تراجع إيرادات الموانئ الليبية بفعل الاضطرابات

ليبي يصيد السمك على أحد أرصفة ميناء بنغازي شرق البلاد (غيتي)
ليبي يصيد السمك على أحد أرصفة ميناء بنغازي شرق البلاد (غيتي)
TT

تراجع إيرادات الموانئ الليبية بفعل الاضطرابات

ليبي يصيد السمك على أحد أرصفة ميناء بنغازي شرق البلاد (غيتي)
ليبي يصيد السمك على أحد أرصفة ميناء بنغازي شرق البلاد (غيتي)

على غرار كثير من المرافق والمؤسسات الليبية، لم تنجُ الموانئ البحرية التجارية من تبعات الصراع، بداية من تقسيم المصالح والشركات المسؤولة عنها بين الشرق والغرب، وصولاً إلى إهمال صيانتها، ما أدى إلى تضررها وتراجع إيراداتها على نحو كبير، وأخيراً الاتهامات باستخدام الموانئ الموجودة في الغرب لاستقدام المرتزقة والسلاح من تركيا.
رئيس مصلحة الموانئ والنقل البحري في الحكومة الليبية المؤقتة حسن جويلي أكد أن «الصراع المسلح أدى إلى تقلص الحركة التجارية البحرية بشكل كبير فاق 70 في المائة في بعض السنوات». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأمر لم ينته عند هذا الحد، لقد توقفت الصيانة السنوية والتخطيط الاستراتيجي لتطوير وإنشاء موانئ جديدة... الموانئ الواقعة في نطاق سيطرة الحكومة المؤقتة هي تسعة موانئ منها التجارية والصناعية والنفطية، وذلك من مجمل 15 ميناء في كامل أرجاء ليبيا».
وأكد رئيس شركة الليبية للموانئ يزيد بوزريدة وقوع «أضرار كبيرة من جراء الصراع، وتحديداً خلال سنوات الحرب على الإرهاب في كل من بنغازي ودرنة قبل بضع سنوات». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «لدينا في الشرق 5 موانئ تجارية، هي بنغازي والبريقة ورأس لانوف وطبرق ودرنة... ميناء بنغازي وهو ميناء رئيسي في الشرق يعد ثاني أكبر الموانئ في البلاد، وكان صاحب النصيب الأكبر من عمليات التدمير التي وصلت إلى بنيته التحتية وآلياته وتجهيزاته الفنية بنسبة نحو 90 في المائة خلال فترة سيطرة الميليشيات الإرهابية على المدينة جراء إهمال الصيانة أولاً، ثم جراء استخدامهم آليات وحاويات الميناء كساتر دفاعي مع بدء تقدم الجيش في معركته لتحرير المدينة».
ولفت إلى أن «استقدام ميليشيات الغرب السلاح عبر الموانئ التجارية، وإن تم تسليط الضوء عليه إعلامياً في الفترة الأخيرة، إلا أنه يتم منذ أعوام وبدرجة تركيز عالية». وأوضح أنه «قبل عام 2014 كنا جميعاً نعمل في الميناء وكنا نرصد محاولة إخفاء تلك الميليشيات التي كانت تسيطر على بنغازي في ذلك الوقت عملية جلب السلاح داخل حاويات البضائع حين كانوا يقومون باستقدام عناصر خاصة لتفريغه بعيداً عن أعين العاملين في الميناء وفي ساعات عمل غير اعتيادية، وشحنه بسياراتهم إلى مواقع تمركزهم بالمدينة، وكان الأمر ميسراً بدرجة كبيرة، فهم كانوا المتحكمين بالأمن والسجلات وكل شيء، إلا أنه مع تقدم الجيش في معركة تحرير بنغازي بدأ السلاح يأتي عبر سفن الصيد لشواطئ البحر».
وأضاف «للأسف تلك الميليشيات استفادت كثيراً من عوائد الشركة والتي كانت تصب في المقر الرئيسي لها في مدينة مصراتة. لقد كانت العوائد تقترب من 90 مليون دينار ليبي سنوياً. بالطبع بعد إعلان البرلمان والحكومة المؤقتة نفوذهم في الشرق حدث الانقسام للشركة، وصدر قرار بنقل المقر الرئيسي لبنغازي، وهو القرار الذي لم يستطع الزملاء للأسف في موانئ الغرب وهي طرابلس والخمس ومصراتة تنفيذه واستمروا في العمل مع مقر مصراتة».
ويرجح بوزريدة «اعتماد الميليشيات على ميناء مصراتة بدرجة كبيرة في جلب واستقبال أي قدر وأي نوعية من السلاح مقارنة بباقي الموانئ»، مشيراً إلى أن الميناء «تم تطويره خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير وعلى نحو نموذجي مما يجعله مؤهلاً لأي هدف وغرض عسكري أو تجاري، مقارنة بميناء الخمس الأقل مساحة».
وحذر رئيس مصلحة الموانئ في الحكومة المؤقتة حسن جويلي من مغبة تحويل واستغلال أي ميناء تجاري للأغراض العسكرية، أو تحويله لقاعدة لأي دولة أو غير ذلك من إجراءات تغير دوره الأصلي، موضحاً أن «هذا سيؤدي إلى انعدام الحركة التجارية في الميناء وبالتالي سيكون له تأثير مباشر على الأهالي من حيث زيادة أسعار السلع التي يتم استيرادها».
وفي حين يكاد يكون النفط السلعة الرئيسية الأولى وربما الوحيدة التي تصدرها ليبيا، فقائمة الواردات الليبية تضم ما لا يقل عن 42 في المائة من آلات ومعدات النقل، وما يقرب من 17 في المائة من المنتجات الغذائية، فضلاً عن الأجهزة الكهربائية والأدوية والملابس الجاهزة والمنتجات الجلدية والورقية والزجاجية ومواد البناء.
أما فيما يتعلق بوضع ميناء بنغازي وموانئ المنطقة الشرقية، فيقول بوزريدة: «بالطبع بعد إعلان تحرير بنغازي قرب نهاية عام 2017 تم ترميم الكثير من آليات الميناء وأجهزته وأرصفته والمبردات الخاصة بالبضائع الغذائية، لكن كثيراً من الشركات والسفن كانت تتخوف من أعمال العنف وتوصيف ليبيا كدولة صراع وتطلب تأمينات عالية، ومع بداية عام 2019 بدأت المعدلات تعود لطبيعتها والعوائد الشهرية تقترب من ستة مليارات دينار ليبي في ميناء بنغازي وحده، وباقي الموانئ تعمل بشكل جيد أيضاً».
من جانبه، أكد الناطق باسم رئاسة أركان البحرية التابعة للجيش الوطني علي ثابت أن الموانئ البحرية في الغرب «باتت موصومة بجلب السلاح والمرتزقة وفي مقدمتها طرابلس ومصراتة والخمس، عبر استغلال البواخر المدنية وما يحمل عليها من حاويات البضائع الصناعية أو الغذائية والتي يتم إخفاء السلاح داخلها».
وأوضح ثابت لـ«الشرق الأوسط» أن «البحرية الليبية تقوم حالياً بالتنسيق مع البلدان الصديقة بتتبع ورصد المعلومات عن كل الشركات المدنية التي تتعامل معها تركيا والتي باتت محل شك كبير في الفترة الأخيرة، وذلك لتجنب استغلال الأمر وجلب المزيد من السلاح».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.