويحافظ على السلم الأهلي.

وجدد العليمي التأكيد على موقف الدولة من القضية الجنوبية، بوصفها «قضية وطنية عادلة»، وجزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية شاملة، تبدأ بمعالجة مظالم الماضي، وتنفتح على الخيارات التي تقررها الإرادة الشعبية في ظروف طبيعية. كما رحب بما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دعم جهود خفض التصعيد، والتنبيه إلى مخاطر أي توترات على فرص العيش والسلم الأهلي والأمن الإقليمي.

تشييع قتلى ومخاوف حقوقية

ميدانياً، شُيعت في مدينة مأرب، الجمعة، جثامين عدد من قتلى المنطقة العسكرية الأولى في موكب جنائزي رسمي وشعبي، بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة الفريق ركن صغير بن عزيز، وقيادات عسكرية وأمنية، وأعضاء مجلس النواب، وشخصيات اجتماعية. وأكد المشيعون، بحسب الإعلام الرسمي، المضي في استكمال ما وصفوه بالأهداف الوطنية، مع التشديد على استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.

تشييع جنود في مأرب قتلوا خلال التصعيد العسكري بوادي حضرموت (سبأ)

من جهتها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 312 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، قالت إن عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نفذتها في وادي وصحراء حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025. وأوضحت الشبكة أن الاعتقالات شملت عسكريين ومدنيين من محافظات عدة، بينها حضرموت وتعز وريمة وذمار وحجة وأبين.

وأشارت الشبكة إلى تلقي بلاغات عن حملات اقتحام واعتقال واسعة في مدينة الشحر دون أوامر قضائية، إضافة إلى توثيق حالات اختطاف في مدينة سيئون، من بينها قاصران، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وفتح تحقيقات مستقلة، محذرة من مخاطر استمرار هذه الممارسات على السلم المجتمعي وسيادة القانون.

الزبيدي: الوجهة صنعاء

في موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إن الهدف المشترك للقوى الوطنية المناهضة للجماعة الحوثية، يتمثل في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرتها، وصولاً إلى العاصمة صنعاء.

وجاءت تصريحاته خلال لقائه، في القصر الرئاسي بمدينة عدن، قيادات جبهة مريس وحجر شمال محافظة الضالع، حيث استعرض مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تنسيق الجهود لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الحوثي.

ونقل إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي عن الزبيدي قوله إن الإجراءات التي نفذتها القوات التابعة للمجلس أخيراً في محافظتي حضرموت والمهرة، جاءت في سياق «تأمين الجنوب»، ليكون منطلقاً لتحرير مناطق الشمال، مؤكداً أن «الوجهة هي صنعاء»، رغم ما عدّه محاولات بعض القوى «حرف مسار المعركة عبر افتعال صراعات جانبية».

الزُّبيدي مجتمعاً في القصر الرئاسي بعدن مع قيادات عسكرية مرابطة في جبهات الضالع (المجلس الانتقالي الجنوبي)

ودعا الزبيدي إلى عدم الالتفات لما وصفها بـ«حملات التشويش والضجيج الإعلامي» الصادرة عن قوى فقدت تأثيرها السياسي، معتبراً أن الالتزام بالمسؤولية الوطنية والشراكة الصادقة يمثل الطريق الوحيد لتحقيق النصر.

وأضاف أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية «ماضون على العهد» في مواجهة الحوثيين، مجدداً التأكيد على أن المعركة الأساسية يجب أن تبقى موجهة نحو الجماعة المدعومة من إيران.

وتطرق الزبيدي إلى الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، معرباً عن أسفه لما يتعرض له السكان هناك من «قتل واضطهاد»، ومحملاً قيادات سابقة مسؤولية ما وصفه بالتخلي عن مسار التحرير والانحراف نحو مصالح خاصة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وفق تعبيره.


«اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

لقاء جديد للوسطاء في مدينة ميامي، بولاية فلوريدا الأميركية، وسط تعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ذلك الاجتماع الذي قال الوسطاء إنه «سيناقش تصوراً للمرحلة الثانية»، يراه خبير «ضمن تحركات تفادي الفجوات، المتمثلة في كيفية تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي، ونشر قوات الاستقرار، ونزع سلاح حماس»، مرجحاً «إمكانية بدء خطوات فعلية الشهر المقبل».

وتشهد مدينة ميامي، في ولاية فلوريدا، لقاء المبعوث الخاص للرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، مسؤولين كباراً من دول الوساطة: قطر ومصر وتركيا؛ لدفع المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار قدماً، وفقما أفاد مسؤول في البيت الأبيض «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس.

