مع اقتراب تبرئة الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسمياً في مجلس الشيوخ، وقف هذا الأخير أمام جمهور ديمقراطي وجمهوري من مجلسي الشيوخ والنواب وألقى بخطاب حال الاتحاد الثالث له في وقت متأخر من مساء الثلاثاء.
ولم يكن مجمل الحضور ودياً، فأغلبية أعضاء مجلس النواب هم من الديمقراطيين الذين صوتوا لعزل الرئيس الأميركي، وقد واجههم ترمب لأول مرة منذ تصويتهم، ككبير المدعين آدم شيف ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. وكان ترمب قد تجنب رؤيتهم حتى الساعة، حتى إنه رفض دعوتهم لحضور حفل توقيع الاتفاقية التجارية مع المكسيك وكندا في البيت الأبيض لتفادي حصول أي مواجهة.
وكان من المتوقّع أن يتحدّث الرئيس الأميركي في خطابه المعنون: «العودة الأميركية الرائعة» على مواضيع الاقتصاد والأمن القومي والتجارة والهجرة. وقد قال عدد من الجمهوريين إنهم نصحوا ترمب بالتركيز على المواضيع الإيجابية، وعدم ذكر موضوع العزل.
أما كبير القضاة في المحكمة العليا جون روبرتس، فقد غيّر من مقعده لحضور الخطاب، وبدلاً من أن يجلس في مقعد رئاسة مجلس الشيوخ في محاكمة ترمب، جلس في مقعد الحضور المخصص له في خطاب حال الاتحاد، وإلى جانبه جلس أعضاء المحكمة العليا.
ويستعد روبرتس ليوم طويل من الإجراءات في مجلس الشيوخ الذي يتوقع أن يصوّت اليوم (الأربعاء)، لصالح تبرئة ترمب من التهمتين الموجهتين ضده، بعد أشهر من بدء إجراءات عزله. وقد أمضى أعضاء مجلس الشيوخ، يوم الثلاثاء، وهم يلقون بخطابات تشرح مواقفهم من إجراءات العزل، وتبرر تصويتهم المتوقع لصالح خلع الرئيس الأميركي أو ضده. وقد تحدثت السيناتورة الجمهورية المعتدلة ليزا مركوفسكي، عن قرارها التصويت ضد الخلع قائلة: «إن تصرفات الرئيس مخزية وخاطئة ويجب ألا يضع مصالحه الخاصة أمام مصالح هذه الأمة الرائعة. لكن الناخبين سوف يحكمون عليه بعد 9 أشهر، ويجب أن نثق بحكمهم».
هؤلاء الناخبون بدأوا بالفعل الإدلاء أصواتهم في تجمع أيوا الانتخابي، حيث كما كان متوقعاً، فإن الرئيس الأميركي حصد كل الأصوات الجمهورية في غياب أي منافسة تُذكر. لكن نتيجة الحزب الديمقراطي التي عادةً ما تصدر في غضون ساعات، اصطدمت بعراقيل تقنية حالت دون إعلان النتائج حتى وقت كتابة هذا التقرير. وأدت الأحداث المتسارعة والدراماتيكية خلال ليل ونهار طويلين إلى تشعب جدول المرشحين الديمقراطيين للرئاسة الأميركية. الذين حاولوا التوفيق ما بين حضور خطاب حال الاتحاد، ومحاكمة الرئيس، والحديث مع الناخبين في ولاية أيوا.
ليلة التجمع الانتخابي التاريخي التي افتتحت الموسم الانتخابي رسمياً، بدأت بهدوء لكنها سرعان ما تحولت إلى كابوس وبركان من الغضب الموجه ضد اللجنة التنظيمية للحزب الديمقراطي التي ألقت باللوم على المشكلات التقنية، التي حالت دون إعلان النتائج في وقتها المرتقب. وقال ترو برايس، رئيس الحزب الديمقراطي في الولاية: «إن صحة النتائج هي أولوية لدينا. نحن نتحقق يدوياً من النتائج، هذه مشكلة تقنية وليست ناجمة عن أي تدخل خارجي».
جواب أغضب حملات المرشحين الديمقراطيين الذين بدأوا بالتشكيك بمصداقية النتائج، فأعربت محامية حملة نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، دانا راموس، عن قلقها من وجود عيوب كثيرة في العملية الانتخابية. وقالت في رسالة وجّهتها إلى اللجنة التنظيمية للتجمع: «التطبيق الذي كان من المفترض أن ينقل نتائج التصويت إلى الحزب فشل، النظام الاحتياطي لنقل النتائج فشل كذلك. نطالب بتفسيرات مفصلة ومعلومات تشرح كيف تسعون لحل المسألة بشفافية قبل إصدار النتائج».
