سلامة يتحدث عن تقدم في «حوار جنيف»... ويطالب بـ«التزام الطرفين»

غرب ليبيا يحبذ «الحوار مع الأجنبي»..... وشرقها يعوّل على «دول الجوار»

غسان سلامة في المؤتمر الصحافي الذي احتضنته جنيف حول ليبيا أمس (رويترز)
غسان سلامة في المؤتمر الصحافي الذي احتضنته جنيف حول ليبيا أمس (رويترز)
TT

سلامة يتحدث عن تقدم في «حوار جنيف»... ويطالب بـ«التزام الطرفين»

غسان سلامة في المؤتمر الصحافي الذي احتضنته جنيف حول ليبيا أمس (رويترز)
غسان سلامة في المؤتمر الصحافي الذي احتضنته جنيف حول ليبيا أمس (رويترز)

قال المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة إن الوفدين المعنيين ببحث المسار العسكري، اللذين اجتمعا في جنيف (5+5) على مدى ثلاثة أيام، «يشعران بأهمية تحويل الهدنة إلى وقف إطلاق نار دائم»، ورأى أن تحقيق ذلك «يتطلب التزامات من الطرفين».
وأضاف سلامة في مؤتمر صحافي من جنيف أمس، بثته البعثة عبر صفحتها، أن «الاجتماعات بين الطرفين خلال اجتماعات جنيف لم تكن مباشرة، ولم نكن نضغط باتجاه تحقيق ذلك»، لافتاً إلى أن «المسار العسكري هو أحد المسارات التي نحاول تنظيمها تنفيذا لقرارات مؤتمر برلين».
في سياق ذلك، نوّه سلامة إلى «محاولة التوصل إلى تفاهمات بشأن السلاح الثقيل ومصير المجموعات المسلحة وعودة النازحين»، مضيفاً: «نأمل بمشاركة الشخصيات المدعوة من الجانبين في المسار السياسي في 26 فبراير (شباط) الحالي في جنيف»، وأعلن أنه «سيكون هناك اجتماع في القاهرة للمشاركين في المسار الاقتصادي» في التاسع من الشهر ذاته.
وتوقع سلامة أن يتسلم اليوم (أمس) قائمة مطالب من زعماء قبائل في شرق البلاد لإعادة فتح موانئ النفط المغلقة، لافتاً إلى أنه «تحدث مع زعماء القبائل المتحالفة مع (الجيش الوطني) الليبي أمس، وطلب منهم تحديد مطالبهم».
في سياق ذلك، ووسط تسارع الجهود الدولية بحثاً عن حل للأزمة الليبية، عبر مزيد من اللقاءات والمؤتمرات الخارجية، بدا أن للموالين للقوتين المتنازعتين في شرق وغرب البلاد اهتمامات متباينة، إذ دعت أطراف سياسية بمجلس النواب إلى ضرورة «الاعتماد أكثر على دول الجوار الليبي». في حين فضلت (الهيئة الطرابلسية) الاتجاه نحو السويد، أو أي دولة من الدول الإسكندنافية.
وتشهد دول الجوار الليبي تعاطياً متزايداً مع الملف الليبي، إمّا في صورة اجتماعات على المستوى الرئاسي أو وزراء الخارجية، أو اتصالات مكثفة منفتحة على العالم، بحثاً عن حل يجنب البلاد مزيدا من الانهيار، ويحول دون «التدخلات الخارجية الملحوظة».
ودعا عبد السلام نصية، عضو مجلس النواب الليبي أمس، إلى إعطاء فرصة لدولة الجزائر كي تلعب دور الوسيط باتجاه أزمة بلاده، مطالباً بـ«عدم التسرع في إصدار الأحكام السياسية بشأن دورها في حلحلة الأوضاع في ليبيا».
وقال نصية في «تغريدة» نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «اتركوا الجزائر تقوم بدور الوسيط في ليبيا، ولا تتسرعوا في إصدار الأحكام السياسية... الجزائر لم تتدخل سلبياً في البلاد، ولم تتلطخ يداها بدماء الليبيين». وانتهى نصية، الذي سبق أن ترأس لجنة للحوار الوطني، قائلاً: «لعل حكمة الجزائر وتجربتها في الوئام الوطني تكون البلسم لعلاج المشكلة الليبية، وحقن دماء الليبيين».
وبحث وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم مجمل الأزمة الليبية، خلال زيارة إلى ليبيا بدأها أول من أمس، والتقى خلالها مسؤولين في شرق البلاد، وفي مقدمتهم القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ونظيره بالحكومة المؤقتة، عبد الهادي الحويج.
من جهته، قال خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، لـ«الشرق الأوسط» إن «دول الجوار الليبي جديرة بحل الأزمة في البلاد»، وأثنى على الدور الذي تلعبه العديد من الدول العربية، ومن بينها مصر.
ومنذ انطلاق «لجنة حوار المسار السياسي» في جنيف، تحدث عدد من أعضاء مجلس النواب عن عدم جدواه، مشيرين إلى أنه «يستهدف إطالة أمد الأزمة في البلاد». وفي هذا السياق، قال طارق الجروشي، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالمجلس، إن مسار جنيف «سيكون محفوفاً بالكوارث والمخاطر الأمنية، وموقف مجلس النواب سيكون ضعيفاً».
وأوضح الجروشي أنه من خلال إحاطة الدكتور إحميد حومة، النائب الثاني لرئيس المجلس، حول لقائه بالمبعوث الأممي في تونس فإن «آلية اتخاذ القرار في اللجان ستكون بالتوافق، وفي حال عدم التوافق سيتم اللجوء إلى التصويت»، لافتا إلى أن «اللجنة المشكلة ستمثل جسما تأسيسيا لسلطة مطلقة، الأمر الذي سيجعل مجلس النواب مهمشاً بالكامل، وبالتالي لن يكون لقواتنا المسلحة أي غطاء شرعي».
وطلب الجروشي بأن يضع مجلس النواب آلية وشروطاً يدار بها الحوار في جنيف، مشدداً على أنه «يجب انتظار نتائج حوار (5+5) الأمني العسكري»، قبل أن يتمسك «بحق مجلسه جهة التصديق على ما يسفر من نتائج حوار جنيف».
وتنبع فكرة الذهاب بالقضية الليبية إلى خارج حدودها الإقليمية من بعض الأطياف الليبية، التي تولي وجهها نحو الغرب منذ إسقاط القذافي، وهو ما سمح إلى حد ما بتوسيع النفوذ الدولي في ليبيا. وجزء من ذلك عبرت عنه ما تسمى «الهيئة الطرابلسية» فور إعلان المبعوث الأممي غسان سلامة أن لجنة «الحوار الاقتصادي»، أحد مخرجات مؤتمر برلين، ستعقد اجتماعاتها بالقاهرة. وقد أبدت «الهيئة» رفضاً مطلقاً بإقامة أي حوار على الأراضي المصرية، بقولها: «نحن في حالة حرب مع مصر»، لكن في الوقت ذاته عينها خارج الحدود الإقليمية، حيث دولة السويد.
وطالبت «الهيئة الطرابلسية»، وهي تجمع من مؤسسات المجتمع المدني، في مذكرة وجهتها إلى رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا، بخصوص الحوار الاقتصادي المرتقب إقامته في مصر، بأن إجراء أي حوار «يجب أن يتم إما داخل ليبيا، أو في إحدى الدول التي تتسم بالحيادية مثل السويد أو إحدى الدول الإسكندنافية الأخرى».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.