قالت مصادر دبلوماسية جزائرية إن سلطات البلاد تبذل منذ أسبوع جهودا لحث أعضاء «الاتحاد الأفريقي» على إرسال قوات إلى ليبيا لفرض احترام وقف إطلاق النار. ويتمثل الهدف من المسعى، حسب نفس المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، في الحد من التدخل المباشر في الشأن الليبي، سياسيا وعسكريا، الذي تقوم به تركيا وبعض الأطراف الأخرى.
وأكدت المصادر الدبلوماسية أن رئيس الوزراء عبد العزيز جراد ووزير الخارجية صبري بوقادوم اشتغلا على هذه القضية بشكل مكثف، منذ يوم الخميس خلال أشغال قمة «لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا»، التي عقدت في برازافيل، عاصمة الكونغو الديمقراطية. وأوضحت أن الفكرة «استساغتها بعض الدول الأفريقية، فأبدت مبدئيا موافقتها على المشاركة في تشكيل قوة عسكرية أفريقية قصد إرسالها إلى ليبيا». وبحسب المصادر، فإن المجهود الجزائري يروم إقناع الدول الفاعلة بـ«الاتحاد الأفريقي» بالفكرة، وخاصة نيجيريا.
وتابعت المصادر ذاتها موضحة أن الخطوة المقبلة بالنسبة للدبلوماسية الجزائرية هي عرض المشروع على أطراف النزاع في ليبيا، لكنها رجحت أن يرفضه المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني، بسبب علاقته الفاترة بالجزائر، التي يعتبرها «قوة إقليمية منحازة» لفائز السراج رئيس الحكومة المعترف بها دوليا.
يشار إلى أن قمة برازافيل بحثت الأوضاع المتأزمة في ليبيا، وسبل إنهاء الاقتتال،
والتدخلات الأجنبية في هذا البلد، الذي بات مصدر قلق كبير بالنسبة لسلطات الجزائر، التي تتخوف من انتشار المرتزقة والسلاح الحربي على الحدود المشتركة (900 كلم).
في غضون ذلك، أكدت المصادر الدبلوماسية أن الجزائر تشتغل على هدفين بارزين في موضوع ليبيا: وضع حد لتدخل الدول الأجنبية في المنطقة، وتسريع الحل السياسي الشامل للأزمة. وللتوصل إلى تحقيق الهدفين ترى الجزائر، حسب المصادر ذاتها، أن إيفاد قوة عسكرية أفريقية تحت غطاء الأمم المتحدة، يعتبر أفضل آلية لوقف اتساع دائرة العمل العسكري في ليبيا.
وكان مسؤولون جزائريون قد عبروا خلال محادثات مع وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد، الذي زار الجزائر في 27 من الشهر الماضي، عن مخاوفهم من «انتشار عدد كبير من الإرهابيين ومرتزقة السلاح في ليبيا»، في حال تزايد التصعيد العسكري في ليبيا. وتم إبلاغه استعداد الجزائر احتضان مؤتمر حول الأزمة في ليبيا، إذا وافقت الأطراف المتنازعة على حضوره، بغرض البحث عن تسوية داخلية.
وكان جراد قد ناشد في قمة برازافيل اللجنة رفيعة المستوى في الاتحاد الأفريقي حول ليبيا «التحرك للمساهمة في حلحلة ملف الأزمة الليبية»، وشدد على «ضرورة القيام بدور محوري في هذه الأزمة، التي تخصها اللجنة بالدرجة الأولى». مبرزا أنه «لا يعقل تهميش دور أفريقيا في ملف يخص دولة كاملة العضوية في الاتحاد الأفريقي، وغارقة في مستنقع الحرب. فالأوضاع الأمنية متفاقمة في هذا البلد الشقيق، والاحتمالات المتزايدة لانتقال تداعياتها إلى دول المنطقة مثيرة للقلق».
يشار إلى أن الاتحاد الأفريقي حدد مهمة اللجنة في إجراء حوار مع جميع الأطراف الليبية، وتقييم الوضع الميداني، وتسهيل الحوار الشامل بين الأطراف الليبية بشأن الحل السلمي.
ويقول كبار الموظفين بالخارجية الجزائرية إنهم «لا يدخرون أي جهد لدعم مساعي اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي، ولدعم الأمم المتحدة من أجل حمل الأطراف الليبية والمجتمع الدولي على الإسهام في تسوية الأزمة في ليبيا، ومرافقة الأطراف الليبية المتنازعة، للبحث عن حلول توافقية، تسمح بعودة السلم والأمن والاستقرار بشكل نهائي لهذا البلد المجاور».
وأفاد صبري بوقادوم في قمة برازافيل أن الجزائر «ستواصل أداء دورها كمنشط لحل الأزمة الليبية من أجل التوصل إلى تسوية في أسرع وقت ممكن. فالمبادئ الأساسية التي يقوم عليها المسعى الجزائري معروفة، والحل لا يمكن أن يكون إلا سياسيا وسلميا، ولا يمكن أن يأتي إلا من الليبيين أنفسهم بمساعدة دولية، لا سيما دول الجوار».
الجزائر تسعى لإرسال قوة عسكرية أفريقية لفرض وقف إطلاق النار في ليبيا
الجزائر تسعى لإرسال قوة عسكرية أفريقية لفرض وقف إطلاق النار في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة