«الناتو» يدرس خفض قواته في أفغانستان مع الانسحاب الأميركي

تحت شعار «ندخل معاً ونخرج معاً»

قوات ألمانية ضمن صفوف «الناتو» خلال حفل تخريج دفعة من القوات الأفغانية في العاصمة كابل (أ.ب)
قوات ألمانية ضمن صفوف «الناتو» خلال حفل تخريج دفعة من القوات الأفغانية في العاصمة كابل (أ.ب)
TT

«الناتو» يدرس خفض قواته في أفغانستان مع الانسحاب الأميركي

قوات ألمانية ضمن صفوف «الناتو» خلال حفل تخريج دفعة من القوات الأفغانية في العاصمة كابل (أ.ب)
قوات ألمانية ضمن صفوف «الناتو» خلال حفل تخريج دفعة من القوات الأفغانية في العاصمة كابل (أ.ب)

أثار قرار إدارة ترمب بسحب آلاف القوات من أطول الحروب الأميركية في نهاية المطاف، نقاشاً داخل الحلف الذي يضم 29 دولة، باتخاذ خطوة مماثلة.
ويدرس حلف شمال الأطلسي (ناتو) سحب آلاف من قواته من أفغانستان، فور بدء الولايات المتحدة رسمياً في خفض تواجدها في البلاد، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون وأوروبيون.
وأثار قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتخفيض عدد القوات الأميركية في نهاية المطاف من نحو 12 ألف جندي إلى نحو 8500، جدلاً داخل الحلف الذي يضم 29 دولة، وكذلك أيضاً الدول الأخرى المساهمة بقوات ضمن القوة الدولية المنتشرة في أفغانستان. وفي حين أن بعض الدول تعتقد أنها في حاجة إلى تخفيض قواتها، ترى دول أخرى، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، أن قواتها يمكن أن تظل في ظل ظروف معينة.
وقال الحلف مراراً إن جهوده مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالولايات المتحدة، وغالباً ما تكون تحت شعار «ندخل معاً ونخرج معاً».
لكن بينما يتطلع المفاوضون الأميركيون إلى إبرام اتفاق سلام جديد مع حركة «طالبان»، يرى البعض في الحلف أن مستقبل «الناتو» في أفغانستان ضعيف، مع دخول الحرب مرحلة جديدة. فقد لقي أكثر من ألف جندي من حلف «الناتو» ودول حليفة أخرى، حتفهم في الحرب المستمرة منذ 18 عاماً. وخاض حلفاء مثل بريطانيا وكندا حملات دامية في جنوب البلاد خلال ذروة الصراع.
وانطلقت محادثات السلام بين الولايات المتحدة و«طالبان» في ديسمبر (كانون الأول)، لكن الطرفين ما زالا غارقين في المفاوضات في الوقت الذي يضغط فيه المفاوضون حول كيفية الحد من العنف أولاً. وتريد الحكومة الأفغانية وقفاً لإطلاق النار، وقلصت حركة «طالبان» بعض الهجمات، ولكن في بعض المدن والطرق الرئيسية فقط.
وحتى من دون اتفاق، قالت الولايات المتحدة إنها ستسحب على الأرجح بعض القوات في الأشهر المقبلة. ورجح ترمب يوم الثلاثاء، خلال خطاب حالة الاتحاد إمكانية خفض عدد القوات في أفغانستان.
وقال «إننا نعمل في النهاية على إنهاء أطول حرب أميركية وإعادة قواتنا إلى الوطن».
ويجادل بعض المسؤولين من الدول الحليفة بأن «الناتو» يمكنه تجنب تخفيضات واسعة النطاق في قواته، التي يبلغ قوامها حالياً نحو 8700 جندي، ما دامت الولايات المتحدة لا تقطع قوات الدعم، بما في ذلك قوات الصيانة وطائرات النقل وفرق الإجلاء الطبي. ويقول المسؤولون الأميركيون إن خطتهم، في الوقت الحالي، هي ترك قوات الدعم هذه في مكانها.
لكن بينما تسعى إدارة ترمب إلى إعادة تشكيل المهمة الأميركية للتركيز أكثر على القتال وبدرجة أقل على تدريب قوات الأمن الأفغانية، يمكن الضغط على وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لخفض قوات الدعم هذه. وإذا حدث ذلك، كما قال مسؤولون بالتحالف، فسيتعين عليهم إعادة التفكير في التزامهم بالحفاظ على قواتهم وشبكة قواعد «الناتو» الحالية.
ووفقاً لخطة خفض القوات الأميركية الحالية، ستحتفظ الولايات المتحدة بما لا يقل عن ست قواعد، بما في ذلك القاعدتان اللتان يقودهما الألمان والإيطاليون في شمال وغرب البلاد، وفقا لمسؤولين بوزارة الدفاع.
وطلب الأميركيون من «الناتو» الإبقاء على مستويات قواته الحالية، لتنفيذ الجزء الأكبر من مهمة التدريب في المستقبل. ويقول بعض المسؤولين الأوروبيين، إنهم يعتقدون أن استمرار الوجود الدولي في أفغانستان ساعد في كبح تدفق المهاجرين واللاجئين إلى خارج البلاد. لكن مع استمرار الحرب، يرغب الكثير من السياسيين في رؤية الحلف وهو يقلل من التزامه في البلاد. وفي السنوات القلائل الماضية، حاولت الولايات المتحدة نقل المزيد من مسؤولية تدريب الجيش الأفغاني إلى «الناتو»، حيث ركزت القوات الأميركية على تدريب قوات الكوماندوز الأفغانية.
وسجل التدريب نتائج متباينة في أحسن الأحوال، حيث كان أبطأ مما يريده أي شخص في التحالف. وأدت الخسائر البشرية الكبيرة والفساد إلى تقويض الجهود التدريبية الأوسع نطاقاً. ولا يزال معدل تناقص الجيش الأفغاني «يفوق التجنيد والاحتفاظ بالقوات»، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن البنتاغون. وقتل أكثر من 50 ألفاً من قوات الأمن الأفغانية منذ عام 2014، ويموت الكثير منهم يومياً في نقاط التفتيش البعيدة في الأراضي التي تسيطر عليها «طالبان».
وقامت دول «الناتو» وحلفاؤها الآخرون الذين يشكلون جزءاً من مهمة «الناتو»، المعروفة باسم «الدعم الحازم»، بتخفيض قواتها، مع بعض الاستثناءات، إلى جانب إدخال بعض التعديلات على مستوى القوات في واشنطن منذ عام 2014، عندما قالت وزارة الدفاع الأميركية إنها تحول تركيزها إلى التدريب.
وقد ركز برنامج «الدعم الحازم» بشكل كلي تقريباً على تدريب الجيش الأفغاني، تاركاً الغارات الجوية والعمليات الهجومية إلى قوات مكافحة الإرهاب الأميركية.
ومن المقرر أن يناقش وزراء دفاع «الناتو» الأوضاع في أفغانستان ومهمة الدعم الحازم خلال اجتماع في بروكسل الأسبوع المقبل. وقبل هذه الاجتماعات، تم إطلاع مسؤولي التحالف على تلك التحركات الشهر الماضي من جانب القائد الأميركي الأعلى في أفغانستان، الجنرال أوستن ميلر، والمبعوث الأميركي للسلام في أفغانستان، زلماي خليل زاد.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.