التوتر بين موسكو وواشنطن ينتقل مجدداً إلى فنزويلا

ترمب يستقبل غوايدو... ولافروف يزور كاراكاس ويستعرض دعمه لمادورو

سيرغي لافروف مع نظيره الفنزويلي خورخي ارييزا في كاراكاس أمس (رويترز)
سيرغي لافروف مع نظيره الفنزويلي خورخي ارييزا في كاراكاس أمس (رويترز)
TT

التوتر بين موسكو وواشنطن ينتقل مجدداً إلى فنزويلا

سيرغي لافروف مع نظيره الفنزويلي خورخي ارييزا في كاراكاس أمس (رويترز)
سيرغي لافروف مع نظيره الفنزويلي خورخي ارييزا في كاراكاس أمس (رويترز)

يزداد التوتر يوما بعد يوم بين روسيا والولايات المتحدة بشأن فنزويلا التي تلعب فيها شركات النفط الروسية والمستشارون العسكريون الروس دورا مهما في دعم حكومة الرئيس نيكولاس مادورو الاشتراكية. ومقابل الدعم الروسي اعترفت الولايات المتحدة وعشرات الدول بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، الذي يحاول الإطاحة بمادورو، كرئيس للبلاد. وفرضت واشنطن عقوبات على فنزويلا في محاولة لإسقاط مادورو.
وانتقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خلال زيارة للمكسيك قبل وصوله إلى فنزويلا «الاستفزازات» الأميركية ومحاولات خلق ما وصفه بأنه ذريعة للتدخل العسكري ومحاولات عزل مادورو ووصفها بأنها «غير مجدية». وقال إن تهديدات واشنطن لفنزويلا لها أثر عكسي. وقال إن الولايات المتحدة «تهدد بأن كافة الخيارات على الطاولة». وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء نقلا عن لافروف «لا يمكن لأحد حل مشكلات الفنزويليين نيابة عنهم لكن الآخرين قد يحاولون منعهم من التفاوض. نرى أن مثل هذه المحاولات تهدف لخلق ذريعة لتدخل عسكري». وأضاف: «تتفق روسيا والمكسيك على أن هذا غير مقبول بالمرة».
وحذّرت الولايات المتحدة فنزويلا من تبعات أي محاولة لمنع زعيم المعارضة خوان غوايدو من العودة إلى بلاده بعد انتهاء زيارة قام بها إلى واشنطن. وقال المبعوث الأميركي لشؤون فنزويلا إليوت أبرامز للصحافيين، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية: «نأمل أن يأخذ النظام بالحسبان، خاصّة بعد هذه الرحلة، بأنّ الدعم لغوايدو قوي وبأنّ أي عمل يستهدفه سيأتي بنتائج عكسيّة على النظام». وأضاف للصحافيين: «نحن قلقون بهذا الشأن ونأمل أن يعود سالماً». وعندما سئل عن طبيعة الرد الأميركي على أي مسّ بغوايدو، أجاب أبرامز: «نحن على أهبة الاستعداد». وغوايدو، الذي تعتبره الولايات المتحدة ودول غربية أخرى رئيسا انتقاليا، أجرى زيارة مفاجئة إلى واشنطن؛ حيث حضر خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الثلاثاء، ولقي حفاوة هائلة في الكونغرس. واستقبل ترمب لاحقاً غوايدو في البيت الأبيض حيث عومل معاملة الرؤساء. وانتقدت حكومة مادورو استقبال غوايدو في واشنطن، لكنّ السلطات الفنزويلية في الماضي كانت تسمح لزعيم المعارضة بالتحرّك بحرّية على الرّغم من الدعم الأميركي له. ولم يردّ غوايدو الخميس، بعد لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، على تساؤلات الصحافيين حول ما إذا كان ينوي العودة إلى فنزويلا.
كما تدرس الولايات المتحدة فرض عقوبات على روسيا وسط تقارير عن أن واشنطن يمكن أن تستهدف شركة النفط الحكومية روسنفت لعلاقتها الوثيقة المتزايدة مع فنزويلا، وإن كان المسؤولون الأميركيون يشعرون بالقلق من أن تؤدي هذه الخطوة إلى شيوع الفوضى في أسواق النفط العالمية. ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن مصادر مطلعة قولها إن مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية يشعرون بالقلق من أن يؤدي فرض العقوبات على أكبر شركة لإنتاج النفط في روسيا إلى ارتفاع أسعار النفط. وكانت الإدارة الأميركية فرضت عقوبات مشددة على فنزويلا في إطار مساعي واشنطن للإطاحة بالرئيس مادورو، ولكن قطاع النفط في البلاد ما زال يعمل. وكان مسؤول كبير بالإدارة الأميركية صرح أول من أمس الأربعاء، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية، بأن واشنطن تدرس تشديد العقوبات على مادورو خلال الأيام الثلاثين المقبلة. وأوضح روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأميركي، أن الولايات المتحدة تدرس «عن كثب» إمكانية اتخاذ إجراءات ضد شركة روسنفت، وأنه سوف «يتخذ، على الأرجح، إجراء خلال المستقبل القريب في هذا الصدد». وجدير بالذكر أن النفط الخام يمثل 95 في المائة من صادرات فنزويلا، وتصل عائداته إلى نظام مادورو. ويرأس مادورو اقتصادا متداعيا فيما يجهد الكثير من الفنزويليين للحصول على السلع الضرورية وملايين المواطنين يفرون من البلاد. روسيا وحليفتها المجاورة الصين أقوى دولتين تدعمان فنزويلا؛ حيث قدمتا مليارات الدولارات، في شكل قروض ومساعدات أخرى، لاقتصاد فنزويلا المتخم بالأزمات.
لكن جهود غوايدو للإطاحة بمادورو من خلال الاحتجاجات في الشارع تلاشت، فيما فشلت العقوبات الأميركية في إزاحة الزعيم اليساري الذي لا يزال يتمتع بدعم الجيش إضافة إلى دعم روسيا والصين. وصرح أبرامز بأن الولايات المتحدة ستتخذ قريبا إجراءات ضد روسيا. وقال أبرامز إن «روسيا قد تكتشف قريبا أن دعمها المتواصل لمادورو لن يبقى دون كلفة»، رافضا التعليق بشأن أي خطة لاستهداف روسنفت.
وأضاف: «على الآخرين الذين يواصلون الربح من مادورو أو دعمه، الحذر». وتابع: «سوف ترون خطوات تتكشف في الأسابيع المقبلة تظهر جدية نوايانا في فنزويلا».
ويرى مراقبون أن زيارة لافروف لفنزويلا للقاء الرئيس مادورو هي نوع من الاستعراض لدعم الزعيم المحاصر بعد يومين من استقبال ترمب لزعيم المعارضة غوايدو في البيت الأبيض. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن زيارة وزير الخارجية تهدف إلى تعزيز العلاقات في مجموعة متنوعة من المجالات، من الزراعة والطب إلى الطاقة والدفاع. وفي إشارة إلى الاضطرابات في فنزويلا، أكدت زاخاروفا أن روسيا تدعم «آفاق إيجاد حلول سياسية للخلافات الداخلية.. دون تدمير، ناهيك عن التدخل العسكري الخارجي».
لكن جهود غوايدو للإطاحة بمادورو من خلال الاحتجاجات في الشارع تراجعت، فيما فشلت العقوبات الأميركية في إزاحة الزعيم اليساري الذي لا يزال يحظى بدعم الجيش وروسيا والصين وكوبا.
وبعد ساعات على لقاء غوايدو ترمب، أوقفت السلطات الفنزويلية ستة رجال يحملون جنسيتين، هم مسؤولون في مؤسسة «سيتغو» الفرع الأميركي لشركة النفط الوطنية الفنزويلية. والمسؤولون الذين أخلي سبيلهم قبل شهرين، أودعوا السجن مجددا في المركز التابع للاستخبارات الفنزويلية بحسب عائلاتهم. وأعلن غونزالو هيميوب مدير منظمة «فورو بينال» الفنزويلية غير الحكومية التي تعنى بالدفاع عن حقوق السجناء، كما نقلت الصحافة الفرنسية، «أودعوا السجن مجددا للرد على ما يبدو على اتهامات جديدة». وقال أليريو رافائيل زامبرانو الذي أوقف شقيقاه إنهما «فجأة» اقتيدا من منزلهما.
وكتب في تغريدة: «نطالب بمعرفة مكان وجودهما لكننا نطالب خصوصا بالإفراج عنهما!».
وأعلن أبرامز أن توقيت الاعتقال «مشبوه» وأن الولايات المتحدة قلقة جدا لسلامة رعاياها الستة. وأضاف: «ندين هذا العمل الفظيع ونطالب بإنهاء احتجازهم الظالم وبأن يسمح لهم بمغادرة فنزويلا». وكانوا اعتقلوا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 واتهموا بجرائم تشمل تبييض الأموال.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.