تلاسن صيني ـ أميركي في نيويورك... وقلق أممي من تصعيد إدلب

TT

تلاسن صيني ـ أميركي في نيويورك... وقلق أممي من تصعيد إدلب

عبر مسؤولو الأمم المتحدة عن «قلقهم البالغ» من أثر المعارك الجارية في معرة النعمان وسراقب وغرب حلب على مئات آلاف المدنيين السوريين، داعين مجدداً إلى وقف العمليات العدائية في مناطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب. فيما تواصلت الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن على كيفية التعامل مع الحرب في سوريا. واستجد عليها رفض الصين لاتهامات من الولايات المتحدة بأن الصين تتبع سياسات موسكو «بشكل أعمى».
وعقد مجلس الأمن جلستين حول سوريا الأربعاء، الأولى قبل الظهر حول الوضع الإنساني الذي تحدث عنه وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك، والثانية حول العملية السياسية وتكلمت فيها نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خولة مطر.
وعبر لوكوك عن «قلقه البالغ» من «الوضع السيئ والمتدهور الذي يطال النساء والأطفال في شمال غربي سوريا بسبب القصف المكثف بالقنابل والمدفعية وغيره من أنواع القتال». وقال إن «القتال في معرة النعمان وسراقب وغرب حلب، كان أشد من أي شيء رأيناه في العام الماضي». وأكد أن «المدنيين لا يزالون عرضة للقصف المكثف»، موضحاً مفوضية حقوق الإنسان وثقت «أكثر من 1500 وفاة بين صفوف المدنيين تحققت منها المفوضية منذ بدء التصعيد في أواخر أبريل (نيسان)». وحض كل الأطراف على «الوقف الفوري للأعمال القتالية في منطقة خفض التصعيد في إدلب وحولها». وكذلك أشار إلى أن الوضع الإنساني في شمال شرقي البلاد «لا يزال صعباً، حيث هناك نحو 70 ألف مشرد بعد العمليات العسكرية التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول). بالإضافة إلى ذلك يعيش 90 ألف شخص في مخيمات النازحين، بينهم أكثر من 66 ألف شخص في مخيم الهول».
وتحدثت نائبة المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة شيري نورمان شاليت فاتهمت الصين وروسيا بإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، قائلة إن «روسيا تعرقل (...) والصين تتبعها بشكل أعمى». ولاحظت أن «إغلاق معبر اليعربية أدى إلى منع وصول بين 40 و50 في المائة من المعدات والإمدادات الطبية التي تقدمها الأمم المتحدة للمدنيين في سوريا». كما أنه «جرى قطع الإمدادات الطبية الحيوية بين ليلة وضحاها لمخيم الهول بنسبة تتراوح بين 60 و70 في المائة».
وسارع نائب المندوب الصيني إلى الرد على اتهامات شاليت، مؤكداً أنه «لا يمكن للولايات المتحدة كيل الاتهامات لنا، فنحن ليس لدينا جندي واحد في سوريا، ولم نحتل آبار النفط، ولم نضرب ذلك البلد». وأضاف أن «توجيه الاتهامات ضرب من النفاق، وإذا كنتم تتوقعون منا التصديق على سياساتكم فقط، فنقول لكم إن زمن الاستعمار قد ولى وانتهى».
أما المندوب السوري الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، فارتأى أن ينقل إلى مجلس الأمن «خبراً ساراً ألا وهو تحرير الجيش العربي السوري وحلفائه لمدينة معرة النعمان التاريخية»، مضيفاً أنه «يتبقى الآن واجب تحرير مدينتي سراقب وأريحا. وبعد ذلك سيصبح من الممكن إعادة فتح مطار حلب».
العملية السياسية
واستهلت مطر إحاطتها بالكشف أن الفريق العامل المعني بإطلاق المحتجزين والمختطفين وتسليم الجثث وتحديد هوية المفقودين الذي يضم إيران وروسيا وتركيا والأمم المتحدة «سيجتمع للمرة الأولى في جنيف في وقت لاحق في فبراير (شباط) المقبل». وفيما أقرّت بأن «التقدم على صعيد هذا الملف ليس بالأمر السهل»، أشارت إلى أن المبعوث الخاص غير بيدرسون، الموجود في دمشق حالياً، أكد على أهمية هذه القضية في مشاوراته مع الحكومة السورية في دمشق. وتحدثت مطر أيضاً عن «الوضع الخطير في الميدان والذي يزداد سوءاً»، مشيرة إلى أن «النطاق المفزع للعمليات العسكرية في شمال غربي البلاد أدى إلى عواقب إنسانية مدمرة بالنسبة لثلاثة ملايين شخص في إدلب». وأملت في «لمّ شمل اللجنة الدستورية قريباً، من أجل أن تستمر جلساتها بإيقاع ثابت في الأشهر المقبلة»، قائلة إن «هناك حاجة لبناء الثقة التي يمكن أن تسهم في فتح الباب أمام عملية سياسية أوسع نطاقا». ولفتت إلى أن بيدرسون يواصل مساعيه من أجل «إطلاق عملية سياسية شاملة من شأنها أن تؤدي إلى تسوية سياسية دائمة تلبي تطلعات الشعب السوري المشروعة، وتحترم وتعيد سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها واستقلالها».
قالت نائبة المندوبة الأميركية شيريث نورمان شاليت إن «الشلل لا يزال يصيب كل جانب من جوانب العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بموجب القرار 2254»، متهمة «نظام الرئيس بشار الأسد بأنه يواصل محاولات فرض حل عسكري للنزاع». واتهمت دمشق وموسكو بأنهما «تعطلان العملية السياسية عن عمد وتنكران وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين»، واصفة «العنف المتصاعد في شمال غربي سوريا بأنه غير مقبول». وتعهدت «مواصلة الضغط الاقتصادي لواشنطن على سوريا حتى إنهاء هذه الهجمات». ورفضت «وقف النار بالاسم فقط».
وتحدث المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن محاربة التنظيمات الإرهابية في إدلب، قائلاً إن «إرهابيي هيئة تحرير الشام ومن يدعمونهم ينتهكون اتفاق منطقة خفض التصعيد ويهاجمون الجيش السوري ومطار حميميم وهذه المسائل لا يمكن أن تفلت من العقاب».وأفاد نائب المندوب الصيني بأن هناك ضرورة لـ«معالجة ملف الإرهابيين الأجانب في سوريا كونهم يمثلون مشكلة كبيرة ولها الكثير من التداعيات على الدول الأخرى ما يتطلب تعاون الجميع لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله وفقا للقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.