وأعلن رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال زيارته، الأربعاء، لواشنطن أنه جارٍ التحضير لاجتماع للوسطاء، الجمعة؛ لبحث تصور للدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق غزة. وقبيل انطلاق «اجتماع ميامي»، قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس»، باسم نعيم في تصريحات: «يتوقع شعبنا من هذه المحادثات أن يتفق الحاضرون على وقف الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية كاة، وأن يُلزموا الاحتلال بمقتضيات اتفاق شرم الشيخ».

المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، قال إن «اجتماع ميامي» ضمن تحركات تفادي الفجوات، المتمثلة في كيفية تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي، ونشر قوات الاستقرار، ونزع سلاح حماس، وحال استمرَّ هذا الزخم قد نرى خطوات فعلية الشهر المقبل.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تكون المقاربات التي يجب أن نراها من واشنطن في «اجتماع ميامي» تصبُّ في تنفيذ الاتفاق وليس بناء رفح جديدة وتقسيم القطاع، مشيراً إلى أن «فجوات المرحلة الثانية مرتبطة بتنفيذ انسحاب إسرائيل، ونشر قوات استقرار، ونزع سلاح حماس، وبالتالي أي حديث يجب أن يكون على حلول تنفيذية، وليس الحديث عن تصورات أميركية تخدم على أفكار إسرائيل».

أفراد من الدفاع المدني الفلسطيني يبحثون عن جثث عائلة سالم في أنقاض مبنى دُمِّر عام 2023 في حي الرمال بغزة (أ.ف.ب)

في حين شدَّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الجمعة، خلال لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف في القاهرة على «ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 بشأن تنفيذ اتفاق غزة، وتشغيل معبر رفح من الاتجاهين». وقال لافروف: «يجب استمرار الجهود الدبلوماسية لاستدامة وقف إطلاق النار في غزة».

كما استعرض عبد العاطي مع وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، بالقاهرة الجمعة، الجهود المصرية الجارية لتثبيت وقف إطلاق النار وضمان استدامته، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية، مع التأكيد على ضرورة نفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، وتهيئة الظروف لبدء مسار التعافي المبكر وإعادة الإعمار، ورفض أي إجراءات من شأنها تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية أو تصفية القضية الفلسطينية، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

كما رحَّب «المجلس الأوروبي» في ختام قمة رؤساء دول وحكومات دول الاتحاد الـ27 في بروكسل، بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803 الداعي إلى إنشاء «مجلس سلام»، و«قوة استقرار دولية» مؤقتة في إطار خطة إنهاء الصراع في غزة. وأكد القادة الأوروبيون ضرورة تنفيذ القرار الدولي كاملاً، وضمان استقرار أمني دائم في غزة، مجددين التزام الاتحاد الأوروبي بـ«حل الدولتين» وبالقانون الدولي.

ويرى الرقب أن الجهود المصرية تراهن على تحقيق انفراجة بجانب جهود قطر وتركيا، والوصول لآليات حقيقية لتنفيذ الاتفاق وسط دعم أوروبي لهذا المسار، مؤكداً أن «أي ترتيبات تنتظر لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وترمب أواخر الشهر وصفه حاسماً».


موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)
الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)
TT

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)
الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

صعّدت الجماعة الحوثية من انتهاكاتها ضد الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين في صنعاء، الخميس، في أحدث حلقة من سلسلة توقيفات واعتقالات تعسفية طالت عشرات الموظفين خلال السنوات الماضية.

وأعلنت الأمم المتحدة أن عدد موظفيها المحتجزين لدى سلطات الأمر الواقع الحوثية ارتفع إلى 69 شخصاً، مؤكدة رفضها القاطع للاتهامات التي تروّج لها الجماعة بشأن «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، إن المنظمة «تؤكد الاحتجاز التعسفي لعشرة من موظفيها»، مشيراً إلى أن جميع المحتجزين يمنيون. ولفت إلى أن هذه الممارسات تأتي في سياق متواصل من التضييق والاستهداف. وتُعدّ تهمة «التجسس» من أخطر التهم في مناطق سيطرة الحوثيين؛ إذ قد تصل عقوبتها إلى الإعدام، وهو ما ترى فيه الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية «ذريعة» لتبرير الاعتقالات الواسعة وإخضاع العاملين في المنظمات الدولية، فضلاً عن المعارضين والصحافيين والأكاديميين.

