باريس في مواجهة معضلة متطرفيها في سوريا والعراق

محكومون بالإعدام يشكون السلطات الفرنسية أمام لجنة مناهضة التعذيب الدولية

بعض اليتامى الروس الـ35 المرتبطين بتنظيم «داعش» لدى وصولهم إلى القامشلي أمس بعد نقلهم من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
بعض اليتامى الروس الـ35 المرتبطين بتنظيم «داعش» لدى وصولهم إلى القامشلي أمس بعد نقلهم من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

باريس في مواجهة معضلة متطرفيها في سوريا والعراق

بعض اليتامى الروس الـ35 المرتبطين بتنظيم «داعش» لدى وصولهم إلى القامشلي أمس بعد نقلهم من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
بعض اليتامى الروس الـ35 المرتبطين بتنظيم «داعش» لدى وصولهم إلى القامشلي أمس بعد نقلهم من مخيم الهول في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

مرة جديدة، تتفجر بوجه باريس مسألة استعادة المتطرفين الفرنسيين أو الذين كانوا يقيمون على الأراضي الفرنسية من المناطق الكردية التي يديرها «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) وذراعه الأمنية والعسكرية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). كذلك تواجه باريس مسألة التعامل مع المتطرفين «الداعشيين» الذين تم نقلهم من سوريا إلى العراق حيث حوكموا الصيف الماضي وصدرت بحق 11 منهم أحكام بالإعدام. وحتى اليوم، لم تجد السلطات الفرنسية الحل الملائم للتعاطي مع هاتين المسألتين اللتين تضعانها في موقف حرج. وفي الوقت عينه، كما تواجه باريس ضغوطاً داخلية وخارجية كبيرة لاستعادة القاصرين من أطفال مقاتلي «داعش» والمحتجزين في معتقلات مع أمهاتهم تخضع لحراسة «قسد» شمال شرقي سوريا. وحتى اليوم، أُعيد إلى فرنسا 17 طفلاً تقل أعمارهم عن ستة أعوام، وفق ما أكده جان إيف لو دريان، وزير الخارجية الذي اختصر موقف بلاده بالقول إنها تدرس «كل حالة على حدة» بخصوص عودة القاصرين الذين يقدّر عددهم بعدة مئات. وفي مرحلة أولى، ركزت باريس على استعادة «اليتامى» ثم وسعت الدائرة لاستعادة صغار السن من بينهم «شرط موافقة أمهاتهم». وبسبب ضغوط العائلات المعنية في فرنسا والمنظمات الإنسانية والحقوقية، قبلت الحكومة الفرنسية بـ«تليين» سياستها رغم المعارضة الكبيرة التي يُظهرها الرأي العام الفرنسي إزاء عودة المتطرفين ونسائهم وأولادهم إلى الأراضي الفرنسية.
بيد أن المسألة التي يتعين على السلطات مواجهتها اليوم تتناول أوضاع الفرنسيين الـ11 المحكوم عليهم بالإعدام شنقاً والذين يرتعون في السجون العراقية. وآخر ما استجدّ بشأنها أول من أمس، أن محامي خمسة منهم واسمه نبيل بودي، تقدم باسم موكليه بشكوى إلى «لجنة مناهضة التعذيب» التابعة للأمم المتحدة لتطلب من الحكومة الفرنسية توفير الرعاية القنصلية لهم من جهة ولإعادتهم إلى فرنسا من جهة أخرى. وحسب بودي، فإن «فرنسيين يخضعون لمعاملة غير إنسانية ومهينة»، ورغم أن السلطات الفرنسية على علم بذلك، «فإنها لا تحرك ساكناً لوضع حد لها».
ونتيجة لذلك، فإن المحامي المذكور قدم طلباً للجنة الدولية التي مقرها جنيف بأن تدين الحكومة الفرنسية لرفضها استرجاعهم ومحاكمتهم أمام المحاكم الفرنسية ودعوتها لتوفير الرعاية القنصلية لهم «لئلا يحصل لهم مكروه يصعب تداركه». ثم إن هناك معضلة إضافية تواجه باريس التي ألغت حكم الإعدام منذ بداية الثمانينات وبالتالي فإنها ترفض أن ينفَّذ بحق مواطنيها مثل هذه الأحكام. والرد الفرنسي أن استئناف الأحكام متاح لـ11 جهادياً. والمفارقة أن باريس تضغط على الحكومة العراقية لمنع تنفيذ أحكام صادرة عن محاكمها بعد أن كانت قد