قادة أفارقة يبحثون في برازافيل سبل حلحلة الأزمة الليبية

الجزائر تتمسك بالحل السياسي السلمي... والسراج يقترح تعيين موفد أفريقي

جانب من قمة برازافيل حول ليبيا أمس (وكالة الأنباء التونسية)
جانب من قمة برازافيل حول ليبيا أمس (وكالة الأنباء التونسية)
TT

قادة أفارقة يبحثون في برازافيل سبل حلحلة الأزمة الليبية

جانب من قمة برازافيل حول ليبيا أمس (وكالة الأنباء التونسية)
جانب من قمة برازافيل حول ليبيا أمس (وكالة الأنباء التونسية)

أكد رؤساء دول وحكومات أفارقة خلال اجتماعهم بالعاصمة الكونغولية برازافيل، أمس، ضرورة «تغليب لغة الحوار بين الليبيين»، وتأكيد «الموقف الأفريقي ودور دول الجوار»، بهدف التوصل لحل سياسي يُنهي الاقتتال، ويسعى إلى إخراج ليبيا من أزمتها، وذلك بحضور ممثلي طرفي النزاع في ليبيا.
ويستبق هذا التحرك لرؤساء دول وحكومات اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي، برئاسة الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نغيسو، القمة المزمع انعقادها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يومي 9 و10 فبراير (شباط)، والتي من المقرر أن يحضرها قادة 55 دولة اتحاد أفريقيا.
وحرصت اللجنة العليا للاتحاد على توجيه الدعوة لوزيري الخارجية بالحكومتين المتنازعتين في غرب وشرق ليبيا، محمد الطاهر سيالة، وعبد الهادي الحويج. في إشارة إلى انفتاح أفريقي على طرفي النزاع في البلاد.
وقالت وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة إن «مشاركة الحويج في القمة الأفريقية حول ليبيا أتت بتكليف من رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح»، لافتة إلى أن الحويج والوفد المرافق له بحث خلال الزيارة «مستجدات الوضع في ليبيا، وبعض القضايا الثنائية مع رؤساء الوفود المشاركة».
في المقابل، قالت حكومة «الوفاق» المدعومة أممياً، إن سيالة ناقش لدى وصوله برازافيل مع نظيره الكونغولي جان كلود جاكوسو، عدداً من الملفات، ومنها الأوضاع الدائرة في البلاد، وتداعيات الحرب على العاصمة.
ونقلت وكالة الصحافة الأفريقية، أمس، أن الاجتماع الذي جاء بعد أيام من مؤتمر برلين بألمانيا، وبمشاركة ممثلين لطرفي النزاع ولمنظمات أفريقية ودولية، «استهدف إيجاد حلول سياسية للأزمة الليبية»، لافتةً إلى مشاركة الشركاء الدوليون، خصوصاً ألمانيا التي مثّلها وزير خارجيتها هايكو ماس.
ومن المقرر أن تحال توصيات هذا الاجتماع للمصادقة، على الدورة الثالثة والثلاثين لقمة رؤساء دول وحكومات منظمة الاتحاد الأفريقي.
وخلال اللقاء تحدث الحويج عن «عمليات بيع للأفارقة» في ليبيا على يد من سمّاها «ميليشيات حكومة (الوفاق)»، وتطرق إلى الكيانات الشرعية وغير الشرعية في البلاد، وقال إن عقيلة صالح وبحكم الإعلان الدستوري للبلاد «يمثل كل الليبيين، وهو الرئيس المؤقت للبلاد».
وأضاف الحويج في كلمته بحضور رؤساء وأعضاء الوفود المشاركة، ودول الجوار ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، أن «الجيش الوطني استُقبل بالورود والزغاريد عند دخوله مدينة سرت، محرراً السكان والمدينة من هيمنة الميليشيات وغطرستهم».
ووجه الحويج حديثه إلى حكومة «الوفاق»، بقوله: «أيُّ شرعية يتحدثون عنها في ظل الغياب الواضح، والتوزيع غير العادل للثروات بسبب سياسة النهب وصرف الأموال على جلب (المرتزقة) من إدلب وغيرها؟»، مبرزاً أن «الآلاف من النساء يقفن في صفوف طويلة، ولساعات طويلة أمام البنوك من أجل الحصول على بعض الأموال، ويتعرضن للإهانة والضرب على يد الميليشيات».
ودافع الحويج عن حرب طرابلس، وقال إن «عملية الرابع من أبريل (نيسان) الماضي جاءت لتحرير العاصمة، وتخليصها من سجانيها بهدف استعادة الدولة، وإعادة الكرامة للوطن والمواطن، وبهدف حماية الحدود وصونها من انتشار السلاح، الذي وصل لأفريقيا، والجريمة العابرة للحدود والإرهاب، الذي يضرب الدول الأفريقية بفعل تفشي سلاح الميليشيات ورواج بيعه وبيع البشر للأسف في بلادنا اليوم».