عنصر حوثي أمام مبنى أممي في صنعاء اقتحمته الجماعة (رويترز)

وجاءت موجة الاعتقالات الأخيرة بعد تحركات دبلوماسية أممية مكثفة، كان أبرزها لقاء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بسلطان عُمان هيثم بن طارق آل سعيد، الذي يضطلع بدور وساطة في النزاع اليمني.

وحسب إحاطة أممية، شكر غوتيريش السلطان على دعمه المتواصل لعمل الأمم المتحدة، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية، وفي مقدمها الوضع في اليمن وملف الموظفين الأمميين والعاملين في البعثات الدبلوماسية والمنظمات غير الحكومية المحتجزين لدى الحوثيين.

توقف العمل الإنساني

في إفادة لاحقة للصحافيين، حذّر غوتيريش من أن عمليات الأمم المتحدة «باتت غير قابلة للاستمرار» في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصاً في صنعاء وشمال غربي البلاد ذي الكثافة السكانية العالية. ودعا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتهدئة التوتر، وحل الخلافات عبر الحوار، مؤكداً أهمية الانخراط الإقليمي البنّاء لدعم جهود الوساطة الأممية وضمان المصالح الأمنية الجماعية.

وكان الأمين العام قد أعلن، عقب عودته من زيارة إلى السعودية وسلطنة عُمان، أن سلطات الحوثيين أحالت ثلاثة من موظفي الأمم المتحدة إلى محكمة جنائية خاصة، مطالباً بإلغاء هذه الإحالات وإسقاط التهم المرتبطة بأدائهم مهامهم الرسمية. وشدد على أن المنظمة «يجب أن يُسمح لها بأداء عملها دون أي تدخل»، مؤكداً استمرار التزام الأمم المتحدة بتقديم الدعم المنقذ للحياة لملايين اليمنيين، رغم التحديات المتزايدة.

مسلحون حوثيون على متن عربة أمنية في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

وفي مؤشر على خطورة الوضع، كانت الأمم المتحدة قد نقلت، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، مقر عمل منسقها للشؤون الإنسانية من صنعاء إلى عدن، الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بعد تضييق متصاعد من الحوثيين على أنشطة المنظمة.

ويغرق اليمن، منذ نحو عقد، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، ومع استمرار احتجاز موظفي العمل الإنساني وعرقلة عمل المنظمات الدولية، تتزايد المخاوف من تفاقم الكارثة الإنسانية، في وقت تجدّد فيه الأمم المتحدة مطالبتها بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفيها المحتجزين.

مداهمات واعتقالات

على الأرض، كشفت مصادر يمنية عن تفاصيل مداهمات نفذتها الجماعة، الخميس، لاعتقال عدد من الموظفين الأمميين من منازلهم في صنعاء. ومن بين المعتقلين الدكتور محمد عبد اللطيف عبد المغني، طبيب عيادة الأمم المتحدة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمسؤول عن التقارير والحالات المرضية للموظفين، حيث داهم الحوثيون شقته في حي فج عطان أثناء وجود أطفاله. ويأتي اعتقاله - حسب المصادر - بعد نحو شهرين من توقيف زوجته، حنان الشيباني، الموظفة في برنامج الغذاء العالمي.

موالون للحوثيين خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة (أ.ف.ب)

كما شملت الاعتقالات ماجد السياغي، وهو سائق في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعماد الشريف، وهو سائق في إدارة السلامة والأمن التابعة للأمم المتحدة، إضافة إلى محمد صالح الضبي، مساعد أمن ميداني في الإدارة نفسها، الذي داهم الحوثيون منزله في منطقة قاع القيضي، وصادروا مقتنيات خاصة قبل اقتياده إلى جهة غير معلومة.

ويأتي هذا التصعيد ضمن توجّه أوسع للجماعة الحوثية لاستخدام القضاء الخاضع لها أداةً لتصفية الخصوم وترهيب المجتمع. ففي مطلع ديسمبر (كانون الأول)، أحالت النيابة الجزائية في صنعاء 12 شخصاً إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بتهمة «التخابر» مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.

وهي خطوة قالت منظمات حقوقية إنها امتداد لمحاكمات استهدفت مئات اليمنيين خلال السنوات الماضية بذريعة التجسس. كما أفادت وسائل إعلام تابعة للجماعة بأن محكمة حوثية أصدرت الشهر الماضي أحكاماً بالإعدام رمياً بالرصاص بحق 17 شخصاً بتهم مماثلة.