الحكم السوداني لاستئناف المفاوضات مع الحركات المسلحة

TT

الحكم السوداني لاستئناف المفاوضات مع الحركات المسلحة

من المقرر أن يتوجه وفد من قوى «إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية في السودان، إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، اليوم (الثلاثاء)، لاستئناف المفاوضات مع قادة الحركات المسلحة حول القضايا الخلافية. واختتم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، أمس، زيارته التي أداها إلى جيبوتي على مدى يومين، والتقى خلالها الرئيس عمر قيلي. وقال وزير شؤون مجلس الوزراء عمر مانيس إن حمدوك طرح خريطة طريق لمنظمة «إيقاد» خلال فترة رئاسته للمنظمة.
وأضاف مانيس أن مباحثات البلدين شددت على التعاون والتنسيق لخدمة المصالح المشتركة، بحسب وكالة السودان للأنباء.
ومن جهة ثانية، قال المتحدث الرسمي باسم الحكومة لمفاوضات السلام، محمد حسن التعايشي، إن اجتماع مجلس السلام الأعلى الذي شاركت فيه «قوى التغيير» توصل إلى اتفاق على أجندة المفاوضات في الجولة المقبلة.
وتوقع التعايشي إبرام اتفاق سلام نهائي شامل بين الحكومة والحركات المسلحة كافة خلال الشهر الحالي. وأضاف أنه تم التوافق بشأن الخلافات التي حدثت حول قضايا الحكم والعدالة الانتقالية في الجولة الماضية.
وفي غضون ذلك، أجاز المجلس المركزي، أعلى هيئة قيادية بقوى «إعلان الحرية والتغيير»، قائمة مرشحي ولاة الولايات المدنيين. وقال عضو المركزي، أحمد حضرة: «أجزنا الترشيحات بعد النظر في الطعون التي قدمت في بعض الأسماء المرشحة»، وأضاف أن «قوى التغيير» ستعقد في غضون الأيام القليلة المقبلة اجتماعاً مشتركاً مع رئيس الوزراء حمدوك، لاعتماد المرشحين قبل الإعلان عن الخطوة رسمياً. وتابع حضرة أن الوفد الذي يضم قيادات المجلس المركزي لقوى «التغيير» سيجرى حوارات مباشرة مع رئيس الحركة الشعبية شمال، عبد العزيز الحلو، وقادة الفصائل المسلحة في الجبهة الثورية. وأشار إلى أن قوى «إعلان الحرية والتغيير» ستشارك بوفد في جولة المفاوضات المقبلة من أجل تقريب وجهات النظر بين الحكومة والحركات المسلحة.
ولفت إلى أن المجلس المركزي عقد اجتماعات عدة في الأيام الماضية، ناقشت مطالب الحركات المسلحة، بتمديد الفترة الانتقالية، والتعديلات على الوثيقة الدستورية. وأكد حضرة وجود توافق بين مؤسسات السلطة الانتقالية على تضمين الاتفاقيات التي يتم التوصل إليها في الوثيقة الدستورية.
وأكدت «قوى التغيير» أن قضية السلام جوهرية، تتصدر قائمة مهام الثورة، مشيرة إلى أن القضايا العالقة يمكن تجاوزها. ورحبت الحركات المسلحة، في بيان، بوفد قوى التغيير، للتشاور والخروج برؤية موحدة حول مسار عملية المفاوضات في الفترة المقبلة.
وتطالب الحركة الشعبية، بقيادة عبد العزيز الحلو، بحق تقرير المصير لمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، حال رفضت الحكومة حسم قضية علاقة الدين بالدولة.
إلى ذلك، فاجأ القيادي بالمجلس المركزي لقوى «إعلان الحرية والتغيير»، إبراهيم الشيخ، الأوساط السياسية باستقالته من منصبه ومن حزبه. وقال الشيخ على صفحته بـ«فيسوك» إن المجلس رسم مساراً جديداً لدفع عملية المفاوضات، وتوافقنا على كل المطلوبات التي تجعل السلام واقعاً معيشاً في البلاد. وأكد الرغبة الجادة لقوى «التغيير» والمكون العسكري في السلطة الانتقالية على تحقيق السلام الشامل في البلاد.
وأعلن الشيخ تقديم استقالته من كل المواقع التي يشغلها في قوى «إعلان الحرية والتغيير» وحزب المؤتمر السوداني. وشغل إبراهيم الشيخ منصب رئيس حزب المؤتمر السوداني لدورتين امتدت 11 عاماً، وخلفه في المنصب عمر الدقير.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».