مؤتمر برلين: اللجوء السوري أحد أخطر كوارث القرن

سلام يطالب بإقامة مناطق آمنة في سوريا.. وجودة: قدرة دول الجوار تكاد تنتهي

وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير مع نظيريه الأردني ناصر جودة واللبناني جبران باسيل خلال مؤتمر برلين لدعم اللاجئين السوريين أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير مع نظيريه الأردني ناصر جودة واللبناني جبران باسيل خلال مؤتمر برلين لدعم اللاجئين السوريين أمس (أ.ب)
TT

مؤتمر برلين: اللجوء السوري أحد أخطر كوارث القرن

وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير مع نظيريه الأردني ناصر جودة واللبناني جبران باسيل خلال مؤتمر برلين لدعم اللاجئين السوريين أمس (أ.ب)
وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير مع نظيريه الأردني ناصر جودة واللبناني جبران باسيل خلال مؤتمر برلين لدعم اللاجئين السوريين أمس (أ.ب)

أعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير في ختام المؤتمر الدولي للاجئين السوريين، الذي عقد في برلين، أمس، أن بلاده ستقدم 500 مليون يورو إضافية للنازحين السوريين، فيما دعت الأمم المتحدة في المؤتمر الذي حضرته 40 دولة ومنظمة إلى زيادة المساعدات المالية الدولية للدول المجاورة لسوريا، وبينها لبنان، التي تعاني من تدفق نحو 3 ملايين لاجئ هربوا من الحرب الأهلية في سوريا.
وأوضح شتاينماير أن ألمانيا ستوفر هذا المبلغ لتقديم مساعدات إنسانية للاجئين السوريين وللتعاون التنموي على مدى الأعوام الـ3 المقبلة. وشدد على أن «العالم لن يترك اللاجئين وحدهم» وقال إنه «سيتم تخطيط المساعدات الإنسانية التي تقدمها دول العالم للاجئين السوريين بشكل أفضل مستقبلا بحيث تقدم هذه المساعدات بشكل أكثر فعالية وأكثر ملاءمة لاحتياجات الدول المجاورة لسوريا والتي تستقبل اللاجئين الفارين من هذا البلد الذي تشتعل فيه الحرب الأهلية».
وقال المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس في افتتاح المؤتمر أن «الدول التي تستقبل لاجئين سوريين بحاجة إلى دعم مالي أكبر بكثير وهي تستحقه». وقال غوتيريس إن «التدفق الكثيف للاجئين يمثل الأزمة الإنسانية الأكثر مأساوية التي يواجهها العالم منذ وقت طويل».
وأوضح أن «الاقتصاد والخدمات العامة والأنظمة الاجتماعية تأثرت بشكل كبير جدا، من دون الحديث أيضا عن الانعكاس على الوضع الأمني في كل المنطقة».
وفي كلمة له خلال المؤتمر، قال رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام الذي يترأس الوفد الوزاري إلى برلين، «لبنان المتضرر بشدة من موجات اللجوء، بلغ مداه في قدراته على استقبال اللاجئين».
وناشد سلام المجتمع الدولي زيادة مساعداته المالية واستقبال عدد أكبر من اللاجئين.
وكان قد عقد أمس اجتماع لـ«مجموعة الدعم الدولية الخاص بلبنان» للمرة الثالثة بعد اجتماعها التأسيسي في نيويورك في سبتمبر (أيلول) 2013، ثم اجتماعها الثاني في مارس (آذار) الماضي، بحيث بحث في حضور ممثلي الدول الـ5 الدائمة العضوية في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، مسار برنامجها لمساعدة لبنان في أزمة النازحين السوريين.
وطالب سلام في كلمة له في هذا الاجتماع، بضرورة التركيز على إيجاد السبل لحث المانحين على زيادة مساهماتهم في تمويل المشاريع التنموية الرامية إلى تأهيل الخدمات العامة وتوسيع المؤسسات التربوية والصحية وتعزيز الاستقرار. ورأى أنه ولتحقيق الإفادة المثلى من التمويل، يتعين التعامل مع مؤسسات القطاع العام، واعتماد آليات ثنائية أو متعددة الأوجه.
ورأى أن الحل الأنسب هو إقامة مناطق آمنة داخل سوريا وباستكشاف السبل لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم.
وبحسب تقديرات مختلفة فر خلال الأعوام الماضية ما يتراوح بين 3 و5 ملايين سوري من بلدهم، وكانت وجهة أغلبهم إلى الدول المجاورة، لبنان والأردن وتركيا.
وفي أوروبا وسائر أرجاء العالم يبقى عدد اللاجئين الذين يتم استقبالهم ضئيلا على الرغم من نداءات المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.
وقد أطلقت نحو 50 منظمة غير حكومية، أول من أمس، نداء لمضاعفة المساعدة الإنسانية للاجئين كما طالبت دولا غربية باستضافة ما لا يقل عن 180 ألف لاجئ سوري إضافي.
وفي هذا الإطار، قال وزير الشؤون الاجتماعية الذي يشارك في المؤتمر ضمن الوفد الوزاري اللبناني، لـ«الشرق الأوسط» «عقدنا اجتماعات مع مجموعة الدعم الدولية بحضور وزراء خارجية ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمفوض السامي للأمم المتحدة، وعرضنا للأوضاع التي يرزح تحتها لبنان نتيجة زيادة أعداد اللاجئين على كل الأصعدة، الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، كما بحثنا للاستراتيجية الجديدة التي وافقت عليها الحكومة ولا سيما لجهة إيقاف استقبال النازحين، وكان تأكيد من الجميع على دعم لبنان. وكشف درباس أن الوفد تلقى وعدا بحصول لبنان، كبلد مضيف للاجئين، على مساعدة قيمتها 6 ملايين دولار».
وفي المؤتمر، تحدث وزير الخارجية الأردني ناصر جودة عن «إنهاك» من استقبال اللاجئين، موضحا أن التدفق الهائل للاجئين أدى بالفعل إلى خلافات وتوترات اجتماعية. وأضاف أن «طاقة الأردن والدول الأخرى المجاورة لسوريا على استضافة اللاجئين كادت تصل إلى مداها جراء احتياجاتهم الضخمة من إسكان ومدارس ووظائف ورعاية صحية في الوقت الذي تندر فيه الموارد مثل المياه». وأوضح أن بلاده وحدها تستضيف 5.‏1 مليون لاجئ ومهاجر سوري إما بسبب الأوضاع السياسية أو الاقتصادية. وقال جودة: «طاقة الأردن والدول الأخرى المجاورة لسوريا على استضافة اللاجئين وصلت إلى مداها».
من جانبه، شكا نائب وزير الخارجية التركي ناجي كورو من أن بلاده التي تتحمل تكاليف تقدر بـ4 مليارات دولار لاستقبال اللاجئين، لم تحصل على دعم من المجتمع الدولي سوى نحو 250 مليون دولار فقط.
وفي سياق متصل، طالب وزير التنمية الألماني جيرد مولر المجتمع الدولي بتقديم مساعدات مكثفة للاجئين السوريين لمواجهة الشتاء. وذكر مولر أن نحو 50 في المائة من السوريين إما أن يكونوا فارين خارج بلدهم أو مشردين داخلها، مضيفا أن «هناك ما يتراوح بين 200 ألف و300 ألف شخص في العراق يعيشون في الوحل ويحتاجون إلى مساعدة ماسة»، وقال: «الآن السماء تمطر، ثم يأتي الشتاء، ثم يأتي الموت».
ووصف اللجوء السوري بأنه أحد أخطر كوارث القرن، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي عليه التزام بمواجهة هذه الكارثة، وقال: «الأموال موجودة - يتعين فقط وضع أولويات جديدة».
وأكد مولر ضرورة إقامة 26 مخيما للاجئين في العراق، موضحا أن بلاده ستشارك في بناء ملاجئ إيواء للاجئين في شمال العراق بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف».
وتخطط الحكومة الألمانية لوضع برنامج جديد للمنح الدراسية يمكن نحو 100 لاجئ سوري من الدراسة في ألمانيا. وأعلنت الأكاديمية الألمانية للتبادل الأكاديمي «دي إيه إيه دي» أن الخارجية الألمانية خصصت 7.8 مليون يورو لدعم المنح الدراسية.
وطالبت الكتلة البرلمانية لحزب الخضر الألماني المعارض بإنهاء سياسة العزل المتبعة عند استقبال لاجئين من سوريا.
وقالت رئيسة الكتلة البرلمانية لحزب الخضر الألماني المعارض، كاترين جورينج - إكارت، على هامش مؤتمر اللاجئين السوريين في العاصمة برلين إن «استعداد البلديات والمواطنين لاستقبال اللاجئين وتقديم المساعدات لهم كبير».
وأوضحت جورينج - إكارت أن «البلديات بحاجة إلى مليار يورو لتعيين مزيد من الموظفين واتخاذ إجراءات أكثر سرعة لدعم اللاجئين»، مشيرة: «يمكننا استقبال مزيد من اللاجئين».



