تونس: إشاعة مرض الغنوشي تغطي على مشاورات تشكيل الحكومة

TT

تونس: إشاعة مرض الغنوشي تغطي على مشاورات تشكيل الحكومة

عزز إرجاء رئيس الوزراء التونسي المكلّف إلياس الفخفاخ، بطلب من «حركة النهضة»، اجتماعاً مع 10 أحزاب للمصادقة على البرنامج الحكومي، انتشار إشاعة عن تعرض رئيس الحركة وممثلها في المشاورات حول تشكيل الحكومة راشد الغنوشي لوعكة أثرت على صحته، وجعلته يتخلف عن الاجتماع، ويطلب تأجيله إلى اليوم.
وسارعت «النهضة» إلى نفي الأخبار التي راجت حول تعرض الغنوشي لوعكة صحية، وأشارت في بيان إلى أنه «واصل نشاطه (أمس) الأحد، بإشرافه على لقاءات سياسية وحزبية». وكذّب القيادي في «النهضة» لطفي زيتون إشاعة مرض الغنوشي، ونشر صورة له على مائدة فطور رئيس الحركة، وكتب في تدوينة على «فيسبوك»: «تشرفت بزيارة الأستاذ راشد الغنوشي على مائدة الفطور».
يُذكر أن الغنوشي كان قد عاد صباح السبت من بوركينا فاسو، إثر مشاركته في مؤتمر الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بصفته رئيساً للبرلمان التونسي. وأشرف إثر ذلك على اجتماع بأعضاء المكتب التنفيذي لحركته تواصل إلى ساعة متأخرة من الليل.
ويبلغ الغنوشي من العمر نحو 79 سنة، ولم يكن ملفه الصحي مطروحاً على الساحة السياسية، غير أن تأجيله اجتماع السبت المخصص للتصديق على البرنامج الحكومي هو الذي غذى تلك الإشاعة.
وعلى صعيد متصل، أكد العجمي الوريمي، القيادي في «النهضة»، تمسّك الحركة بـ«حكومة وحدة وطنية وسياسية موسعة»، وقال في تصريحات إن «المكتب التنفيذي للحركة عقد اجتماعاً برئاسة الغنوشي، وتم الاتفاق على التقدم باقتراح لإلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة المكلف من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد، بتوسيع دائرة المشاورات المتعلقة بتشكيل حكومة، بحيث لا يتم إقصاء أي طرف، لضمان حزام سياسي قوي داعم لحكومته».
وأشار الوريمي إلى «حرص الحركة على إنجاح مسار الحكومة المقترحة»، مؤكداً «أهمية المواقف الواضحة، والانفتاح على جميع الأطراف السياسية والوطنية». ونبه بأن اجتماع المكتب التنفيذي «تطرق إلى ضرورة تنقيح القانون الانتخابي، بحيث يشترط حصول أي حزب سياسي على 5 في المائة من أصوات الناخبين لدخول البرلمان، والتمتع بالتمويل العمومي».
يذكر أن 10 أحزاب، هي «النهضة» و«التيار الديمقراطي» و«ائتلاف الكرامة» و«حركة الشعب» و«حركة تحيا تونس» و«البديل التونسي» و«الاتحاد الشعبي الجمهوري» و«حركة نداء تونس» و«حركة مشروع تونس» و«آفاق تونس»، قد عبرت عن دعمها لحكومة الفخفاخ. غير أن تصريحات عدة كشفت عن خلافات حادة بين الأطراف المشكلة لما يسمى «الحزام السياسي للحكومة». فقد طالبت حركة النهضة بتشريك حزب «قلب تونس» في مشاورات تشكيل الحكومة، فيما رفض «ائتلاف الكرامة» الذي يقوده سيف الدين مخلوف وجود كل من «تحيا تونس» و«قلب تونس» في الائتلاف الحاكم. وبرزت خلافات حادة بين «التيار الديمقراطي» بزعامة محمد عبو و«حركة النهضة» التي صرح رئيس مجلس الشورى فيها عبد الكريم الهاروني بأن «حزب التيار غير مؤهل لإعطاء الحركة دروساً في مقاومة الفساد».
وفي المقابل، اعتبر القيادي في «التيار الديمقراطي» محمد عمار أن تصريح الهاروني «إبداع متواصل في النفاق السياسي». ويعود الخلاف بين الطرفين إلى مشاورات تشكيل حكومة الحبيب الجملي، إذ اتهمت «النهضة» حزب «التيار» بـ«التخوف من الحكم وعدم الجدية في المشاركة»، إثر رفضه التصويت في الأمتار الأخيرة لحكومة الجملي.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.