مسؤول أممي: الفشل الدولي في مساعدة السودان سيكون «ثمنه باهظاً»

مسؤول أممي: الفشل الدولي في مساعدة السودان سيكون «ثمنه باهظاً»
TT

مسؤول أممي: الفشل الدولي في مساعدة السودان سيكون «ثمنه باهظاً»

مسؤول أممي: الفشل الدولي في مساعدة السودان سيكون «ثمنه باهظاً»

نبّه مسؤول أممي كبير إلى أن المجتمع الدولي «سيدفع ثمناً باهظاً» إذا فشل في المساعدة في إعادة بناء الاقتصاد السوداني، فيما يشهد هذا البلد مرحلة انتقالية في اتجاه حكم مدني.
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أشيم ستاينر، لوكالة الصحافة الفرنسية خلال زيارته للسودان، إن «حكاية السودان في عام 2020 ليست حكاية الحكومة السابقة»، في إشارة إلى نظام عمر البشير الذي أسقطته الاحتجاجات الشعبية. وأضاف أن «الانتظار لوقت طويل لاتخاذ مبادرة ودعم هذه العملية (التنموية) قد يكون ثمنه باهظاً». مضى أكثر من عام على بدء الاحتجاجات التي أزاحت الرئيس السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي بعد سنوات طويلة من حكم البلاد، ولا يزال السودان يواجه تحديات جراء الأزمة الاقتصادية. وكانت هذه الأزمة السبب الرئيسي الذي أشعل شرارة الاحتجاجات ضد البشير. وبعد أشهر من الإطاحة به ما زال الاقتصاد يرزح تحت دين خارجي بلغ 60 مليار دولار أميركي مع معدل تضخم وصل إلى 60 في المائة وانتشار البطالة ونقص في الوقود والعملات الأجنبية.
لكنه في رأي ستاينر، وهو أول مدير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يزور السودان، فإن هذه التحديات تشكل فرصة للمجتمع الدولي ليتقدم خطوة لمساعدة السودان. وقال: «الشباب والنساء بصورة خاصة في هذا البلد لم يتمكنوا فقط من القيام بثورة سلمية في جزئها الأكبر، بل لديهم أجندة لتطوير وبناء الدولة». وأضاف: «على المجتمع الدولي أن يعترف بما لهذا الأمر من أهمية كبرى في منطقة يزداد فيها انعدام الاستقرار السياسي والتطرف». ويشكو المسؤولون السودانيون من قلة تجاوب المجتمع الدولي مع العملية الإصلاحية في البلاد، التي يقودها عبد الله حمدوك الخبير الاقتصادي الذي تولى رئاسة الوزراء.
واللوم الأكبر يوجه إلى واشنطن التي أبقت السودان على قائمة «الدول الراعية للإرهاب» ما يمنع البنوك الدولية من التعامل مع السودان ويدفع المستثمرين في الخارج إلى الابتعاد عنه. في عام 2017 رفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية عن السودان، والتي ظلت تفرضها على مدى 20 عاماً، لكنها أبقته على قائمة «الدول الراعية للإرهاب» مع إيران وسوريا وكوريا الشمالية. وشطب السودان من هذه القائمة سيستغرق وقتاً، وخصوصاً أن الولايات المتحدة تريد التأكد من أن نظام البشير تم تفكيكه بالكامل.
وأوضح ستاينر أن كثيرين يعتبرون أن استمرار وضع السودان على هذه القائمة لم يعد موضوعاً رئيسياً، مطالباً الكونغرس الأميركي بالمبادرة إلى شطبه منها. وقال: «من الخطورة بمكان نسيان السودان. هذا البلد يستحق المساعدة الآن أكثر من أي وقت، وحذار تفويت هذه الفرصة». وتابع: «تعهدنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن نعزز التزامنا، كونه مكسباً للجميع».
وتطالب مؤسسات التمويل الدولي السودان بإصلاحات اقتصادية، بما في ذلك رفع الدعم عن السلع، الأمر الذي يدعو المسؤول الأممي إلى القيام به في شكل متدرج. وقال: «يكمن دورنا ودور البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في تقديم خطط تشتمل على نصائح أكثر حكمة، لا أن نكتفي بالقول للسودانيين؛ الإصلاحات التي تقومون بها ستفشل لأنكم لا تقومون بهذه الخطوة أو تلك». وأشاد ستاينر ببدء الحكومة الجديدة مفاوضات مع المجموعات المسلحة لإنهاء النزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي المناطق التي ظلت تشهد قتالاً إبان حكم البشير.
وعلى مدى سنوات، قتل مئات الآلاف، وتشرد الملايين جراء القتال بين قوات البشير ومجموعات مسلحة في الولايات الثلاث. وأكد ستاينر أن السودانيين هم من يقررون طبيعة المجتمع الذي يريدونه، لكنهم يحتاجون إلى مساعدة المجتمع الدولي لبناء هذا المجتمع. وقال: «عندما تعمد حكومة ما إلى تركيع شعبها لعقود، فمن البديهي أن يلتفت هذا الشعب بعد ذلك إلى المجتمع الدولي، ليكون جزءاً من جهود إنهاضه، وأعتقد أن هذا ما يدفعنا إلى تصويب الأنظار إلى السودان في الوقت الراهن».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.