هجمات على منشآت نفطية وسط سوريا تفاقم الأزمة الاقتصادية

TT

هجمات على منشآت نفطية وسط سوريا تفاقم الأزمة الاقتصادية

تعرضت منشآت نفطية في وسط سوريا، فجر الثلاثاء، لاعتداءات بقذائف أدت إلى أضرار مادية ونشوب حرائق تمت السيطرة عليها، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وقال وزير النفط السوري علي غانم، وفق تصريحات نقلتها الوكالة، إن «الإرهابيين ورعاتهم عادوا لاستهداف قطاع النفط ومنشآته باعتداءات إرهابية فجر اليوم (أمس)، لا سيما معمل غاز إيبلا ومعمل غاز جنوب المنطقة الوسطى ومحطة غاز الريان ومصفاة حمص».
وأوضح مدير عام الشركة السورية للغاز غسان طراف، لوكالة «سانا»، أن محطة غاز الريان تعرضت «لاعتداءات إرهابية بعدة قذائف، ومعمل غاز جنوب المنطقة الوسطى بثلاث قذائف، ومعمل غاز إيبلا بقذيفتين، ما أدى إلى نشوب حرائق ووقوع أضرار مادية».
كانت الحكومة السورية أعلنت الأسبوع الماضي أنّ منشآت نفطية بحرية تابعة لمصفاة بانياس تعرّضت للتخريب بواسطة عبوات ناسفة زرعها غطّاسون، مؤكّدة أنّ الأضرار لم تؤدّ إلى توقف عمل المصفاة.
وفي 23 يونيو (حزيران) 2019، تعرّضت المنشآت النفطية البحرية لمصفاة بانياس لعملية تخريبية، ما تسبب بتسرّب نفطي في منطقة المصب البحري وتوقف بعضها.
وخلال نحو 9 سنوات من الحرب، خرجت منشآت نفطية أساسية عن سيطرة دمشق، ما دفع بالحكومة السورية إلى الاعتماد على استيراد المحروقات.
ويواجه تصدير النفط السوري صعوبات كبيرة، لا سيّما بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها والعقوبات الأميركية المفروضة على طهران الداعمة لدمشق.
ومنذ بدء النزاع عام 2011، مُني قطاع النفط والغاز بخسائر كبرى تقدّر بأكثر من 74 مليار دولار جراء المعارك وفقدان الحكومة السيطرة على حقول كبرى، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية المشدّدة عليها.
وفي عام 2017، وإثر استعادة قوات النظام السيطرة على حقول حمص، بعدما كانت تحت سيطرة تنظيم «داعش»، ارتفع الإنتاج بشكل محدود، إلا أنه لا يسدّ حتى الآن حاجة سوريا.
ويعتبر هذا «الاعتداء» هو الثاني على منشآت نفطية سورية خلال أقل من شهر، والثالث خلال أقل من شهرين، حيث سبق وأعلنت وزارة النفط في دمشق قبل نحو تسعة أيام عن تعرض المرابط البحرية في مصب بانياس «لاعتداء إرهابي»، التي سبق وتعرضت العام الماضي لاعتداء مماثل.
كما طالت هجمات بطائرات مسيرة، متزامنة، مصفاة حمص ومعمل غاز جنوب المنطقة الوسطى ومحطة الريان للغاز في العشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول). وأدت الهجمات إلى اندلاع حريق في أنابيب أفران تحسين المواد البترولية في مصفاة حمص، وفي خزان كروي للغاز المنزلي. وفي معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى، وأدى ذلك إلى توقف عمل بعض الوحدات والعديد من الأضرار المادية.
ويعاني السوريون منذ بداية فصل الشتاء من أزمة حادة في توفر الغاز المنزلي ومواد الطاقة اللازمة للتدفئة كالمازوت والكهرباء، ومع أنها أزمات مزمنة ومتكررة كل شتاء، إلا أنها هذا العام تبدو الأسوأ منذ 9 سنوات، إذ تترافق مع تدهور غير مسبوق تاريخياً في قيمة الليرة السورية، حيث ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي من 500 ليرة إلى 1200 ليرة، ليستقر عند معدل 1000 ليرة بعد اتخاذ الحكومة حزمة إجراءات أمنية صارمة لضبط الأسواق.
كانت دمشق قد بدأت مطلع الشهر الحالي آلية جديدة في توزيع أسطوانات الغاز المنزلي، لتخفيف الازدحام وطوابير الانتظار التي تمتد لمسافات طويلة، وبمدة تتجاوز أحياناً العشرين ساعة، لكن لم تظهر بعد نتائج التوزيع الجديدة، وفق تطبيق البطاقة الذكية، ولا تزال هذه الخدمة تعاني من فوضى التجريب، إذ تمت إضافة توزيع ثلاث مواد تموينية (سكر، أرز، شاي) بالسعر المدعوم إلى البطاقة الذكية، في الوقت الذي لم يتم فيه تزويد منافذ البيع بعدد كافٍ من الأجهزة الإلكترونية اللازمة للتوزيع وتخفيف الازدحام والارتباك، والحد من سرقة المواد من قبل الموزعين لبيعها في السوق السوداء.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».