مصر تستعرض موقفها المائي على وقع مفاوضات «سد النهضة»

إجراءات عاجلة للاستفادة من الموارد المتاحة بـ«الشكل الأمثل»

TT

مصر تستعرض موقفها المائي على وقع مفاوضات «سد النهضة»

على وقع مفاوضات ماراثونية حيال «سد النهضة» الإثيوبي، تتحسب مصر لتأثيراته على تدفقاتها من مياه نهر النيل، استعرض وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبد العاطي، أمس، مع رؤساء الهيئات وقيادات الوزارة والمركز القومي لبحوث المياه، إجراءات عاجلة للتعامل مع الاحتياجات المائية والاستفادة من الموارد المتاحة بـ«الشكل الأمثل»، عبر تنفيذ آليات إدارة وتوزيع المياه. وتشكو مصر من شح مواردها المائية. ووفق تصريحات رسمية، دخلت مرحلة الفقر المائي، التي يقل فيها نصيب الفرد عن ألف متر مكعب سنوياً، حيث تبلغ حصة الفرد المائية نحو 500 متر مكعب سنوياً، فضلاً عن توقعات بزيادة سكان مصر عام 2050 إلى 170 مليون نسمة.
وتشرع الحكومة المصرية، في العمل على خطة لترشيد استهلاك المياه خلال 2020 - 2030 تقوم على عدة إجراءات، بينها خفض المساحات المزروعة من المحاصيل التي تستهلك مياهاً كثيفة، وتطبيق نظام الري الحديث. كما تشمل الخطة بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف.
وقال رجب عبد العظيم وكيل وزارة الموارد المائية، إن الأجهزة اتخذت جميع الاستعدادات اللازمة لتوفير الاحتياجات، مشيراً إلى أنه تتم المتابعة الدورية على مدار الساعة لكل الترع والمصارف ومراقبة المناسيب بشكل دوري.
وخلال اجتماع، أمس، استعرضت رئيسة قطاع التخطيط إيمان سيد ما تم تنفيذه من مشروعات الخطة الاستثمارية والعمل على استغلال جميع الموارد المالية المتاحة للانتهاء من تلك المشروعات، من خلال إعادة توزيع الخطة وتوفير الاعتمادات اللازمة. بينما وجه الوزير عبد العاطي بضرورة الانتهاء من تلك المشروعات خلال الفترة الحالية لتحقيق الهدف الرئيسي منها وهو تحسين إدارة الموارد المائية وعدالة توزيعها على جميع الاستخدامات والمنتفعين، وبما يحقق التنمية بجميع مجالاتها. وتخشى مصر أزمة مائية باتت في الأفق مع اقتراب إثيوبيا من ملء خزان «سد النهضة»، الذي تبنيه على أحد الروافد الرئيسية لنهر النيل، وأنجز نحو 70 في المائة من بنائه، حيث ينتظر أن يؤثر على حصة مصر من المياه، التي تعتمد عليها البلاد بالكامل تقريباً.
ويجري البلدان بمشاركة السودان مفاوضات، برعاية أميركية، بهدف الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد. ويوم الجمعة الماضي اتفقت الدول الثلاث على ملء خزان السد على مراحل، مع ضبط الملء والتشغيل أثناء فترات الجفاف. فيما تقرر الاجتماع في واشنطن يومي 12 و13 فبراير (شباط) الجاري، لاستكمال التفاصيل الخاصة بالاتفاق، قبل التوقيع عليه نهاية فبراير الجاري.
من جهته، قال إبراهيم محمود رئيس قطاع تطوير الري، إنه يتم عمل مناطق تجريبية للري الحديث في جميع محافظات الجمهورية بأسلوب تمويل من خلال عمل توريدات المزارعين. وضمن الإجراءات المتخذة، التوسع في تشغيل الآبار الجوفية بالطاقة الشمسية، حيث قام قطاع المياه الجوفية بوضع خطة لتشغيل الآبار الجوفية بالطاقة الشمسية بمحافظات صعيد مصر والواحات المصرية، بهدف الحفاظ على المخزون الجوفي من خلال التحكم في عدد ساعات تشغيل الآبار، وتوفير مصدر طاقة صديق للبيئة، وتوفير نفقات تشغيل الآبار الجوفية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».