عباس يطرح رؤيته الخاصة للسلام أمام مجلس الأمن

يسلم الأمم المتحدة وثيقة تحدد 300 خرق للقانون في «صفقة القرن»... ويؤكد رفض الفلسطينيين لها بشكل قاطع

TT

عباس يطرح رؤيته الخاصة للسلام أمام مجلس الأمن

يخطط الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتقديم رؤيته للسلام في مجلس الأمن، وهي قائمة على إطلاق مفاوضات جديدة برعاية دولية متعددة الأطراف لفترة زمنية محددة تلغى فيها أي قرارات سابقة وتتوقف فيها أي أعمال استيطانية أو ضد السلام، ولها مرجعيات معروفة تستند إلى الشرعية الدولية.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن عباس سيعرض «الرؤية الفلسطينية البديلة لصفقة القرن» وستكون مستندة إلى بيان الجامعة العربية الأخير. ويفترض أن يصل عباس إلى الولايات المتحدة الاثنين على أن يلقي خطاباً في مجلس الأمن بنيويورك يوم الثلاثاء يرفض فيه «صفقة القرن» الأميركية ويعلن تمسكه بالسلام لكن ضمن خطته المعروفة. وسيوزع الفلسطينيون مشروع قرار للتصويت عليه في مجلس الأمن ضد خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ووثيقة تتضمن 300 خرق جاء في هذه الخطة للقانون والشرعية الدولية.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن الوثيقة ستوزع باللغة الإنجليزية على جميع أعضاء مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة. وتشير الوثيقة الفلسطينية إلى أنّ خطة ترمب «احتوت في مجملها على أكثر من 300 خرق لأحكام القانون الدولي».
وحصلت «الشرق الأوسط» على نص الوثيقة التي أعدها مكتب شؤون المفاوضات في منظمة التحرير. وجاء في الوثيقة أن الخطة الأميركية المقترحة تحتوي على الكثير من الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، بما فيها انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي، والقانون العرفي الدولي، إضافة إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية. وترى الوثيقة أنه يتضح أن هذه الخطة تهدف، من خلال مخالفتها أحكام القانون الدولي والشرعية الدولية، إلى «تدمير» منظومة الأمم المتحدة ومنظومة الدول القائمة على احترام القانون الدولي، وتشريع مخالفات القانون ومنظومة القرارات الصادرة عن أعضاء الأمم المتحدة.
وتركز الوثيقة على ملفات عدة، من بينها القدس، إذ ترى أن خطة ترمب «خالفت تقريباً جميع قرارات مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة والتي في مجملها ما يعادل 20 قراراً، وبالتالي احتوت الخطة 20 جزءاً حاولت تشريع نحو 60 مخالفة قانونية دولية». وتضيف الوثيقة: «وفقاً لقرارات الأمم المتحدة الكثيرة، لا تتمتع إسرائيل بأي حقوق سيادية على القدس، والقدس الشرقية جزء من الضفة الغربية، وبالتالي فهي تعتبر أرضاً محتلة. إن ضم إسرائيل من جانب واحد للقدس الشرقية في عام 1967 (ومرة أخرى في عام 1980 مع إقرار القانون الأساسي) غير قانوني بشكل واضح ولم يعترف به المجتمع الدولي».
وحول الحدود بما فيها الاستيطان والضم، تقول الوثيقة إن «المخالفات الأساسية التي احتوتها الخطة تضمنت حوالي 30 جزءاً» تشكل في الجوهر «ما يساوي 90 خرقاً لنصوص القانون الدولي». وتضيف: «بالنسبة إلى الضم: تحظر المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة (1945) ضم الأراضي واستعمالها بالقوة، وتقضي بأن يمتنع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها» ضد الآخرين.
وجاء أيضاً أن «قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242 (1967) يشدد أيضاً على عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب» ويدعو إلى «انسحاب القوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها في النزاع الأخير».
وتتطرق الوثيقة إلى المستوطنات فتؤكد أن الكثير «من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما في ذلك القرارات 2334 و446 و452 و465 و471 و476، تعتبر أن المستوطنات ليس لها أي صلاحية قانونية» بموجب اتفاقية جنيف الرابعة. وتضيف: «البند 49 (6) من اتفاقية جنيف الرابعة: لا يجوز لدولة الاحتلال ترحيل أو نقل أجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها»، و«البند 53 من اتفاقية جنيف 4: يحظر أي تدمير من قبل السلطة القائمة بالاحتلال لممتلكات حقيقية أو شخصية... للدولة أو للسلطات العامة الأخرى... إلا في حالة الضرورة القصوى للعمليات العسكرية».
وتؤكد الوثيقة أنه «وفقاً للقانون الدولي العرفي، فإن حق العودة هو حق فردي وجماعي» وأن «الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترفت في عام (1948) بحق العودة»، وذكرت أنه «يجب السماح للاجئين [الفلسطينيين] الذين يرغبون في العودة إلى ديارهم والعيش في سلام مع جيرانهم بالقيام بذلك في أقرب وقت ممكن»، أو دفع تعويضات مقابل ممتلكات أولئك الذين يختارون عدم العودة.
وأعلن الرئيس دونالد ترمب في 28 يناير (كانون الثاني) الماضي في واشنطن خطته للسلام في الشرق الأوسط معلناً أنها تتضمن «حلاً واقعياً بدولتين»، لكن الفلسطينيين رفضوها جملة وتفصيلاً. وتعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخميس بأن الصفقة لن تمر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.