أنقرة: قوات النظام السوري في إدلب «باتت هدفاً»

الجيش التركي يعلن مقتل عدد من جنوده... وجدل مع روسيا حول الهجمات

TT

أنقرة: قوات النظام السوري في إدلب «باتت هدفاً»

أعلنت تركيا أنها قامت بالرد اللازم على قصف جيش النظام السوري للجنود الأتراك، الذي أسفر عن مقتل 5 جنود وموظف مدني، مؤكدة أن قوات النظام ستكون هدفاً لها من الآن فصاعداً، وأنها أبلغت روسيا بالتطورات في إدلب قبل مقتل الجنود الأتراك.
وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن قوات بلاده تعاملت بالشكل اللازم مع قصف النظام السوري للجنود الأتراك في إدلب. وقال أكار في تصريح من مناطق الحدود مع سوريا، التي توجه إليها على الفور مع قادة القوات بالجيش التركي، أمس (الاثنين) عقب قصف الجنود الأتراك: «على الشعب التركي أن يكون مستريحاً، فقد قمنا ونقوم بما يلزم تجاه هذا الاعتداء».
وقتل 5 جنود وموظف مدني، وأصيب 7 في قصف مدفعي للقوات السورية على إدلب. وتخلف أكار عن الوفد المرافق للرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي توجه إلى أوكرانيا أمس، وتوجه مباشرة إلى الحدود التركية السورية لتقييم التطورات في إدلب.
وقالت وزارة الدفاع التركية، إن القصف التركي رداً على قصف النظام أدى إلى تحييد ما بين 30 و35 من عناصر الجيش السوري.
وقال الوزارة - في بيان - إن القوات التركية ردت فوراً على مصادر النيران، لافتة إلى أن النظام السوري أطلق النار على القوات التركية المُرسلة إلى المنطقة من أجل منع نشوب اشتباكات في إدلب، على الرغم من أن مواقعها كانت منسقة مسبقاً.
وأكد البيان مواصلة القوات التركية الرد على مصدر النيران، في إطار حق الدفاع المشروع عن النفس، مضيفاً: «لن تذهب دماء شهدائنا ورفاق السلاح الجرحى هباءً، وسنحاسب منفذي هذا الهجوم الشنيع، وسنستخدم حق الدفاع المشروع في حال وقوع اعتداءات مماثلة».
وأكد المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، أن أنقرة أبلغت روسيا بالتطورات في منطقة إدلب السورية، مكذباً ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية، من أن تركيا لم تخطرها بالتحركات قبل مقتل جنودها في قصف سوري.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، أمس، إن الجيش التركي تعرض لنيران قوات النظام السوري لأنه لم يخطر موسكو بشأن عملياته في منطقة إدلب، شمال غربي سوريا، مؤكدة أن طائرات سلاح الجو التركي لم تنتهك حدود سوريا، ولم تُسجل أي هجمات على قوات النظام.
وقال تشيليك على «تويتر»: «القول إن روسيا لم يتم إبلاغها غير صحيح. تركيا تقدم معلومات منتظمة وفورية لروسيا. كما أنها أبلغتهم في هذه الواقعة الأخيرة. ليس صحيحاً القول إنه لم يتم تبادل المعلومات. تمت الاستعانة بالآليات القائمة كما هو الحال دائماً». وأضاف أن تركيا ستعتبر قوات الحكومة السورية «أهدافاً» حول نقاط المراقبة التركية في إدلب. وأضاف في تصريح تلفزيوني أن «النظام السوري سيكون من الآن فصاعداً هدفاً لنا في المنطقة بعد هذا الهجوم، ونتوقع ألا تدافع روسيا عن النظام أو تحميه؛ لأنه بعد الهجوم على قواتنا المسلحة أصبحت قوات النظام حول مواقعنا أهدافاً لنا».
وتابع بأن قوات نظام الأسد «تتصرف كمنظمة إرهابية» وأن محادثات ستجري مع المسؤولين الروس الذين يساندون الحكومة السورية بشأن الوضع في إدلب.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أكد أن تركيا ستواصل الرد على الهجمات على قواتها في إدلب، بعد أن أعلنت الحكومة مقتل جنودها جراء قصف قوات النظام.
وقال إردوغان إن ما بين 30 و35 من قوات النظام قتلوا في الرد التركي؛ لكن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» تحدث عن مقتل 6 جنود سوريين. وأضاف الرئيس التركي في مؤتمر صحافي في مطار إسطنبول قبل أن يتوجه إلى أوكرانيا أمس: «طائراتنا من طراز (إف – 16) وقطع مدفعيتنا تقوم حالياً بقصف أهداف حددتها أجهزة استخباراتنا».
ونفت وزارة الدفاع الروسية تصريح إردوغان حول القصف الجوي، مؤكدة أن أي طائرات تركية لم تعبر الأجواء السورية.
وأنشأت تركيا 12 نقطة مراقبة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، بموجب اتفاق في آستانة عام 2017، مع روسيا وإيران، لمنع هجوم من النظام السوري، وفي الأيام القليلة الماضية أنشأت 3 نقاط جديدة حول بلدة سراقب الاستراتيجية التي تتجه قوات النظام للسيطرة عليها، كما سبق وأن أنشأت نقطة لوجستية في معر حطاط في الأشهر الماضية، ليرتفع عدد نقاطها إلى 16 نقطة عسكرية.
وأرسل الجيش التركي أمس تعزيزات ضخمة إلى المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية، لدعم القوات المتمركزة في هذه النقاط، وسط اتهام من إردوغان لروسيا بعدم احترام الاتفاقات الخاصة بإدلب، سواء في آستانة أو سوتشي، وإعلانه موت مسار آستانة، وتلويحه بعملية عسكرية تركية في إدلب إذا لم يتوقف هجوم النظام على محوريها الشرقي والجنوبي، الذي انطلق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بدعم روسي.
وفي مسعى للضغط على قوات النظام، أطلقت فصائل المعارضة السورية المسلحة المنضوية تحت «الجيش الوطني» الموالي لتركيا، عملية باسم «العزم المتوقد» على محور تادف في مدينة الباب الواقعة ضمن منطقة «درع الفرات» التي تسيطر عليها تركيا والمعارضة في حلب، من أجل دفعه إلى وقف الهجوم في إدلب.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».