موقف حملة بايدن يشابه إلى حد كبير مواقف الحملات الأخرى التي اشتكت من التأخير، فقال متحدث باسم المرشحة الديمقراطية إليزابيث وارن: «مع كل دقيقة تأخير تمر نقلق من فقدان مصداقية العملية الانتخابية».
وفي ظل المعمعة الحاصلة، لم ينتظر المرشحون صدور النتيجة النهائية بل سارعوا إلى إلقاء خطابات حضّروها مسبقاً لعرض مواقفهم من سير عملية جمع الأصوات والخطوات المقبلة.
ولعلّ أكبر شامت في العملية الانتخابية الديمقراطية هو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي سخر من الديمقراطيين، وأطلق سلسلة من التغريدات صباح يوم الثلاثاء، قال في إحداها: «متى سوف يبدأ الديمقراطيون بإلقاء اللوم على روسيا بدلاً من الاعتراف بسوء إدارتهم في الكارثة الانتخابية التي حصلت في ولاية أيوا العظيمة؟». وتابع ترمب: «إن التجمع الديمقراطي هو كارثة حقيقية. لا شيء يعمل، بالضبط كما أدار الديمقراطيون البلاد... الشخص الوحيد الذي يمكن أن يتحدث عن فوز كبير في أيوا هو ترمب».
وأشار ترمب إلى فوزه في التجمع الانتخابي في الولاية، بالقول: «إن الحزب الديمقراطي في أيوا ارتكب الكثير من الأخطاء، لكن الحزب الجمهوري نجح. لقد تمتعت بأكبر نسبة من الأصوات التي أعادت انتخابي في ولاية رائعة، وبنسبة أكبر بكثير من النسبة التي حصل عليها الرئيس أوباما في السابق. 97% من الأصوات! شكراً أيوا!».
ودعمت حملة ترمب الانتخابية تصريحاته، بل تعدّتها لتلوّح بأن العملية الانتخابية في أيوا تتعرض للغش، وأن الليلة المحرجة التي واجهت الديمقراطيين تثبت أنهم لا يستطيعون التركيز على أمور أساسية في البلاد كالرعاية الصحية والإصلاحات الحكومية.
مما لا شك فيه أن هذه البلبلة تشكل إحراجاً كبيراً للديمقراطيين، وأنه حتى عندما يتم إعلان الفائز فإن الأحداث المحيطة بأيوا لن تعطي المرشح الفائز الدفع المتوقع.
فولاية أيوا كانت تُعرف بأنها من الولايات التي تؤثر بشكل كبير على نتائج الانتخابات الرئاسية، حيث عادةً ما يبدأ المرشحون الذين حصلوا على أرقام سيئة بإنهاء حملاتهم الانتخابية بعد صدور نتائج الانتخابات هناك. كما تعطي هذه الولاية دفعاً للفائز تحديداً من حيث كمية التبرعات التي تُجمع بعد انتخابات أيوا.
ومنذ عام 1972 عُرفت تجمعات أيوا بأنها تحدد بنسبة 55% الفائز بترشيح الحزب الديمقراطي و43% الفائز بترشيح الحزب الجمهوري.
هذه التجمعات هي بمثابة تجمعات ودية لسكان المناطق الانتخابية المختلفة في مدارس وكنائس ومكتبات عامة وحتى في منازل بعض الأشخاص، حيث يتشاور هؤلاء ويختارون مرشحاً يمثلهم في المؤتمر الوطني للحزب.
وبعد أيوا ينتقل المرشحون إلى ولاية نيوهامشير التي تشهد انتخابات تمهيدية في الحادي عشر من فبراير (شباط). وقد أظهرت استطلاعات الرأي تقدّم المرشح برني ساندرز على منافسيه هناك. وذلك في ضربة مباشرة لبايدن الذي لم يحصل على أرقام كبيرة من الناخبين في أيوا، حسب الأرقام الأولية. وفي الاستطلاع الذي أجرته «نيو بوسطن غلوب» بالتعاون مع جامعة سوفولك، حصل ساندرز على دعم 24% من الناخبين مقابل 18% لبايدن و13% لوارن و11% لحاكم ساوث بند بيت بوتاجج.
الديمقراطيون يتخبطون في أكبر كابوس انتخابي في ولاية أيوا الأميركية
ترمب يصف ما جرى بـ{الكارثة}
الديمقراطيون يتخبطون في أكبر كابوس انتخابي في ولاية أيوا الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة