كيف فقد توتنهام سيطرته على ملحمة إريكسن؟

منذ لقاء لاعب الوسط الدنماركي مع مدربه بوكيتينو في مطعم بكوبنهاغن عام 2018 وهو عازم على الرحيل

إريكسن ظل عامين صامداً على قراره بمغادرة توتنهام (رويترز)
إريكسن ظل عامين صامداً على قراره بمغادرة توتنهام (رويترز)
TT

كيف فقد توتنهام سيطرته على ملحمة إريكسن؟

إريكسن ظل عامين صامداً على قراره بمغادرة توتنهام (رويترز)
إريكسن ظل عامين صامداً على قراره بمغادرة توتنهام (رويترز)

من وجهة نظر الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنهام السابق بعد فترة قصيرة من نهاية موسم 2017 - 2018، أنه في تلك الفترة كان لاعب الوسط الدنماركي كريستيان إريكسن قد بدأ تركيزه على إنهاء علاقته مع النادي.
بوكيتينو كان في تلك الفترة قد وافق على عقد جديد لمدة خمس سنوات مع النادي، وأراد أن يظهر حجم تقديره للاعب وسطه الدنماركي باعتباره واحداً من العناصر المحورية بفريقه، واعتبر دوره جوهرياً في المرحلة الجديدة من مسيرته مع النادي. ورغب المدرب في إخبار اللاعب بهذا الأمر، في محاولة لإظهار حجم التقدير الكبير الذي يكنه تجاهه. وعليه، سافر خلال فترة الإجازة إلى كوبنهاغن لمقابلته.
اقترح إريكسن مكاناً لتناول الطعام، مطعم «بيسترو بوهيمي» الشهير المملوك للشيف بير ثوستسن، والذي يعمل كذلك الشيف الأول للمنتخب الوطني الدنماركي. داخل المطعم الشهير، تبدأ أسعار أطباق كافيار روسيني الذهبي من 70 جنيهاً إسترلينياً. كان برفقة بوكيتينو، زوجته كارينا ومساعده جيسوس بيريز، وقضى الجميع أمسية لطيفة للغاية.
بعد أسبوع تقريباً، صدم زين الدين زيدان الجميع باستقالته من منصب المدير الفني لريال مدريد، أحد الأندية التي كانت تسعى وراء بوكيتينو ـ وسرعان ما تحول النادي الإسباني بأنظاره نحو المدرب الأرجنتيني، لكن محاولات تودده قوبلت بالرفض. كان بوكيتينو قد وافق لتوه على تمديد أجل تعاقده مع توتنهام هوتسبر، وكان من المستحيل أن يرحل عن الفريق الإنجليزي، حتى وإن لم ترق له الأوضاع المالية بالنادي بسبب تكاليف الاستاد الجديد.
ورغب بوكيتينو في رؤية التزام مشابه من جانب إريكسن، وإن كان سفره إلى كوبنهاغن لم يكن بناءً على تكليف من إدارة النادي وكان مدركاً جيداً أنه ليس باستطاعته إجبار اللاعب على الموافقة على تجديد تعاقده مع توتنهام الذي كان متبقياً فيه عامان. أيضاً، كان بوكيتينو مدركاً تماماً لمسألة أن اللاعبين يتعين عليهم الاعتناء بشؤونهم، لأنه بمجرد أن يصبح غير مرغوب بهم، لن تترد أنديتهم ولو للحظة في التخلص منهم.
والسؤال هنا: هل كانت لدى إريكسن في ذلك الوقت رغبة في الرحيل عن توتنهام هوتسبر؟ هذا أمر غير واضح، لكن ما كان جلياً أمام بوكيتينو أن اللاعب الدنماركي كان يفكر بالفعل في خطوته المقبلة، وأن ذلك تضمن التفكير في استراتيجية خروج ممكنة، الأمر الذي كانت له سيطرة عليه. وكان ذلك يعني عدم التوقيع على عقد جديد. وبداية من الأمسية في مطعم «بيسترو بوهيمي»، بدأت أصوات دقات الساعة في العدل التنازلي لرحيل إريكسن تبدو مرتفعة، وما شاهدناه مساء الثلاثاء بتوقيعه عقد انتقاله إلى إنتر ميلان الإيطالي مقابل 20 مليون يورو (16.9 مليون جنيهاً إسترلينياً) كان نتيجة خوضه مباريات طويلة.
