«صفقة القرن» تعمق الانقسام في قيادة المستوطنات

المستوطنون المتطرفون يريدون مضاعفة عددهم إلى مليون

TT

«صفقة القرن» تعمق الانقسام في قيادة المستوطنات

بعد أن أحدثت انقساماً في صفوف يهود الولايات المتحدة، أحدثت «صفقة القرن» انقساماً آخر في صفوف المستوطنين اليهود المتطرفين في الضفة الغربية. وأعلن رئيس بلدية المدينة الاستيطانية «أرئيل»، إيلي شابيرو، الانسحاب من عضوية المجلس العام للمستوطنات احتجاجاً على رفض تأييد الصفقة. ورد المجلس بإصدار قرار «للعمل على مضاعفة عدد المستوطنين اليهود من نصف مليون إلى مليون مستوطن». ونظم المستوطنون المتطرفون، أمس، مظاهرة على شكل قافلة سيارات في شارع 90 في غور الأردن، تطالب نتنياهو بفرض «سيادة» إسرائيل فوراً.
وقالت مصادر سياسية إن هذه الخلافات هي في الواقع أكبر مما تبدو ظاهراً، وإنها تعكس خلافات عميقة في صفوف المستوطنين أنفسهم، وليس فقط قيادتهم، وهي تدور بين القوى التي تدعم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو وتؤيد صفقة القرن، والقوى التي تعتبر نتنياهو، خنوعاً، قبل بصفقة لا تعكس توازن القوى السياسية في إسرائيل والعالم، التي تعارض الصفقة بسبب البند الذي يتحدث فيها عن دولة فلسطينية. وأكدت أن هذا الخلاف تغلغل إلى صفوف حزب الليكود الحاكم وهناك وزراء ونواب من هذا الحزب يفكرون في التمرد على نتنياهو، وهذا هو أحد أسباب إلغاء جلسة الحكومة العادية، أول من أمس (الأحد).
واعتبر شابيرو هذا الخلاف مفتعلاً في أحسن الأحوال وعملية ابتزاز لرئيس الحكومة في أسوأ الأحوال. وقال، في تصريحات لوسائل الإعلام العبرية، أمس (الاثنين)، إن «صفقة القرن» هي أفضل ما تمكنت إسرائيل من تحقيقه منذ بداية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني. وقال إن «قرارات مجلس المستوطنات لا تعبر عن مواقف كل المستوطنين. أنا أعرف كثيراً من رؤساء المجالس المحلية في المستوطنات الذين يؤيدون نتنياهو ويرفضون ممارسة الضغوط عليه، مقابل أولئك الذين يحاولون دفعه إلى صدام مع أفضل وأقرب إدارة أميركية لإسرائيل في كل تاريخها. وأرى أن سلوك المجلس هذا يلحق ضرراً بمصالحه وبمصالح الاستيطان اليهودي برمته».
وأضاف شابيرو: «الحجة التي يتذرعون بها هي إقامة الدولة الفلسطينية. ولكن طرح هذه المسألة ليس جديداً. تحدث رابين عن ذلك، وتحدث عن ذلك باراك، وشارون وأولمرت، ونتنياهو تحدث أيضاً عن حل دولتين. وكل من يريد تسوية حقيقية يتوصل إلى قناعة بأنه لا بد من إقامة دولة فلسطينية. فمن دون ذلك لا يوجد حل ولا توجد شرعية للاستيطان. والدولة الفلسطينية التي تتحدث عنها الخطة هي دويلة محاطة بالقوات الإسرائيلية من كل جانب ولا تستطيع تهديد إسرائيل بشيء». وقال: «هذه الخطة تتحدث ولأول مرة عن قدرة إسرائيل على الحفاظ على المصالح الأمنية حتى داخل الدولة الفلسطينية، وأنه من أجل الوصول إلى دولة فلسطينية، يتعين على الفلسطينيين اتخاذ كثير من الخطوات والقبول بكثير من الشروط التي تبدو حالياً مستحيلة ويرفضها الفلسطينيون. فلماذا يسجل علينا أننا نرفض، بينما الفلسطينيون هم الذين يرفضون؟».
ومع أن شابيرو تحدث باسم كثير من رؤساء المستوطنات، فإن التيار المناهض له هو التيار الغالب في المستوطنات، ويقوده رؤساء المجلس ومعهم وزير الأمن نفتالي بنيت، ووزير المواصلات بتسلئيل سموتريتش، ووزير التعليم رافي بيرتس، وعدد من قادة الليكود. وهم يمارسون ضغوطاً على نتنياهو حتى تصادق الحكومة فوراً على ضم غور الأردن وشمال البحر الميت وجميع المستوطنات إلى إسرائيل، برغم المعارضة الأميركية. وأعلن رئيس مجلس مستوطنة «بيت إيل»، شاي ألون، أنه يرفض الانتظار إلى ما بعد الانتخابات. وقال إنه «إذا لم تكن هناك أفعال على الأرض، فإننا سنرى في الانتخابات المقبلة حكومة يسار، تعيدنا سنوات إلى الوراء بكل ما يتعلق بالبناء وتعزيز الاستيطان».
وتباهى مجلس المستوطنات، أمس، بأنه نجح في تحقيق أكبر زيادة في عدد المستوطنين السنة الماضية. وقال: «بعد 6 سنوات من الانخفاض المزعج والدائم في معدل النمو السكاني للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، سجل في عام 2019 ارتفاع في عدد المستوطنين بنسبة 3.4 في المائة. ورغم أن هذه ليست زيادة كبيرة، فإنها زيادة جيدة، تعود إلى الزيادة التي حققناها في وتيرة البناء الاستيطاني السريع».
وأظهر بيان لمجلس المستوطنات أن عدد المستوطنين ازداد بـ12964 مستوطناً عام 2018، بينما في 2019 زاد بـ15299. وخلال العقد الماضي، بلغ عدد المستوطنين الجدد في الضفة الغربية 152263 مستوطناً، وهذا يعني زيادة بنسبة 48 في المائة خلال 10 سنوات. وحسب المعطيات بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية خلال عام 2019 نحو 463901، يعيشون في 150 مستوطنة، علماً بأن هذه الأرقام لا تشمل المستوطنين في القدس المحتلة ومحيطها الذين يزيد عددهم على 300 ألف مستوطن.
من جهة ثانية، أشارت مصادر يهودية في الولايات المتحدة إلى أن يهود الولايات المتحدة أيضاً مختلفون فيما بينهم حول صفقة القرن. ففي الجناح اليميني يتسع التأييد لترمب بسبب الصفقة، وفي اليسار يتسع العداء لترمب بسبب الصفقة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.