«قصة بيتر شليميل العجيبة» في بحثه عن السعادة

تعدّ من عيون الأدب الألماني الرومانسي وترجمت إلى 28 لغة

«قصة بيتر شليميل العجيبة» في بحثه عن السعادة
TT

«قصة بيتر شليميل العجيبة» في بحثه عن السعادة

«قصة بيتر شليميل العجيبة» في بحثه عن السعادة

تتمحور حركة الأحداث في رواية «قصة بيتر شليميل العجيبة» التي صدرت حديثاً عن المركز القومي المصري للترجمة، بترجمة الدكتورة لبنى فؤاد حول الصراعات التي يخوضها الإنسان، والآثار التي يمكن أن يجرها الطمع عليه، وما يتعرض له من أزمات وآلام وعذابات تظل تصاحبه ما بقي عبداً لأطماعه غير قادر على الفكاك منها.
وتحكي الرواية التي صدرت في ألمانيا قبل 106 سنوات، في عام 1814، للكاتب الألماني من أصل فرنسي آدلبرت فون شاميسو، عن شاب فقير هو بيتر شليميل، يتطلع لحياة الأثرياء، ويغبطهم على ما يتمتعون به من ترف ونعيم، ولا يهمه في الحياة سوى تجاوز العالم الذي يحاصره بفاقته وعوزه، والالتحاق بعالم الأغنياء ومغانيهم حتى لو قاده ذلك للتنازل عن أشياء عزيزة لا يعرف قيمتها في حياته.
وفي حفل جمعه بأحد الأثرياء ويدعى توماس جون يتعرف شليميل على رجل غريب الأطوار يقول إنه قادر على تحقيق آمال وطموحات أي شخص مهما بلغت عظمتها في التو واللحظة، ويعرض الرجل على شليميل أن يبيعه ظله مقابل أن يمنحه جوالاً مليئاً بالذهب، لا ينفد أبداً، سوف يحقق طموحاته في الثراء، مقابل شيء بسيط وهو ظله الذي لم يكن شليميل يرى فائدة له وإلا ما كان تنازل عنه ببساطة مقابل الذهب.
يلعب شاميسو على الرمز «د»، حيث يجعل من الظل رمزاً لسعادة الإنسان، وأمانه، لكن في نظر شليميل الساعي لتجاوز فقره كانت الصفقة بسيطة، فوافق دون تفكير، حتى يحقق طموحاته ويتزوج فتاته، «مينا» التي يحبها ويحظى باحترام وتقدير الناس، وهذا لن يحدث إلا بعد أن يصبح ثرياً، وقد كان له ما أراد، وبعد أن تمت الصفقة، بدأ شليميل كلما سار في طريق يشعر بالخوف من افتضاح أمره، ويكتشف الناس أنه يحيا من دون ظل، وقد دخل في نوع جديد من الآلام والعذابات، عندما رفضه أهل الفتاة بعد أن أفشى سره خادمه الماكر «راسكال» وأخبرهم بأنه يعيش بلا ظل، كان الخادم يطمع في الزواج من الفتاة، وقد أدت خيانته إلى أن يهيم شليميل على وجهه، في الغابة، وهناك يظهر له ذلك الرجل العجيب والغريب الأطوار، ومرة ثانية يعرض عليه صفقة جديدة، وهي أن يوصي له كتابة بأخذ روحه بعد موته مقابل أن يعيد له ظله، ويحتفظ في الوقت نفسه بزكيبة الذهب، وفي هذه الأثناء يدرك شليميل أن الرجل الذي أمامه ما هو إلا الشيطان، وأنه يسعى لإغرائه، وإدخاله في أزمات وآلام لا فكاك منها، فيرفض بشدة قبول العرض.
تتصاعد أحداث القصة عندما يبدأ الرجل الغريب في ملاحقة شليميل في أي طريق يذهب إليه، ويحاول أن يغريه بالثراء والسعادة، اللذين سيكونان بين يديه لو وافق على العرض، وسوف يكون بمقدوره الزواج من فتاته، لكن شليميل يظل متمسكاً بعدم التفريط في روحه للرجل الشيطان، وتدور بينهما حوارات ومناقشات عن الإنسان واختبارات الحياة وأهمية الروح والمال، ووقوف الله إلى جانب عباده، وقدرته وفضله، لكن المناقشات كانت دائماً ما تصل بينهما إلى طريق مسدودة، ويضطر شليميل إلى طرد الرجل غريب الأطوار، لكن في كل مرة يتخلص منه يعود ويظهر له في صورة مختلفة، ويظل يلاحقه ويتوعده إذا رفض عروضه، ويقدم له الإغراءات.
على هذا المنوال تتصاعد أحداث الرواية، ويظل السجال مشدوداً ومتوتراً بين بطلها شليميل والرجل الغريب حتى يسمع بالمصير الأسود الذي حدث لصديقه الثري توماس جون الذي التقى عنده ذلك الرجل «الشيطان»، وباع روحه له من أجل المال، وقتها قرر الفتى التخلص من ثروته الذهبية، صعد الجبل وقام بإلقائها من فوقه، وعاد فقيراً، يتذوق آلام الحاجة، ويعيش خائفاً بين الناس بسبب ظله المفقود، وقد اضطره ذلك إلى الانعزال والعيش بعيداً عن الناس، كي لا يكتشفوا أمره.
تحاصر شليميل مخاوفه وعذابات وحدته حتى حصوله على «حذاء الأميال السبعة»، الذي يجعله في كل خطوة يجتاز سبعة أميال، وبفضل ذلك يستطيع الشاب الفقير أن يتعرف خلال رحلاته على كثير من الكائنات؛ يرى حيوانات، ويكتشف أنواعاً من النباتات، ويزور بلداناً كثيرة، ويتعرف على طبيعة كل القارات، من بين تلك البلدان يأتي بيتر شليميل إلى مصر، ويرى المتاحف والمعابد، ويزور طيبة ذات المائة باب، ويختارها مسكناً له. وفي أثناء ذلك، يعرف أن فتاته تعيش حياة تعيسة جراء مقتل زوجها «راسكال» الذي كان خادماً له، وأن خادمه الآخر «بندل» قام بإنشاء مستشفى باسمه لعلاج أمراض الناس، بعد أن أدرك أن الأموال التي تركها سيده لا تصلح لشيء آخر سوى تسخيرها لمنفعة أهل بلدته.
يشار إلى أن ألمانيا كرمت شاميسو مؤلف الرواية لمكانته الأدبية الرفيعة، وخصصت جائزة باسمه تمنحها سنوياً للمبدعين في الأدب الألماني ممن ينتمون لثقافات غير ألمانية، وتعدّ «قصة بيتر شليميل العجيب» العمل النثري الوحيد له، وتتسم لغتها بالروح الشعرية، وهو ما يبرز في قدرته على التصوير واستبطان الأشياء، كما تنعكس فيها ثقافته الفرنسية التي استقاها من كونه سليلاً لأسرة من نبلاء فرنسا، هاجرت إلى ألمانيا بعد اندلاع الثورة، وقد فضل تعلم اللغة الألمانية والكتابة بها، فأبدع روايته التي تعدّ قطعة فنية من أدب العصر الرومانسي، وتم ترجمتها إلى 28 لغة بخلاف العربية التي لم تهتم بدواوينه، ولم تنقل شيئاً منها حتى الآن، حسبما أشارت إليه المترجمة في مقدمة الرواية.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.