مخاوف يمنية في تعز من تصاعد أزمة إيجار المنازل

رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)
رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)
TT

مخاوف يمنية في تعز من تصاعد أزمة إيجار المنازل

رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)
رجل على كرسي متحرك أمام مبنى تضرر من الحرب في تعز (رويترز)

أدّت واقعة إحراق عائلة في مدينة تعز اليمنية بسبب خلافاتها مع مالك المنزل الذي تسكنه على مبلغ الإيجار، إلى إثارة مزيد من المخاوف لدى غالبية سكان المدينة الذين يقطن غالبيتهم في منازل مستأجرة، وفي ظروف معيشية معقدة، فإلى جانب مخاوفهم من الطرد، أصبحوا يخشون على سلامتهم وحياتهم.

وفي هذا السياق، فوجئ جندي في الجيش وعائلته التي تسكن في حي المطار القديم غرب مدينة تعز (جنوب غربي) بحريق يحاصرهم داخل شقتهم الصغيرة، ويلتهم الأثاث والمحتويات، قبل أن يهرع جيرانهم لإنقاذهم ونقلهم إلى المستشفى للعلاج من الحروق التي أصيبوا بها، واتضح أن منفذ الحريق هو مالك الشقة الذي سبق أن اختلف معهم حول مبلغ الإيجار.

