«ازدهار أفريقيا»... محاولة أميركية لمزاحمة روسيا والصين في القارة السمراء

TT

«ازدهار أفريقيا»... محاولة أميركية لمزاحمة روسيا والصين في القارة السمراء

نظم مئات من رجال الأعمال الأميركيين والأفارقة لقاءات يومي الخميس والجمعة في تونس ضمن مؤتمر اقتصادي يهدف إلى دعم العلاقات التجارية والاستثمارية المشتركة بين واشنطن وقارة أفريقيا.
وتأتي اللقاءات في إطار مجموعة من التظاهرات بمسمى «قمة ازدهار أفريقيا»، وتسعى الحكومة الأميركية من خلالها إلى تطوير تواجدها في القارة الأفريقية التي تشهد نمواً اقتصادياً لافتاً.
وقال نائب الوزير الأميركي للتجارة، جوزيف سمسار، في كلمة افتتاح الملتقى، إن واشنطن تريد أن تجمع «في هيكل واحد، كل الوسائل التي وضعتها الحكومة الأميركية لتطوير التجارة والاستثمار... وتكون الشركات الأفريقية والأميركية مرتبطة بمزودين وعملاء جدد وبمجالات استثمارية».
جمع المؤتمر 450 شركة، خمسون من بينها أميركية، وشركات عالمية على غرار «ميكروسوفت» و«هاليبورتن» و«جنرال إلكتريك»، بالإضافة إلى بنوك وكثير المؤسسات الاقتصادية التي تنشط في دول أفريقية منذ زمن طويل.
وتم تنظيم حلقات نقاش تتعلق بمواضيع تهم قطاعات التجديد والإنتاج والتوزيع والكهرباء والإنتاج الغذائي والفلاحي والصحة، فضلاً عن اللقاءات المباشرة بين رجال الأعمال. ويقول عصام بن يوسف، مدير شركة «صوريبات» التونسية المتخصصة في البناء وتشييد الطرقات، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن تواجده من أجل «البحث عن شراكات».
ويبلغ التبادل التجاري الثنائي بين واشنطن ومجموع دول القارة الأفريقية 62 مليون دولار في عام 2018، وفقاً لإحصائيات رسمية.
وتقول المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماريسا سكوت توريس، لوكالة الصحافة الفرنسية: «تتعهد الحكومة الأميركية بخمسين مليون دولار لتنفيذ برنامج ازدهار أفريقيا. يمكن أن يكون هذا قليلاً، لكنه مفتاح لفتح باب التبادل التجاري والاستثمارات».
وتم الإعلان عن برنامج «ازدهار أفريقيا» أواخر عام 2018 من قِبل إدارة ترمب كردة فعل على المنافسة «الشرسة» من قِبل الروس والصينيين في أفريقيا.
وفي سياق منفصل، قال مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي، في تصريحات برلمانية بثها التلفزيون الجمعة، إن عجز ميزان المعاملات الجارية لتونس تقلص إلى 8.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع أكثر من 11 في المائة قبل عام.
وترافق تراجع العجز مع ارتفاع بين ثمانية وتسعة في المائة في قيمة الدينار التونسي أمام كل من الدولار الأميركي واليورو في الأشهر الستة الأخيرة بعد تراجع لسنوات.
وكان البنك المركزي التونسي قال مساء الخميس، إنه أبقى سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 7.75 في المائة. ورفع البنك الفائدة إلى ذلك المستوى من 6.75 في المائة في فبراير (شباط) 2019 بهدف احتواء التضخم المرتفع.
من جهة أخرى، تراجعت نسبة التضخم في تونس للشهر الثالث على التوالي لتصل إلى 5.9 في المائة في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وأشارت بيانات للمعهد الوطني للإحصاء نشرت الخميس، إلى استمرار وتيرة الانخفاض في نسبة التضخم بعد أن كانت في حدود 6.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) و6.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين.
وأرجع المعهد هذا التراجع إلى انخفاض وتيرة ارتفاع أسعار مجموعة التغذية والمشروبات من 5.8 في المائة في المائة خلال الشهر السابق، مقابل 4.4 في المائة في يناير.
كما قال العباسي الجمعة، إن تراجع إنتاج الفوسفات كلف الدولة التونسية 6.7 مليار دولار على مدى الأعوام الستة الأخيرة. وتعد صادرات الفوسفات أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، لكن مستويات الإنتاج تراجعت منذ ثورة 2011.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.