هل يعاقب بوتين إردوغان في إدلب بسبب ليبيا وأوكرانيا؟

الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)
الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)
TT

هل يعاقب بوتين إردوغان في إدلب بسبب ليبيا وأوكرانيا؟

الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)
الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين (أرشيفية - رويترز)

المواجهة بين دمشق وأنقرة في إدلب، كانت منتظرة منذ إقرار اتفاق سوتشي. التساؤل، كان حول موعد الصدام ودور موسكو. ومع تراكم الغيوم بين روسيا وتركيا في ملفات أخرى مثل ليبيا وأوكرانيا، هل يتبادل الطرفان «الرسائل» في شمال غربي سوريا؟

حاولت أنقرة «تحدي» دمشق في الصيف الماضي، عندما أرسل الجيش التركي قوافله إلى شمال حماة لحماية نقطته في مورك. وقتذاك، استعجل الجيش الروسي وساطته لمنع الصدام: تقدم الجيش السوري إلى خان شيخون وتقدم الجيش التركي إلى «جزيرة معزولة» شمال حماة.

الدور الروسي، هذه المرة، كان مختلفاً وبارداً. كرر الجيش التركي محاولته بإرسال قوافل مدججة باتجاه سراقب شمال معرة النعمان. روسيا لم تتدخل، بل «تركت» الجيش السوري يقصف القافلة ويقتل عدداً من الجنود. رد الجيش التركي بحملة قصف من نقاطه على مواقع عدة، بل إنه استخدم طائرات «إف 16» من الأجواء التركية كي يستهدف مواقع سورية ويقتل عدداً من الجنود.

اللافت، أن التعبير عن التصعيد العسكري، لم يأت على لسان الناطقين العسكريين، بل من أعلى الهرم: الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال إنه «تم تحييد» نحو 25 جندياً سورياً. الكرملين رد بالتعبير عن «القلق من وجود المسلحين» في إدلب. موسكو تقول إن أنقرة لم تبلغها سلفاً بإرسال القوافل. أنقرة ترد بأنها أبلغت موسكو.

قبل نحو شهر، كان الرئيسان إردوغان وفلاديمير بوتين يدشنان خط غاز استراتيجياً ويتبادلان الكلمات الدافئة في إسطنبول ويمددان هدنة إدلب ويدعوان لهدنة في ليبيا. ما الذي حصل في الأسابيع الماضية كي «يتحارب» الطرفان بالوكالة والأصالة في إدلب؟

1 - خيبة الوساطة: استضافت موسكو برعاية روسية محادثات علنية، هي الأولى، بين رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ومدير المخابرات التركي حقان فيدان. لم يحصل كل طرف في اللقاء على ما كان يريده مع أن وسائل الإعلام الرسمية احتفلت به. دمشق لا تزال تخطب ود الأطراف المتنافسة في الإقليم وتبحث عن «أفضل العروض»، في وقت تدفع واشنطن على الأطراف الإقليمية المتنافسة للاتفاق على بند واحد: ممارسة «ضغط أقصى» على دمشق. لقاء مملوك - فيدان، لم يحدث اختراقات أو تفاهمات حول إدلب وشرق الفرات حيث ينتشر الجيش الأميركي وتقيم أنقرة مع واشنطن تفاهماً عسكرياً. في هذا السياق، يمكن وضع اللقاء الذي جمع فيدان مع قادة فصائل المعارضة واجراء اتصال هاتفي من قاعدة الاجتماع مع اردوغان الاسبوع الماضي، لتأكيد «الدعم العسكري والسياسي».

2 - ليبيا: يقف الرئيسان الروسي والتركي على طرفي نقيض في الحرب الليبية المتجددة. أنقرة تدعم حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج وتمدها بـ«مرتزقة» سوريين للدفاع عن طرابلس. موسكو تدعم الجيش الوطني برئاسة المشير خليفة حفتر وتمده بـ«مرتزقة فاغنر» للسيطرة على طرابلس. كما يقف الطرفان في ضفتين متقابلتين بالنسبة إلى الطموحات بثروات الغاز والنفط في البحر المتوسط. يتواجه الطرفان في ضواحي طرابلس ويقيمان تحالفات مختلفة في ضفتي المتوسط. وتفيد تقارير أن قوافل الإمداد العسكري من ذخيرة ومدرعات ومقاتلين، زادت بعد «مؤتمر برلين» الذي شارك في بوتين وإردوغان وكان يفترض أن يكرس وقف النار.

3 - أوكرانيا: يصل إردوغان إلى كييف اليوم، كي يشارك مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في اجتماع «المجلس الاستراتيجي». حسب بيان، فإن الرئيسين سيبحثان في «وضع تتار القرم وتعميق الشراكة الاستراتيجية». لا شك أن هذه العبارات ليست أخباراً سارة لبوتين الذي حاول استقطاب زيلينسكي في باريس الشهر الماضي. كان لافتاً أنه بعدما أعلن إردوغان «تحييد» الجنود السوريين، قال في طريقه إلى كييف إن بلاده «لم ولن تعترف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية بطريقة غير شرعية» قبل ست سنوات.

منذ تدخل الجيش الروسي في سوريا في نهاية 2015. حاول إردوغان «التعايش» مع جاره الجديد بعيداً من التاريخ والطموحات، وحاول بوتين استثمار ذلك في خلق تحديات جديدة لـ«حلف شمال الأطلسي» (ناتو) والأميركيين والأوروبيين.

مرة جديدة، يتعرض تفاهم بوتين - إردوغان في إدلب إلى اختبار جديد. ولا شك أن مصيره وإمكانات الوصول إلى اتفاق جديد بخطوط تماس جديدة في شمال سوريا، أمور ترتبط بملفات ثنائية واستراتيجية أخرى: ليبيا وأوكرانيا ملفان جديدان بينهما.



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.