منظمات إغاثة دولية تحذر من «كارثة إنسانية» في إدلب

دعت إلى وقف فوري للنار في شمال غربي سوريا

TT

منظمات إغاثة دولية تحذر من «كارثة إنسانية» في إدلب

دعت ثمانٍ من كبرى منظمات الإغاثة الدولية، في نداء عاجل وجهته الأربعاء، إلى وقف فوري لإطلاق النار في شمال غربي سوريا، محذرة من «كارثة إنسانية» مع فرار مئات الآلاف من المدنيين من العمليات العسكرية.
ومنذ ديسمبر (كانون الأول)، نزح أكثر من نصف مليون شخص وفق الأمم المتحدة جراء حملة عسكرية تشنّها قوات النظام بدعم روسي على مناطق في محافظة إدلب وجوارها، تؤوي أكثر من ثلاثة ملايين شخص نصفهم نازحون، وتسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وتنتشر فيها فصائل معارضة أقل نفوذاً.
ووجهت المنظمات الدولية، في بيان مشترك، «نداء عاجلاً لوقف فوري لإطلاق النار» مع «استمرار تصاعد الأعمال العدائية في شمال غربي سوريا». وحذرت من أن «مئات الآلاف من الناس، غالبيتهم من النساء والأطفال، الذين يفرّون من أعمال عنف لا هوادة فيها عالقون في كارثة إنسانية».
وتعمل هذه المنظمات في إدلب إما مباشرة وإما عبر دعم شركاء محليين، وأبرزها لجنة الإنقاذ الدولية ومنظمة إنقاذ الطفل (سايف ذي تشيلدرن) ومرسي كور والمجلس النرويجي للاجئين.
وقال الأمين العام للمجلس النروجي للاجئين يان إيغلاند، وفق البيان، إن مخيمات النازحين في شمال غربي سوريا باتت «تستضيف خمس مرات أكثر من قدرتها الاستيعابية، والإيجارات فاحشة الغلاء».
ونبّه إلى أنّ «القتال حاليا يحصر الناس أكثر وأكثر في الشمال، وفي الوقت الحالي لم يعد لديهم أي مكان آخر يذهبون إليه»، مناشداً تركيا أن «تسمح لتلك العائلات المذعورة بالوصول إلى برّ الأمان، سواء عبر اجتياز الحدود أو التوجه إلى مناطق سيطرتها في سوريا».
وقالت إينغر آيشينغ من «سايف ذي تشيلدرن» إن الأطفال «مرعوبون، يرون القنابل والقذائف تتساقط بشكل يومي»، موضحة أن «حياتهم تمزقت أساساً جراء سنوات من النزاع بعدما رأوا منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم مدمرة وأحباءهم يموتون أمام أعينهم». وأضافت: «يجدر بأطراف النزاع أن يحترموا القانون الإنساني الدولي ويجنّبوا الأطفال والمدنيين وطأة الحرب».
وحضّت المنظمات في ندائها المجتمع الدولي على «إدانة أعمال العنف المستمرة وأن يلتزم بمحاسبة المسؤولين عن خرق القانون الإنساني الدولي».
وشدّدت على أنه «بعد تسع سنوات طويلة من معاناة المدنيين السوريين، بات إيجاد حل سلمي لهذا النزاع ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى».
وتسبب التصعيد منذ ديسمبر (كانون الأول) بمقتل 300 مدني على الأقل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما تسبب في إغلاق 53 مرفقاً طبياً على الأقل الشهر الماضي، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقالت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا الثلاثاء «في الأسبوعين الماضيين، تم الإبلاغ عن هجمات على البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المدارس والأسواق والمرافق الطبية، تسببت في خسائر بشرية».
ويفاقم برد الشتاء من معاناة النازحين الذين يتوجهون شمالاً قرب الحدود التركية، ويضطرون أحياناً للإقامة في سياراتهم أو في العراء جراء اكتظاظ المخيمات وارتفاع بدلات إيجار المنازل في حال توافرها مع ارتفاع الطلب عليها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.