وألقت أجهزة الأمن في المدينة القبض على الجاني، الذي طالب عائلة الجندي بزيادة الإيجار والدفع بعملة أجنبية بسبب تقلبات سعر العملة المحلية (الريال اليمني). وهذه الممارسة باتت شائعة بين غالبية ملاك العقارات في عدد من المدن اليمنية، ما تسبب في معاناة كبيرة للمستأجرين الذين تتراجع قدرتهم الشرائية بشكل مستمر.

في غضون ذلك، شدّد نبيل شمسان، محافظ تعز، على أهمية ضبط أسعار الإيجارات بعد الزيادات الكبيرة المبالغ بها من قبل المؤجرين، ما أدّى إلى تحوّلها إلى مشكلة تؤرق الجميع، وبسبب تلك الزيادات وقعت حوادث وجرائم كثيرة، خصوصاً أن العلاقة بين طرفي الإيجار تفتقر إلى وجود عقود موقّعة تحت رعاية الجهات المعنية، وتهرب المؤجرين من دفع الضرائب.

محافظ تعز أقر في لقائه مسؤولي المدينة وقيادات سياسية ضبط أسعار الإيجارات (سبأ)

ووجّه شمسان خلال لقاء جمعه بممثلي السلطة القضائية ورؤساء الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات ومديري المديريات، بتبنّي حملة يشارك فيها القضاء والأحزاب ومكونات المجتمع المدني والأجهزة الأمنية والخطباء وقادة الرأي، لحشد التأييد الشعبي للعمل بقرار تحديد الإيجارات، الذي تضمن استمرار عقود الإيجارات السكنية والعقارية وتمديدها بالقيمة الإيجارية نفسها وبالعملة المحلية دون زيادة خلال هذه الظروف الاستثنائية للحرب والحصار.

ويقول عدد من السكان في مدينة تعز، إن حوادث اعتداء المؤجرين على المستأجرين وطردهم من منازلهم تصاعدت في الآونة الأخيرة، إلا أن الإقدام على محاولة قتل عائلة بسبب خلاف حول مبلغ الإيجار تعدُّ الأولى من نوعها، والأولى في كيفيتها.

ويرجح مصدر قضائي في مدينة تعز أن طول إجراءات التقاضي حول دعاوى الإخلاء ربما تكون هي السبب في تغيُّر سلوك المؤجرين، وسعيهم إلى طرد المستأجرين بمختلف الوسائل، بما فيها العنف، وهو مؤشر خطير، حسب وصفه، قد يؤدي إلى التصاعد بشكل مقلق، خصوصاً أن المدينة ما زالت تعاني من عدم قدرة أجهزة الأمن على تطبيع الأوضاع منذ تحريرها من الجماعة الحوثية.

مظاهرة للموظفين العموميين في تعز للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية (إعلام محلي)

ونوه المصدر -الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، نظراً لحساسية منصبه- بأن غالبية القضاة، سواء في النيابات أو المحاكم، يبدون تعاطفاً مع المستأجرين؛ نظراً لأن معظمهم، أي القضاة، يسكنون في منازل بالإيجار، وتراجعت قدرة رواتبهم على الوفاء بالتزاماتهم المعيشية خلال السنوات الماضية، بسبب تردي العملة المحلية.

وبسبب هذا التعاطف، يشعر المؤجرون بالغبن، ويعتقدون أن هناك تآمراً ضدهم، وفقاً للمصدر القضائي، الذي أوضح أن القاضي، رغم تعاطفه، لا يمكنه اتخاذ إجراءات أو إصدار قرارات تخالف القانون. إلا أن المؤجرين يفسرون محاولات حل القضايا بالصلح ودون الإضرار بالمستأجرين على أنها تواطؤ ضدهم.

الدمار الذي لحق بالمدينة جراء الحرب وحصار الحوثيين تسبب في تراجع أعداد الوحدات السكنية (إعلام محلي)

وارتفعت الإيجارات في المدينة إلى أكثر من 80 في المائة خلال الأعوام الأخيرة، خصوصاً بعد تحرير معظم أجزائها من سيطرة الجماعة الحوثية، وتراجع حدة القصف المدفعي وأعمال القنص الحوثية التي تستهدف المدنيين، وتمكن أجهزة الأمن من بسط سيطرتها على معظم الأحياء.

واستغل المؤجرون هذه التطورات والتحسن الملحوظ في جودة الحياة عمّا كانت عليه قبل تحرير المدينة من النفوذ الحوثي، كما يؤكد المحامي والناشط المجتمعي صلاح غالب، فعمدوا إلى زيادة الإيجارات تدريجياً وبسرعة.

وكان عدد من الناشطين والمنظمات قد نفذوا، خلال السنوات الماضية، أنشطة ميدانية وحملات مجتمعية للضغط على الجهات الحكومية لإقرار القانون الذي يفرض دفع الإيجارات بالعملة المحلية، ومراعاة الأوضاع المعيشية للسكان.