زيارة «نواب طرابلس» إلى واشنطن تثير خلافات حول الدوافع والمكاسب

TT

زيارة «نواب طرابلس» إلى واشنطن تثير خلافات حول الدوافع والمكاسب

أثارت الزيارة التي بدأها وفد من البرلمانيين الليبيين الموالين لحكومة «الوفاق الوطني»، أول من أمس، إلى واشنطن، تباينات سياسية وبرلمانية بشأن أسبابها ودوافعها، وفيما اعتبر رافضون للزيارة من نواب البرلمان أن «الوفد ينشد دعماً أميركياً في الوقت الضائع»، ودافع أعضاء في الوفد عن مساعيهم التي قالوا إنها تستهدف «توضيح المسار الإنساني على خلفية الصراع».
وترتبط واشنطن بقنوات اتصال مع «الجيش الوطني»، وكذلك حكومة «الوفاق الوطني»، وأجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اتصالاً هاتفيا مع قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بعد عشرة أيام من بدء عملية عسكرية لـ«تحرير طرابلس». وأشار بيان صادر من البيت الأبيض إلى أن ترمب «أقر بالدور الجوهري للمشير في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، وتناولا رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر».
وفي حين أكد عضو مجلس النواب الليبي عن طرابلس خالد الأسطى أن مهمة الوفد البرلماني، الذي يترأسه في زيارة للعاصمة الأميركية، تستهدف بالمقام الأول «توضيح المسار الإنساني على خلفية الصراع والقتال الدائر بالعاصمة الليبية، والسعي نحو إيقافه»، أعرب زميله رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الليبي في طبرق يوسف العقوري عن اعتقاده بأن الزيارة «غير رسمية وتمت عبر قنوات غير معلنة، وربما عبر الاستعانة بشركات العلاقات العامة».
وسعى الأسطى في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى الربط بين زيارته و«الحرب التي يجب وقفها»، قائلاً: «خلال لقاءاتنا مع العديد من أعضاء الكونغرس بمجلسيه ركزنا بالدرجة الأولى على توضيح المآسي التي ترتبت جراء الهجوم الذي شن على العاصمة من وقوع ضحايا وتضرر أحياء المدينة ووجود نازحين ومهجرين».
غير أن ما يراه الأسطى «محاولة لإيقاف الحرب» عبر الجولة، يشير نظيره بمجلس النواب إبراهيم الدرسي (الداعم للجيش الوطني) أنها تندرج في إطار «رغبة الجانب الأميركي في التعرف على أطراف الصراع ليس أكثر». وقال الدرسي لـ«الشرق الأوسط»: «لا أعتقد أن الزيارة التي طلبها نواب طرابلس بحثاً عن الدعم ستسهم في تغيير الموقف الأميركي الذي يوصف بكونه غير واضح».
ويقدّر الدرسي أن «السياسة الأميركية لا يبدو أنها تساند الوفاق فهي لم تقم بإيقاف تقدم الجيش الوطني نحو طرابلس». متوقعاً أن «تكتمل قريباً إجراءات الزيارة المرتقبة لقيادات مجلس النواب (بشكل رسمي) للولايات المتحدة بناء على الدعوة الرسمية التي تلقوها قبل فترة من قبل البيت الأبيض والكونغرس».
ويعود الأسطى بدوره ليؤكد على أن «القضية الليبية وإن كانت لا تصنف من قبل البعض في خانة القضايا ذات الأولوية بأجندة الإدارة الأميركية، إلا أن تلك الإدارة بدأت تولي قدرا من الاهتمام لها، خصوصاً بعد أن بدا التدخل الروسي جلياً بتطورات القضية، وهو الأمر الذي لا يروق لواشنطن بطبيعة الحال».
ومن ذات المعسكر يؤكد النائب علي أبو زعكوك، وهو أحد أعضاء الوفد في واشنطن، أن «الوفد سعى إلى هذه الزيارة منذ شهور طويلة، لكن الجانب الأميركي حدد الموعد الراهن لإتمامها وفقاً لارتباطات من قابلناهم من مسؤولي الكونغرس وأعضائه. وتصادف أن يأتي توقيت الزيارة بعد عقد مؤتمر برلين حول الأزمة والذي لم يسهم مع الأسف في إيقاف النار بطرابلس نظراً لتعدد آراء واختلاف أهداف الدول الأوروبية، وبالتالي رأينا أن التدخل الأميركي ضروري لملء الفراغ الموجود، خصوصاً مع وجود محاولات روسية لاستغلاله».
وفي المقابل وصف المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» الزيارة بأنها «جاءت في الوقت الضائع نظراً إلى تصادفها مع معركة عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يتولى بشكل حصري التعامل مع قضايا السياسة الخارجية».
تركيا بدورها كانت حاضرة ضمن المناقشات حول زيارة النواب إلى واشنطن وفي مواجهة انتقادات محلية بشأن دورها في ترتيبها، ينفي عضو الوفد النائب البرلماني جلال الشهويدي أي تدخل أو دعم من أنقرة في تنسيق زيارة الوفد البرلماني، مشدداً على أن اللقاءات مع المسؤولين السياسيين وغيرهم «رتبت عبر سفيرة ليبيا بالولايات المتحدة وفاء أبو قعيقيص، وليس عبر شركات علاقات عامة قامت تركيا بتأجيرها للعمل لصالحنا كما ردد البعض».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.