مشاورات تشكيل الحكومة التونسية تدخل منعطفاً جديداً

الرئيس يغيب عن قمة الاتحاد الأفريقي لأسباب صحية

TT

مشاورات تشكيل الحكومة التونسية تدخل منعطفاً جديداً

دخلت مشاورات تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، أمس، منعطفا جديدا في مسار تركيبة الائتلاف الحاكم، بعد تنظيم أول لقاء بين رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، ووفد سياسي يمثل حزب قلب تونس، برئاسة نبيل القروي. وبذلك يسدل الستار على ملف رفض مشاركة «قلب تونس» في الحكومة الجديدة، بعد أن تنازل الفخفاخ عن شرطه الذي وضعه عند بدء المشاورات، والمتمثل في إقصاء قلب تونس، المتهم بالفساد.
وعلى إثر هذه الانفراجة التي شكلت حجر عثرة أمام سير المفاوضات، انطلقت أمس المشاورات مجددا بنفس جديد، وأكد الفخفاخ أنها ستتواصل إلى نهاية اليوم السبت، وذلك بعد تلقي مقترحات الأحزاب حول البرنامج الحكومي، والأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية في الحكومة المقبلة.
ووجه الفخفاخ الدعوة لنبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس» ولعبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر، لاطلاعهما على فحوى المشاورات التي تمت مع الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، المكون من 10 أحزاب، تتزعمها حركة النهضة. علاوة على تقديم محتوى مذكرة البرنامج الحكومي للتفاعل معها.
وكان نبيل القروي قد قاد وفدا مكونا من القياديين عياض اللومي ومحمد الصادق جبنون، فيما واصلت عبير موسى رفضها المشاركة في الائتلاف الحاكم، بدعوى وجود «الإخوان». في إشارة إلى حركة النهضة (إسلامية).
وإثر اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المكلف بقيادات «قلب تونس»، أكد القروي أن حزبه لن «يطالب الآن بحقائب وزارية، ولا بدخول الحكومة». مشددا على ضرورة انتظار ما سماه «الكاستينغ»، والتوجه السياسي والائتلاف الحكومي لتحديد موقف حزبه من الحكومة المنتظرة.
وأضاف القروي موضحا: «لدينا برنامج وعقيدة سياسية. وما يهّمنا هو مقاومة الفقر ومساعدة المواطنين، الذين عبروا عن آلامهم ومعاناتهم... بعد أن أصبحنا من أفقر بلدان العالم. لقد صرحنا قبل سنة بأن مشكلة تونس لن تحل إلا بمقاومة الفقر، فاتهمونا بالشعبوية، وأطلقوا علينا اسم حزب المعكرونة»، على حد قوله.
وتابع القروي بنبرة متهكمة: «نرجو أن تتمكن الحكومة المقبلة من توفير صحن معكرونة لكلّ مواطن تونسي»، معتبرا أن «تأمينه سيعد أفضل معادلة لخروج تونس من أزمتها الحالية».
من جهته، أكد رئيس الحكومة المكلف أثناء مغادرته دار الضيافة بقرطاج، أنه سيتحدث قريبا للإعلام بخصوص مشاورات تشكيل الحكومة. لكنه رفض الإجابة عن سؤال حول تغيير موقفه من إشراك حزب «قلب تونس» في تركيبة الحكومة، ودعوته للانضمام إلى مشاورات التشكيل، بعد الاجتماع الثلاثي الذي جمعه أول من أمس بكل من راشد الغنوشي ونبيل القروي.
في غضون ذلك، أفادت رئاسة الجمهورية بأن الرئيس قيس سعيد سيلازم الراحة التامة لمدة أربعة أيام، ابتداء من الجمعة بتوصية من طبيبه المباشر، نتيجة إصابته بالتهاب حاد في الحنجرة. وكلف الرئيس صبري باشطبجي، الوزير المكلف، بتسيير وزارة الشؤون الخارجية، بتمثيله في القمة العادية 33 للاتحاد الأفريقي، التي ستنعقد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا غدا وبعد غد الاثنين.
وكانت إشاعة مرض راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان، قد غطت بداية هذا الأسبوع على مشاورات تشكيل الحكومة، وهو ما جعل الغنوشي وقيادات حزبه تسارع إلى تكذيب هذا الخبر، وتؤكد سلامته، ومواصلة نشاطه الحزبي والسياسي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».