الاحتجاجات تعم المناطق الفلسطينية رفضاً لخطة السلام الأميركية

فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية عطوف بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية عطوف بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

الاحتجاجات تعم المناطق الفلسطينية رفضاً لخطة السلام الأميركية

فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية عطوف بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
فلسطينيون خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية عطوف بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)

خرج عشرات ألوف الفلسطينيين، أمس (الجمعة)، في مظاهرات ومسيرات سلمية تذكّر ببدايات الانتفاضة الأولى، وذلك رفضاً للخطة الأميركية للسلام المعروفة بـ«صفقة القرن». وشملت الاحتجاجات جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة وقطاع غزة، وسُجّل وقوع عشرات الإصابات في مواجهات مع قوات الاحتلال، التي حاولت قمع المسيرات السلمية للفلسطينيين.
وبدأت الصدامات، في ساعات الفجر، إذ اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات الحرم القدسي الشريف، بدعوى وصول معلومات تفيد بأن آلاف المصلين ينوون الخروج في مظاهرات عنيفة في المسجد الأقصى وقبة الصخرة ومصلى باب الرحمة، فانتشرت قوات الاحتلال في الباحات وحتى بين المصلين، بقيادة قائد الشرطة في منطقة القدس، دورون يديد.
وحاولت منع العديد من الوصول إلى الحرم، كما أوقفت حافلات تقل المصلين المسلمين من إسرائيل «فلسطينيي 48»، وراحت تدقق في بطاقات هوياتهم، كما نصبت حواجز في الطريق إلى البلدة القديمة وفي الطرقات المؤدية إلى المسجد الأقصى. واعتقلت مصلين بعد الاعتداء عليهم، ولاحقت مصلين آخرين وصلوا إلى المسجدين، وعملت القوات على إخراجهم من هناك بالقوة، ثم هجمت على عدد منهم لاعتقالهم، وبينهم أمين سر حركة «فتح» في المدينة، شادي المطور، الذي سلمته أمراً يقضي بإبعاده عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة لمدة أسبوع، ثم اقتادته إلى أحد مراكزها، وأبلغته بإبعاده ستة شهور، واعتقلت عدداً آخر من شبان «فتح».
وراح المصلون يكبرون ويهتفون بـ«الروح بالدم نفديك يا أقصى»، فأطلقت الشرطة الرصاص المطاطي، ما تسبب بإصابة 10 أشخاص على الأقل. ومع انتشار خبر الاعتداء في الأقصى، خرج المئات من سكان بلدة الرام شمال القدس، في مظاهرات. فأطلقت قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيلة للدموع بكثافة.
وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، شهدت منطقة غور الأردن الشمالية، مظاهرات جماهيرية ضد «صفقة القرن» التي تنص على ضم المنطقة لإسرائيل. وجرت مسيرة تحت عنوان «حماية الأغوار» في قرية عاطوف شرق طوباس، رفع المشاركون فيها شعاراً أساسياً: «الأغوار فلسطينية، لا أميركية ولا إسرائيلية». فقمعتها قوات الاحتلال، وأصيب مواطن بقنبلة غاز في كتفه، إضافة إلى إصابة العشرات بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع. واحتجزت قوات الاحتلال، في الصباح، 4 حافلات مقبلة من مختلف محافظات الوطن للمشاركة في هذه المسيرة.
وفي رام الله والبيرة، أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة رافضة لخطة السلام الأميركية في قرية بدرس غرب رام الله، اتجهت نحو جدار الفصل الذي يلتهم أجزاء كبيرة من أراضي القرية. كذلك أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق بالغاز المسيل للدموع خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في قرية بلعين غرب رام الله. وفي قرية النبي صالح شمال غربي رام الله، اندلعت مواجهات بين أهالي القرية وقوات الاحتلال. كما اندلعت مواجهات بين عشرات الشبان وجنود الاحتلال على المدخل الشمالي لمدينة البيرة، أطلقت خلالها قوات الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة.
وفي مخيم العروب شمال الخليل، أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، جراء قمع قوات الاحتلال مسيرة سلمية خرجت تنديداً بالصفقة الأميركية. كما اقتحمت قوات الاحتلال منطقة «عصيدة» المحاذية لمستوطنة «كرمي تسور» المقامة على أراضي بلدة بيت أمر شمال الخليل، ومحيط باب الزاوية وسط مدينة الخليل، وشرعت بإطلاق الرصاص المغلف بالمطاط والغاز المسيل للدموع صوب المواطنين المتظاهرين، ما أدى إلى إصابة الناشط الإعلامي محمد عوض برصاصة مطاطية في قدمه، والعشرات بالاختناق.
وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع خلال قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 عاماً.
وشارك أبناء قطاع غزة، أمس، بالفعاليات الجماهيرية الشعبية المنددة بالخطة الأميركية. ففي مدينة غزة نفسها، انطلقت عقب صلاة الجمعة من المسجد العمري الكبير وسط المدينة مسيرة جماهيرية حاشدة دعت إليها لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية. وحمل المتظاهرون العلم الفلسطيني واليافطات المنددة بـ«الصفقة»، ورددوا هتافات غاضبة رافضة لها، وتدعو إلى استمرار المظاهرات والفعاليات الشعبية لإجهاضها وإلى زيادة التلاحم ووحدة الصف الفلسطيني، لمواجهة «المؤامرات والصفقات التصفوية».
وفي بلدة جباليا، شمال قطاع غزة، انطلقت بعد صلاة الجمعة مسيرة جماهيرية شبيهة، دعا المتظاهرون فيها المجتمع الدولي و«جميع الأحرار وأصحاب الضمائر الحية في العالم» إلى التحرك العاجل للوقوف ضد هذه الصفقة والعمل على إعادة الحقوق الفلسطينية. وقد أصيب مواطنان إثر إطلاق قوات الاحتلال النار على الشبان، وصفت جراح أحدهما بالخطيرة.
وفي سياق متصل، أطلقت مدفعية الجيش الإسرائيلي قذيفة واحدة صوب موقع لـ«حماس» شرق مخيم البريج وسط قطاع غزة دون الإبلاغ عن وقوع إصابات. وجاء القصف الإسرائيلي بزعم الرد على انطلاق ثلاث قذائف صاروخية من غزة صوب مستوطنات الغلاف.
من جهة ثانية، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أن الفتى علاء هاني حمادة العباسي البالغ من العمر 15 عاماً توفي متأثراً بإصابته قبل عدة شهور في «مسيرات العودة» شرق مدينة خانيونس.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.