منظمة «حظر السلاح الكيماوي» تنتقد مفتشين شككا في «تقرير دوما»

TT

منظمة «حظر السلاح الكيماوي» تنتقد مفتشين شككا في «تقرير دوما»

انتقدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، الخميس، مفتشين سابقين لديها لتسريبهما وثائق سرية تشكك في النتائج التي توصلت إليها الوكالة حول هجوم بالكلور عام 2018 في مدينة دوما، غرب غوطة دمشق.
وقال فرناندو آرياس، رئيس المنظمة التي تتخذ من لاهاي مقراً، إن «المفتشين ألف وباء ليسا مبلغين؛ إنهما شخصان لم يتمكنا من تقبل أن وجهة نظرهما ليست مدعمة بالأدلة».
وأعلن آرياس، في أواخر مايو (أيار) 2019، عن تحقيق للنظر في تسريب وثيقة داخلية تحققت مما خلصت إليه المنظمة حول هجوم دوما في أبريل (نيسان) 2018 الذي أودى بحياة 40 شخصاً.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، دافع آرياس مرة أخرى عن التقرير، بعد تسريب ثانٍ عبر موقع «ويكيليكس» الذي نشر رسالة بريد إلكتروني من أحد أعضاء فريق التحقيق في دوما. واتهمت تلك الرسالة منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية بتغيير النتائج الأصلية للمحققين لجعل الدليل على حدوث هجوم كيماوي يبدو قاطعاً أكثر.
وحملت دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة، حكومة الرئيس بشار الأسد مسؤولية الهجوم. ورفضت سوريا وروسيا تقرير المنظمة، واستندتا إلى التسريبات لدعم تأكيدهما أن هجوم دوما مختلق لخلق ذريعة لعمل عسكري غربي. وتسلحت موسكو، أبرز حلفاء دمشق، وحلفاؤها بالتسريبين للتشكيك بتحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وانتقد آرياس بشدة تصرفات المفتشين، قائلاً: «عندما لم تتمكن وجهة نظرهما من تحقيق تقدم، تصرفا بشكل فردي، وخرقا التزاماتهما تجاه المنظمة». وأضاف: «سلوكهما أكثر فظاعة لأنه من الواضح أن معلوماتهما عن تحقيق دوما كانت غير مكتملة».
ولم تسمِ المنظمة المفتشين، بل أشارت إليهما بـ«المفتش أ» و«المفتش ب»، وقالت إنهما «رفضا التعاون مع التحقيق»، وأضافت «المفتش (أ) لم يكن عضواً بمهمة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة (...)، ولعب دوراً ثانوياً مسانداً في التحقيق بواقعة دوما».
وقال تقرير المنظمة إن «المفتش أ» خدع أساتذة جامعات فيما بعد للاعتقاد بأنهم يساعدون المنظمة في دراسة هندسية حول أسطوانات كلور عثر عليها في دوما. وسافر خارج هولندا مرتين لمقابلة الأساتذة، وأعطاهم ذاكرة فلاش تحتوي، وفقاً لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، على معلومات سرية «محمية للغاية»، ثم استخدم تقرير الأساتذة في مسودة تقييم خاصة به لما حدث في دوما.
وظهرت نسخة من المسودة في وقت لاحق على مواقع إلكترونية ووسائل إعلامية تشكك بانتظام في الروايات الغربية حول سوريا.
و«المفتش باء» سافر إلى سوريا في أبريل (نيسان) عام 2018، بعد اختياره للمشاركة في مهمة تقصي الحقائق للمرة الأولى. وقالت المنظمة: «لم يغادر أبداً مركز القيادة في دمشق لأنه لم يكمل التدريب المطلوب للانتشار في الموقع في دوما».
وبعد مغادرته منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في أغسطس (آب) 2018، أظهر «المفتش ب» الذي شارك في صياغة تقرير مؤقت حول حادثة دوما «رغبة في الاستمرار في الوصول إلى تحقيق دوما والتأثير فيه»، رغم أن مهمة تقصي الحقائق قامت بجل أعمالها بعد ترك المفتش لعمله، وفق المنظمة.
وقال التقرير النهائي الذي أصدرته المنظمة في مارس (آذار) إن هناك «أسساً منطقية» للاعتقاد بأن مواد كيماوية سامة تحتوي على «الكلور التفاعلي» استخدمت في الهجوم.
وأضاف أن أسطوانتين من المرجح أنهما تحتويان على المواد الكيماوية ألقيتا على مجمع سكني في دوما كان مقاتلون معارضون يسيطرون عليه في حينه.
وأشار التقرير إلى تحليل للمقذوفات يفيد بأن أسطوانتي الغاز اللتين عثر عليهما في مكان الهجوم ألقيتا على الأرجح من الجو.
وقال آرياس إنه «يتمسك بنتائج تقرير دوما النهائية»، بعدما أطلع الخميس الدول الأعضاء في المنظمة على الأمر.
وسيطرت قوات النظام السوري في 14 أبريل (نيسان) 2018 بالكامل على منطقة الغوطة الشرقية، بعد إجلاء آلاف المقاتلين من مدينة دوما التي شكلت أبرز معاقل الفصائل المعارضة قرب دمشق منذ عام 2012.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.