قتلى في النجف بمواجهات بين المحتجين وأنصار الصدر

دعوات إلى تظاهرات اليوم رداً على اعتداءات طالت طلبة في بغداد

محتجون عراقيون يقطعون طريقاً بالإطارات المشتعلة في النجف أمس (رويترز)
محتجون عراقيون يقطعون طريقاً بالإطارات المشتعلة في النجف أمس (رويترز)
TT

قتلى في النجف بمواجهات بين المحتجين وأنصار الصدر

محتجون عراقيون يقطعون طريقاً بالإطارات المشتعلة في النجف أمس (رويترز)
محتجون عراقيون يقطعون طريقاً بالإطارات المشتعلة في النجف أمس (رويترز)

رغم التأكيدات والإيضاحات المتواصلة التي تصدر عن التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر بشأن الدور الذي يمارسه أفراد مجموعات «القبعات الزرق» التابعة للتيار في ساحات التظاهر والاعتصام، تواصل جماعات الحراك الشعبي والشخصيات الثقافية والمدنية توجيه سهام الانتقادات الحادة لعناصر «القبعات» وتتهمهم بالاعتداء على المتظاهرين والسعي إلى إنهاء الاعتصامات والحراك الاحتجاجي. ونشطت، أمس، الاتحادات الطلابية في الدعوة إلى تظاهرات حاشدة اليوم (الخميس) رداً على الاعتداءات التي تعرض لها بعض الطلبة في ساحة التحرير ببغداد على أيدي عناصر «القبعات» قبل يومين. وجاء ذلك فيما بث ناشطون بعد الظهر مقاطع فيديو لمواجهات واسعة جرت بين عناصر «القبعات الزرق» والمحتجين في مدينة النجف، حيث قام الطرف الأول بإحراق خيم للمحتجين. وسُمع صوت إطلاق نار فيما ترددت معلومات عن سقوط ثمانية قتلى وعشرات الجرحى من بين المحتجين.
وبعد سلسلة تغريدات أطلقها مقتدى الصدر لتقليل الضغوط والانتقادات الموجهة إليه بسبب جملة من المواقف الأخيرة التي أغضبت جماعات الحراك والداعمين له من خارج تياره، عاد الصدر، أمس، وأطلق تغريدة أخرى تحدث فيها عن عدم تفريقه بين المكونات العراقية كافة. وقال: «لا تمييز بين ثوّار تشرين (السلميين) وبين ثوّار الإصلاح إلا من له أجندات خارجية أو مندس يريد الفتنة أو يحمل السلاح ضد العراقيين أو من يريد تعطيل التقدم العلمي من خلال غلق الصروح الدراسية أو من يريد تعطيل الحياة اليومية، فكل هؤلاء ليس منا». وسبق للصدر أن وجّه عناصر «القبعات الزرق» بمساعدة القوات الأمنية الحكومية وكشف من سمّاهم بـ«المخربين» بين صفوف المتظاهرين.
بدوره، قال صفاء التميمي، المتحدث باسم «سرايا السلام»، الجناح العسكري لتيار الصدر، إن «أصحاب القبعات الزرقاء موجودون منذ أربعة أشهر لحماية المتظاهرين، ولم تحدث أي مشاكل طيلة الفترة الماضية بين المتظاهرين وبينهم». وأضاف، في تصريحات صحافية، أن «ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية (هو أن) هناك من يحاول شق الصف (...) وزرع الفتنة بين المتظاهرين وأصحاب القبعات الزرقاء». وأكد التميمي أن «الوظيفة الأساسية لأصحاب القبعات الزرقاء هي حماية التظاهرات والمتظاهرين، وليس التصادم معهم»، وهو الأمر الذي ترفضه جماعات الحراك التي يصر معظم المتحدثين باسمها على أن «عناصر القبعات يمارسون أعمال البلطجة ضد المتظاهرين ويسعون لفض الاعتصامات».
ولم تعد المياه إلى مجاريها بين جماعات الحراك والصدر منذ إيعاز الأخير لأتباعه بالانسحاب من الساحات، الشهر الماضي، والخروج بتظاهرة مناهضة للوجود الأميركي في العراق بمشاركة جمهور الفصائل المسلحة الموالية لإيران.
من جهة أخرى، أصدرت تنسيقيات التظاهرات في ساحة التحرير وسط بغداد، أمس، بياناً أدانت فيه استهداف خيمة الناشط الصيدلاني علاء الركابي في ساحة الحبوبي وسط الناصرية، مركز محافظة ذي قار الجنوبية. وقال بيان التنسيقيات: «في ظل الظروف الراهنة ومع تصاعد الأزمة في العراق ورغم ما يعانيه المتظاهرون في ساحات التظاهر عموماً وساحة التحرير خصوصاً، وبما شهدته الأيام الأخيرة، إلا أننا نجدد عزمنا الوقوف والاستمرار بالتظاهر السلمي الساعي للتغيير ومحاربة الفساد بروح وطنية يشترك بها جميع المتظاهرين في محافظات الوسط والجنوب».
وأضاف البيان: «ندين ونستنكر بشدة العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف خيمة الدكتور علاء الركابي، ونحمل القوات الأمنية في محافظة الناصرية مسؤولية التقصير بأداء واجبها تجاه حماية المتظاهرين وأن ما حدث هو خلاف ما وعد به رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة الانتقالية المكلف محمد توفيق علاوي». ويعد الصيدلاني علاء الركابي من بين أبرز قادة التظاهرات في مدينة الناصرية، وسبق أن طرح مجموعة مبادرات للضغط على السلطات وإجبارها على الاستجابة لمطالب المتظاهرين، ومن بينها دعوته لقطع الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات وبغداد.
وحول حادث استهداف الركابي، قال الناشط رعد الغزي لـ«الشرق الأوسط»: «خيمتي تبعد بضعة أمتار عن خيمة الركابي، وفي حدود الساعة 12 ليلاً، رمى مجهولون قنبلة صوتية بالقرب من خيمته، ولم تسفر عن أي إصابات». وأكد الغزي أن «هذا النوع من الأعمال يستهدف تهديد المتظاهرين عموماً وإخافتهم، وتهديد الركابي بشكل خاص لدفعه إلى ترك التظاهرات نظراً إلى الدور القيادي الذي اضطلع به خلال الأشهر الأخيرة». وذكر الغزي أن «الأمور طبيعية في ساحة الحبوبي. المعتصمون في خيامهم، ويتوافد إليها الآلاف بعد فترة الظهيرة كل يوم».
من جهة أخرى، أعلنت مصدر أمنية في محافظة ميسان الجنوبية، أمس، وفاة القيادي في التيار الصدري أبو مقتدى الازيرجاوي بعد تعرضه لمحاولة اغتيال على يد مجهولين أول من أمس. وقالت المصادر إن «الازيرجاوي «توفي اليوم (أمس الأربعاء) متأثراً بجروحه بعد تعرضه لمحاولة اغتيال بإطلاق نار قرب منزله في منطقة أبو رمانة بالمحافظة». وأضافت أنه «أصيب بجروح خطيرة، نقل على أثرها إلى أقرب مستشفى لتلقي العلاج، ليفارق الحياة بعد ذلك». ولم تكشف المصادر عن دوافع الاغتيال أو الجهات المحتمل أنها تقف خلفه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.