«الليرة بخير» حفل غنائي يواكب الوضع الاقتصادي المتأزم

مقابل مبلغ مالي رمزي يبدأ بورقة الـ1000 ليرة، فتح مسرح «ميترو المدينة» أبوابه أمام هواة سماع الموسيقى، ليحضروا حفلا غنائيا لفرقة الراحل الكبير بعنوان «الليرة بخير».
وتأتي هذه المبادرة التي تتبعها إدارة المسرح في غالبية عروضها الفنية بمثابة تقليد انطلقت به منذ قيام الحراك المدني في لبنان في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الفائت وعنونته «قد ما بدك بتدفع».
ويقول خالد صبيح من فرقة الراحل الكبير التي أحيت حفلا غنائيا مساء أمس الجمعة، وسيقدم آخر في 17 من الحالي على خشبة (تياترو المدينة): «إن إدارة المسرح تتبع هذا النظام منذ 17 أكتوبر الفائت كي تتيح الفرصة أمام أكبر عدد من المقيمين في لبنان لسماع الموسيقى والأغاني وحتى مشاهدة المسرحيات». ويتابع صبيح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تم تحديد مبلغ ألف ليرة كثمن بطاقة الدخول لأي حفل. وهو سعر رمزي بحد ذاته. ولكن المفاجئ في المقابل هو، أن البعض لا يتوانى عن دفع مبالغ تتراوح ما بين 50 و100 و150 ألف ليرة دعما منه لمسرح يتفهم أوضاع زبائنه المتأثرة ميزانياتهم بأزمة اقتصادية كبيرة».
وفي الحفل تابع الحضور برنامجا فنيا غنيا بأعمال فرقة «الراحل الكبير» ولا سيما الجديدة منها والتي تتناول موضوعات أثارها الحراك المدني في مطالبه الحياتية.
فالمعروف عن هذه الفرقة اختيارها لكلمات أغانيها من يوميات الناس ومشاعرهم ومعاناتهم. واستهلت الحفلة بإلقاء بيان مغنى بنفس أسلوب البيانات الصادرة عن الأحزاب والجهات السياسية في لبنان. «هذه البيانات عادة ما تكون منفصلة تماما عن الواقع الذي نعيشه إذ يتحدث فيها أصحابها عن إنجازاتهم بدلا من أن يتطرقوا إلى وجع الناس وحقوقهم المهدورة». وبعد البيان مباشرة افتتح الحفل بأغنية مصرية بعنوان «دين الجدعنة» لمصطفى إبراهيم وليأتي بعدها أخرى لعمر الخيام (حظ الفتى) من ألحان سماح أبو المنى.
لماذا إطلاق اسم «الليرة بخير» على الحفل؟ يردّ خالد صبيح في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هي عنوان أغنية نفذناها قبل ثورة تشرين بأيام قليلة عندما استشعرنا أن هناك وضعا ماليا غير مستقر في لبنان، وأنه رغم ذلك يخرج المسؤولون الماليون، ليعلنوا العكس أمام وسائل الإعلام. والأغنية تحكي عن الصعوبات التي يواجهها اللبناني في مسألة قروض الإسكان والبطالة وغلاء الأسعار وإلى ما هناك من موضوعات تتعلق بالعمالة والتخوين».
ويأتي برنامج الحفل ليكون بمثابة قصة متسلسلة تتضمن أغنيات تحاكي أوضاع اللبنانيين وتعرض بكلماتها موضوعات آنية. ومن بينها «لا حول ولا» والتي سجلتها الفرقة قبل الثورة بأسابيع قليلة حول منع حرية التعبير. وفي أغنية «نشيد الطفل المعجزة» يثار موضوع الوراثة السياسية التي لم تعد تقتصر في لبنان على الأب والابن لا بل تطال باقي أفراد العائلة.
ويقول خالد صبيح معلقا: «جميع هذه الأغاني تسرد مشكلاتنا الحيوية بأسلوب ساخر محبب إلى قلوب الناس فتحاكيهم بلسان حالهم وبأسلوب المواربة».
وفي أغنية «كلن يعني كلن» التي ولدت في زمن الحراك المدني في عام 2015 ضد مشكلة النفايات في لبنان، عرض لمدى البعد والانفصال الذي يمارسه المسؤولون عن أرض الواقع تجاه حاجات اللبنانيين الملحة. أما في أغنية «موعد مع السفير» التي تؤديها ساندي شمعون من الفرقة، فحوار مغنى يجري بينها كمواطنة ترغب في الهجرة وسفير إحدى البلدان الأجنبية، الذي لا يستوعب سبب امتعاضها من الحالة في بلادها.
وفي موضوع الطب النفسي تتطرق إحدى الأغنيات (موعد مع الحكيم) إلى لجوء عدد كبير من اللبنانيين إلى العلاج النفسي بعد أن فشلوا في مغادرة بلدهم.
ويختم خالد صبيح: «إننا كموسيقيين نحاول نقل واقع نعيشه كغيرنا من اللبنانيين. واهتماماتنا لا تختلف عن اهتماماتهم. وبما أننا لسنا اليوم بوارد التحدث عن فلسفة الجمال لدى هيغل والفلسفة الغربية، وتأثير نيتشه عليها فكان لا بد من تناولنا حياتنا اليومية، والتي لا تقتصر طبيعة تفاصيلها على لبنان فقط بل تنطبق على عدد كبير من البلدان العربية».