تدخلت سابقاً لديها لتقبل تسلم هؤلاء. وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قام لو دريان بزيارة رسمية لبغداد لدراسة إمكانية تسلمها عشرات المتطرفين الفرنسيين المعتقلين لدى أكراد سوريا. ومن الحلول التي طُرحت وقتها إنشاء ما يشبه «المحكمة الدولية» على الأراضي العراقية، لكن ردود فعل الشارع العراقي وبعض الهيئات السياسية وأدت هذه الفكرة وبالتالي عادت المشكلة إلى المربع الأول. وللتذكير، فإن الرئيس الأميركي طلب أكثر من مرة من الأوروبيين استعادة جهادييهم من أكراد سوريا. وحتى اليوم، ترى باريس أنه تتعين محاكمتهم «حيث ارتكبوا جرائمهم» أي في سوريا والعراق. والحال، أن محاكمتهم في المناطق الكردية لا يمكن أن تقوم قانونياً باعتبار أن هذه المناطق ليست «دولة» وأن تسليمهم للدولة السورية يُدخل باريس والعواصم الأخرى في متاهات ربما تعرّضها لاحقاً لعمليات ابتزاز من النظام.
أواخر الشهر الماضي، أصدرت اللجنة الفرنسية الاستشارية لحقوق الإنسان دعوة للحكومة الفرنسية تحثها فيها على استعادة المتطرفين الـ11.
وفي حال رفض السلطات، فإنها تكون قد «ضربت عرض الحائط قيمها والتزاماتها الدولية». وبرأي اللجنة، فإن تسليم هؤلاء للجانب العراقي «يفتقر لأساس قانوني»، كما أن المحققين العراقيين يحصلون على اعترافات من الموقوفين بفعل التعذيب. يضاف إلى ذلك، وفق اللجنة، أن نصف المدانين بالإعدام لم يدخلوا العراق قط وبالتالي فإن بغداد «غير مؤهلة لمحاكمتهم». وإلى جانب هذه اللجنة، فإن منظمة «هيومان رايتس»، من جهتها، نددت بالتعذيب الممارَس ضد الموقوفين، بينما جهات أخرى شككت في «جدية» المحاكمات و«نزاهتها» وفي توافر أدنى المعايير المطلوبة، وأسبوعاً وراء أسبوع، تقرع المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر لتلفت النظر إلى أوضاع الأطفال والقاصرين والنساء ومصير المتطرفين في الاعتقال، وتشدد على ضرورة أن تتحلى السلطات الفرنسية «كما سلطات البلدان الأوروبية الأخرى» بالشجاعة واستعادة جهادييها وسَوْقهم إلى محاكمها.
لا شك أن هذا الموضع بالغ الحساسية. ذلك أن استعادة 150 رجلاً وامرأة التحقوا بـ«داعش» وقاتلوا إلى جانبه ليس من المسائل التي يتقبلها الرأي العام ولا الحكومة. وتبيّن كل استطلاعات الرأي الرفض الساحق لعودتهم لأسباب أمنية وأخرى سياسية بالنسبة إلى السلطات. وسبق لوزيرة الدفاع فلورانس بارلي، أن أعلنت أن موت هؤلاء حيث ذهبوا أمر أفضل بكثير من عودتهم إلى فرنسا. كذلك فإن استعادة 300 قاصر ليس أمراً سهلاً. وحتى اليوم، ما زالت باريس تنبه إلى عودة العمليات الإرهابية إلى الأراضي الفرنسية. وكثيرون يرون أن عودة البالغين ومحاكمتهم وسجنهم من شأنه أن يساعد على انتشار الفكر الجهادي لا بل ربما يدفع باتجاه تنشيط العمليات الإرهابية. ولا تستطيع حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، قبل استحقاق الانتخابات المحلية الشهر القادم اتخاذ إجراء من شأنه استثارة اليمين واليمين المتطرف واستخدامهما لهذه الحجة للتنديد بـ«تساهل» الحكومة مع الإرهاب والمتطرفين. وكان لافتاً أن المحاكم الفرنسية قد أصدرت أحكاماً غيابية، الشهر الماضي، بالسجن ما بين 25 و30 عاماً على 19 جهادياً، رجالاً ونساءً، من الذين التحقوا بـ«داعش» ويُظن أنهم قُتلوا في سوريا والعراق. وسمّتهم الصحافة الفرنسية «المتهمين الأشباح» علماً بأن القانون الفرنسي ينص على وقف المحاكمات مع وفاة المتهم. كذلك أصدرت المحكمة أحكاماً بالسجن على خمسة حاولوا الالتحاق بـ«داعش» وحُكم عليهم بالسجن ما بين عامين و12 عاماً.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.