وانتهى الحويج بتأكيد أن العاصمة طرابلس «لا تزال ترزح تحت سلطة الميليشيات، وهو أمر غير مقبول لليبيا ولأفريقيا ولدول المغرب العربي، ودول الجوار ولحوض المتوسط والعالم».
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، أن بلاده ستواصل الاضطلاع بدور محرك في تسوية الأزمة الليبية في أسرع وقت ممكن، بعدما أصبح «صوتها مسموعاً أكثر مما كان عليه من قبل».
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بوقادوم قوله، على هامش اجتماع اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي حول ليبيا، إن «الحل (في ليبيا) لا يمكن أن يكون إلا سياسياً وسلمياً، ولا يمكن أن يأتي إلا من لدن الليبيين، بمساعدة دولية، لا سيما دول الجوار»، موضحاً أن «المبادئ الأساسية التي يقوم عليها المسعى الجزائري في تسوية الأزمة الليبية معروفة». كما أشار إلى «إعادة تفعيل العديد من الآليات، خصوصاً آليات البلدان المجاورة لليبيا، وكذا مالي، بالنظر إلى نتائج النزاع الليبي على هذا البلد».
في سياق ذلك، لفت بوقادوم إلى أن مشاركة الجزائر في القمة الثامنة لرؤساء دول وحكومات اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي حول ليبيا، تهدف إلى إعطاء دور أكثر أهمية للاتحاد الأفريقي في حل الأزمة الليبية، وقال بهذا الخصوص: «الكثير من الفاعلين ينتظرون أن تعبّر الجزائر عن موقفها بخصوص القضية الليبية. وصوتنا أضحى مسموعاً الآن أكثر مما كان عليه من قبل».
في شأن ذي صلة، أكدت مصر وفرنسا مجدداً مساء أمس، رفضهما التدخلات الخارجية في ليبيا، وذلك خلال اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر وفرنسا سامح شكري وجان إيف لودريان.
وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الوزيرين بحثا آخر التطورات بخصوص ليبيا ومخرجات مؤتمر برلين، واستمرار العمل المشترك للتعامل مع عناصر الأزمة الليبية كافة.
وأكد الوزيران رفضهما التدخلات الخارجية في ليبيا، كما استعرض الوزير الفرنسي تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأخيرة في هذا الصدد، حسب بيان الخارجية المصرية.
في سياق ذلك، اتهم فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي، الذي شارك في أعمال قمة برازافيل، أمس، «التدخلات الخارجية السلبية الإقليمية منها والدولية»، التي قال إنها ساهمت في عرقلة المسار السياسي، وأوصلت البلاد إلى حالة الحرب الحالية.
وحمّل السراج في كلمة نقلها مكتبه، أمس، «الداعمين (للعدوان) بالسلاح والعتاد والأموال، المسؤولية الأخلاقية والقانونية عمّا يُرتكب بحق الليبيين من انتهاكات وجرائم». وأعلن العزم على رفع دعاوى قضائية «ضد كل من ساهم بإلحاق الضرر والأذى بالشعب الليبي»، والمطالبة بتعويضات عادلة لأسر الضحايا.
كما تحدث السراج عن الخروقات، التي وقعت من قِبل «المعتدي» منذ مؤتمر برلين، من قصف للمطارات والأحياء السكنية، وقتل للأطفال والأبرياء على مدار الأيام الماضية، إضافةً إلى رفضه المشاركة حتى الآن في المحادثات العسكرية (5+5) التي كان المفترض عقدها في جنيف منذ يومين، وقال بهذا الخصوص: «هذه الأفعال قد تجعلنا نعيد النظر في المشاركة في أي حوار قبل وقف هذه الانتهاكات، وانسحاب المعتدي من حيث جاء، ورجوع النازحين إلى ديارهم». معبراً عن تطلعه إلى أن يلعب الاتحاد الأفريقي دوراً مركزياً، يسهم بفعالية في إيجاد حل للأزمة الليبية، وتقدم باقتراح لتعيين موفد أفريقي خاص إلى ليبيا، يتولى التنسيق بين مسارات الحل، ليكون الثقل الأفريقي فاعلاً وحاضراً بقوة، وقال إنه يأمل أن ينال هذا المقترح موافقة جماعية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.