الفصائل الموالية لتركيا تشعل محور تادف في حلب للضغط على النظام

مائتا شاحنة وآلية عسكرية دخلت إلى حلب وإدلب... وغارات روسية قرب الباب

قافلة عسكرية  تركية تجتاز بلدة الدانا قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)
قافلة عسكرية تركية تجتاز بلدة الدانا قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

الفصائل الموالية لتركيا تشعل محور تادف في حلب للضغط على النظام

قافلة عسكرية  تركية تجتاز بلدة الدانا قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)
قافلة عسكرية تركية تجتاز بلدة الدانا قرب الحدود السورية أمس (أ.ف.ب)

فتحت فصائل المعارضة السورية المسلحة الموالية لتركيا جبهة جديدة للقتال مع قوات النظام، على محور بلدة تادف التابعة لمدينة الباب، الواقعة تحت سيطرة الجيش التركي و«الجيش السوري الحر» في منطقة عملية «درع الفرات» العسكرية التركية منذ عام 2017. وشنت هجمات باتجاه قريتي الرحالة والشعالة قبل أن تسحب عناصرها إلى نقاط ارتكازهم الخلفية.
في الوقت ذاته، واصل الجيش التركي إرسال تعزيزاته إلى إدلب ووحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا، كما أنشأ نقطة مراقبة ثالثة قرب مدينة سراقب الاستراتيجية، في محاولة لمنع قوات النظام من السيطرة عليها.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، بأن مائتي شاحنة وآلية عسكرية دخلت إلى محافظتي حلب وإدلب السوريتين منذ الصباح. ووصف «المرصد» هذه التعزيزات بأنها «أضخم تعزيزات تستقدمها القوات التركية إلى المنطقة». وأشار إلى استمرار دخول الأرتال العسكرية التركية الضخمة إلى الأراضي السورية منذ صباح أمس. وذكر أن معلومات تتردد عن احتمال إعلان أوتوستراد حلب - اللاذقية منطقة عسكرية من قبل القوات التركية، واصفاً الأمر بأنه «تصعيد تركي كبير مع الروس».
وتتقدم قوات النظام على محور ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وباتت على مسافة قريبة من مدينة سراقب؛ حيث تقدمت وحداته في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، وسيطرت على بلدات الهرمتية وقمحانة وعين ألبان وتل خطرة وأبو جريف والكنايس وتلتي دبس والسواتر، مضيقة الخناق على فصائل المعارضة في ريف معرة النعمان الشمالي الشرقي، وذلك بعد أن استطاعت التقدم في ريف المدينة الجنوبي الغربي، والسيطرة على بلدات حيش والعامرية وطبيش وكفرمزدة، ولتؤمن الطريق الدولي بين خان شيخون ومعرة النعمان، وصولاً إلى بلدة خان السبل على الطريق الذي تقدمت منه صوب سراقب، وسيطرت على بلدات معر دبسة وجوباس ومرديخن على بعد كيلومترين من سراقب، وهي عبارة عن أراضٍ زراعية.
في المقابل، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن مقاتلين سوريين تدعمهم تركيا، شنوا هجوماً على مواقع تسيطر عليها قوات النظام في شمال شرقي حلب. وتركز الهجوم على منطقة قريبة من مدينة الباب التي تسيطر عليها تركيا وقوات موالية لها منذ 2017.
وأفادت أنباء بأن فصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، سيطر على قريتي تل رحال وخرابيشة، جنوب بلدة تادف التابعة للباب، التي انطلقت منها عملية عسكرية جديدة باسم «العزم المتوقد» بدأتها فجر أول من أمس.
وفي إطار العملية، سيطرت فصائل الجيش الوطني على نقطة تفتيش عسكرية روسية، بحسب مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، كما سيطرت على دبابة وعربة «بي إم بي» مصفحة، غرب مدينة الباب.
ويتركز هجوم الجيش الوطني الموالي لتركيا على ثلاثة محاور غرب الباب، واستهدف قرى الشعالة وتل رحال وخربشة، وقصف مواقع في مطار كويرس، وكان تقدم القوات المهاجمة سهلاً؛ لأن جبهات جيش النظام السوري في المنطقة غير محصنة، وتوجد فيها أعداد قليلة من عناصر «الفرقة الأولى مدرعة» و«الفيلق الخامس» المدعومين من روسيا.
