الاتحاد البرلماني العربي يرفض «صفقة القرن» و«كل أشكال التطبيع» مع إسرائيل

البيان الختامي للاجتماع الطارئ في عمّان يحذّر من افتعال «حرب دينية» بسبب ملف مدينة القدس

TT

الاتحاد البرلماني العربي يرفض «صفقة القرن» و«كل أشكال التطبيع» مع إسرائيل

أجمع رؤساء البرلمانات والمجالس العربية في ختام المؤتمر الثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي في عمّان، أمس، على دعم القضية الفلسطينية واعتبارها في صدارة القضايا العربية بوصفها «جوهر الصراع» العربي الإسرائيلي، معلنين رفضهم المطلق لخطة السلام التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، والمعروفة بـ«صفقة القرن»، وكذلك رفضهم «كل أشكال التطبيع» مع إسرائيل.
جاء ذلك في مضامين البيان الختامي للاجتماع الطارئ للاتحاد الذي دعا له رئيسه، عاطف الطراونة، رئيس البرلمان الأردني، متضمناً 11 توصية توافق عليها الاجتماع، بحضور 20 ممثلاً عن برلمانات ومجالس شورى عربية، لبلورة موقف من خطة السلام الأميركية.
وبعد أكثر من 3 ساعات من المداخلات المؤيدة للموقف الفلسطيني، صدر بيان ختامي رفض الخطة الأميركية جملة وتفصيلاً، وعدّها تمثل فصلاً جديداً من فصول انتهاكات الحقوق للفلسطينيين، داعياً إلى رص الصفوف وتحشيد المواقف لنصرة القضية الفلسطينية كأولوية عربية تتقدمُ أجندة العمل العربي المشترك. ورأى البيان أن الإعلان الأميركي عن خطة السلام شكّل مساساً بالثوابت العربية، ومثّل «انحيازاً أميركياً مطلقاً لدولة الاحتلال». وأضاف البيان أن «العبث بمدينة القدس جاء على شكل وعد أميركي تمثل بالاعتراف بها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، الأمر الذي ننظر إليه على أنه نسف لفرص السلام، وانحياز للظالم على حساب المظلوم»، معرباً عن الخشية من افتعال «حرب دينية».
ورأى البيان الختامي أن الخطة شكّلت أيضاً انتهاكاً صارخاً للحقوق الفلسطينية، منوهاً إلى أن قضية اللاجئين من أساسات القضية الفلسطينية، ومن دون حلها ستستمر أسباب الصراع. وشدد البيان على أن الخطة تمثلت بوعود وتقسيمات «أشد فتكاً بالجسم العربي من وعد بلفور وخرائط سايكس بيكو، لتعيد ترسيم حدود دولة فلسطين التاريخية، مانحة السيادة للاحتلال بضم أراضي غور الأردن وشمال البحر الميت، ما يلغي الاتصال الجغرافي لدولة فلسطين مع جوارها، وذلك يعظم رقعة الاحتلال بعد اعتراف أميركا بضم الجولان والقدس، مما يضرب كل أسس العملية السلمية».
وثمّن الاتحاد البرلماني مواقف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني حيال القضية الفلسطينية، معتبرين إياها نقطة ارتكاز في الموقف العربي الجماعي الرافض لأي تسوية غير عادلة للقضية الفلسطينية، أو المساس بالثوابت الوطنية الفلسطينية أو الثوابت العروبية القومية، مشددين على أن أي تسوية لا تضمن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، والاعتراف بحل الدولتين، على أساس إعلان قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس، هي حلول غير قابلة للحياة. وأكد البيان أيضاً رفض أي تسوية للقضية الفلسطينية لا يقبل بها الفلسطينيون، ورفض أي مصادرة لحق العودة وتعويض اللاجئين، مشدداً على التمسك بمرجعيات القرارات الأممية، والمبادرة العربية للسلام والتي مثلت توافقاً عربياً، كأساسٍ لاستئناف أي مفاوضات سياسية وعلى أساس المحافظة على حقوق الفلسطينيين كاملةً غير منقوصة.
وأكد رئيس الاتحاد البرلماني العربي في دورته الحالية عاطف الطراونة، أن القضية الفلسطينية «تمر في أصعب مراحلها، أمام احتماء الاحتلال بالنفوذ الأميركي ليعلن تسوية ظالمة لقضية عادلة، ما يتطلب البحث في اتخاذ مواقف أبعد من تلك التي تكتفي بالخطابات والشعارات». ورفض أي حل لا يقبله الفلسطينيون، معتبراً أن الإدارة الأميركية منحازة في دعمها لإسرائيل. وشدد على أن «صفقة القرن نسفت الأسس التي استندت إليها قرارات الشرعة الدولية، وصادرت حقوق الفلسطينيين».
أما رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، فقال إن «صفقة القرن» شكّلت «عدواناً على الحقوق الفلسطينية»، إذ تضمنت الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، وتقسيم المسجد الأقصى مكانياً وزمانياً، وضم 30% من مساحة الضفة الغربية، ودولة فلسطينية مجزأة بلا سيادة أو حدود، وإلغاء حق العودة لأكثر من ستة ملايين لاجئ، والاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية.
من جهته، أوصى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، في كلمته بالتمسك بثابتين اثنين لا ثالث لهما في خصوص فلسطين، وهما ثابت الوحدة وثابت المقاومة.
ووصف «صفقة القرن» بأنها تتحدث عن فلسطين جديدة، عاصمتها أبو ديس أو شعفاط بمساحة لا تتجاوز 4 كيلومترات مربعة، أي فلسطين من دون قدس. ووصف خطة ترمب بأنها «الصفقة الصفعة» التي تمنح الفلسطينيين «دولة مقطعة الأوصال منزوعة السلاح والسيادة في البر والبحر والجو، ملزمة فيها السلطة الفلسطينية الجديدة بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح فصائل المقاومة فيها، بمعنى دولة من دون أظافر ودعوة صريحة للاقتتال الفلسطيني - الفلسطيني». كما حذر بري من إسقاط حق العودة تحت عنوان حل قضية اللاجئين المقيمين في أماكن وجودهم.
كذلك أكد رئيس مجلس النواب الكويتي مرزوق الغانم، أن على من يريد أن يسوّق لتسوية سلمية أن يعمل حثيثاً من أجل خلق شروط صحية ومتكافئة وعادلة للتفاوض، سعياً إلى سلام حقيقي ينتهي بدولة فلسطينية كاملة الحقوق على كل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس. وقال الغانم في كلمته إن «صفقة القرن وُلدت ميتة وأي خطاب غير ذلك مرفوض». وأضاف، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية: «نيابة عن كل الشعوب العربية والإسلامية وكل شرفاء وأحرار العالم أقول إن هذه وثائق ومستندات ما تسمى بصفقة القرن ومكانها الحقيقي هو مزبلة التاريخ»، ثم رمى الوثائق التي كان يحملها في يده في سلة المهملات تحت قدمه وسط تصفيق الحاضرين.
ونقلت الوكالة الفرنسية عن مصادر رسمية أردنية أن الاجتماع عُقد بطلب من الأردن وبمشاركة ممثلي عشرين برلماناً عربياً بينهم 16 رئيس برلمان منهم رئيس مجلس الشعب السوري حمودة الصباغ.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».