وجاء التحرك العسكري لـ«الجيش الوطني السوري» بعد أقل من يوم واحد من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، حول عدم احترام روسيا لتفاهمات آستانة وسوتشي حول إدلب، وتلويحه بعملية عسكرية جديدة إذا لم يتوقف هجوم النظام وروسيا على جنوب وشرق المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا، وأن صبر تركيا قد نفد.
وكان التحرك الذي انطلق من منطقة «درع الفرات» في ريف حلب مفاجئاً، وهو أول هجوم بري تشنه الفصائل الموالية لتركيا منذ توقف العمليات في مناطق شمالي حلب في عام 2016، بعد وصول النظام إلى بلدتي نبل والزهراء، ولاحقاً تقاسم السيطرة على مواقع سيطرة «داعش» في الريف الشمالي والشرقي بداية عام 2017.
ولم يعلن «الجيش الوطني» (المعارض)، بشكل رسمي، عن العملية العسكرية قرب الباب؛ لكن بعض قادته قالوا إنها تندرج في إطار الرد المشروع على هجوم الميليشيات الروسية والإيرانية الداعمة للنظام في ريف إدلب الشرقي وضواحي حلب، لافتين إلى أن التفاهمات السياسية صارت من الماضي، وأنهم أمام تفاهمات في الميدان.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد قال، الجمعة الماضي، إنه لم يعد هناك شيء اسمه مسار آستانة، وإن تركيا ستقوم بما يلزم في إدلب إذا استمر هجوم النظام، وهي على استعداد في الوقت نفسه للعمل مع موسكو وطهران إذا رغبتا في إحياء مسار آستانة.
وقال رئيس المكتب السياسي في فرقة المعتصم التابعة للجيش الوطني، مصطفى سيجري، إن «تفاهمات عام 2016 بين تركيا وروسيا انتهت بفعل الهجمات الإرهابية الروسية المستمرة. واعتمدت تركيا سياسة الاحتواء طيلة الفترة السابقة؛ لكن الروس لا يفهمون إلا لغة السلاح. دخلنا مرحلة جديدة تماماً، ونملك العزم والتصميم على الرغم من عدم التكافؤ في القوة والقدرات العسكرية».
وشنت الطائرات الروسية غارات جوية على منطقة «درع الفرات» للمرة الأولى منذ عام 2017، شملت مدينتي الباب ودارة عزة غربي حلب، رداً على إطلاق «الجيش الوطني السوري» عملية «العزم المتوقد» وهجومه على مواقع النظام في ريف حلب الشرقي ليلة أول من أمس.
وبالتزامن أنشأ الجيش التركي نقطة مراقبة جديدة في محيط مدينة سراقب بريف إدلب، تعد الثالثة من نوعها التي ينشئها الجيش التركي في مسعى لمنع تقدم القوات السورية في المنطقة، في ضوء زحفها المستمر مع حلفائها على شرق إدلب، وذلك بهدف الضغط على النظام وروسيا للدخول في تفاهمات بشأن سراقب، وعدم السيطرة عليها عبر المعارك، كما حدث في معرة النعمان.
وأقام الجيش التركي، خلال الأسبوع الماضي، نقطتي مراقبة في محيط سراقب، وهي مدينة استراتيجية تطل على طريقي «إم 4» و«إم 5» الدوليين، في ظل استمرار نظام الأسد في حملته العسكرية للسيطرة عليها، بعد السيطرة على معرة النعمان.
وواصل الجيش التركي تعزيز قواته المنتشرة على الحدود مع سوريا، وأرسل أمس (الأحد) تعزيزات لوجستية إضافية إلى وحداته العاملة هناك. ووصلت 15 شاحنة عسكرية محملة بجدران إسمنتية مضادة للرصاص إلى قضاء ريحانلي بولاية هطاي الحدودية، يصل ارتفاع كل منها إلى مترين، ووزنه إلى 9 أطنان، وصممت خصيصاً للقوات المنتشرة على حدود سوريا.
جاء ذلك بعد أن دفع الجيش التركي بمزيد من الآليات العسكرية وعربات نقل الجنود، إضافة إلى بعض الجنود إلى هذه الوحدات. وقالت مصادر محلية إن رتلاً تركياً يضم نحو 50 دبابة وعربة مدرعة، دخل صباح أمس من معبر كفرلوسين على الحدود السورية التركية باتجاه إدلب.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».