جدير بالذكر أن إريكسن انضم إلى توتنهام هوتسبر قادماً من أياكس خلال ما أصبح يعرف باسم صيف «بيل» في 2013. وهو الوقت الذي شهد رحيل غاريث بيل من توتنهام للانضمام إلى ريال مدريد، وأنفق النادي العائدات التي حصل عليها وبلغت 86 مليون جنيهاً إسترلينياً على ضم سبعة وجوه جديدة. وبذلك، شارك إريكسن في صفوف توتنهام لفترة طويلة مكنته من قراءة كيف تتعامل الإدارة مع اللاعبين والوكلاء، وما يخبئه له المستقبل. وكان يدرك جيداً أن السبيل الوحيد أمامه للرحيل عن النادي بالشروط التي تروق له هو الانتظار حتى يدخل عقده مع توتنهام عامه الأخير.
ومن بين الأمور التي أصابت بوكيتينو بالإحباط قبل رحيله عن توتنهام، نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عجز رئيس النادي دانييل ليفي عن بيع لاعبين وتوفير مساحة أمام الفريق كي يتطور. قبل إريكسن، جرى بيع اثنين فقط من لاعبي التشكيل الأساسي خلال العامين السابقين هما موسى ديمبيلي وكيران تريبير. كان ديمبيلي متبقياً في تعاقده ستة أشهر فقط عندما انتقل إلى غوانغجو الصيني مقابل 11 مليون جنيهاً إسترلينياً، بينما كانت لا تزال ثلاثة سنوات متبقية في عقد تريبير عندما انتقل إلى أتليتكو مدريد مقابل 20 مليون جنيهاً إسترلينياً، مما جعل منه نموذجاً متفرداً.
اليوم، ووفقاً للوضع العام للسوق، وبالنظر إلى أن الكثير من لاعبي توتنهام هوتسبر يتقاضون أجوراً جيدة، ليست هناك الكثير من الأندية التي يمكن أن تشتريهم وتوفر لهم أجوراً مكافئة أو أفضل. وبالتالي، أصبحوا عالقين داخل النادي. حتى إريكسن نفسه جابه صعوبة في اجتذاب عروض حتى تقدم الإنتر بالعرض المناسب، والذي ساعده فيه أنه كان متبقياً في عقد اللاعب ستة أشهر فقط. الصيف الماضي، كان أتليتكو مدريد الوحيد الذي تقدم بعرض واضح له. أما الأمر الذي وقف في طريق إريكسن آنذاك فكان الـ130 مليون جنيهاً إسترلينياً التي طلبها ليفي مقابل انتقال اللاعب.
اليوم، خسر توتنهام هوتسبر واحداً من أمهر اللاعبين الذين انضموا لصفوفه خلال السنوات الأخيرة مقابل مبلغ زهيد نسبياً. ورغم هذا وحتى لو كانت النهاية مؤلمة بعض الشيء، تظل الحقيقة أن إريكسن يرحل عن النادي تاركاً خلفه ثروة هائلة من الذكريات الجميلة، منها أن بوكيتينو اعتاد أن يدعوه «غولازو»، لفظ إسباني يعني «الصارخ»، في إشارة لصراخ اللاعب لدى تسجيل هدف، بجانب الكثير من الذكريات الأخرى الرائعة. يذكر أنه منذ انضمام إريكسن إلى بطولة الدوري الممتاز، لم يتفوق عليه لاعب آخر من حيث عدد الأهداف التي أحرزها من خارج منطقة المرمى (23) ولا من حيث عدد الأهداف التي سجلها من ركلات حرة مباشرة (8) ولم يحقق لاعب آخر عدداً أكبر من المساعدة في تسجيل أهداف عنه (62) ولم يخلق لاعب آخر عدداً أكبر من الفرص عنه (571).
وأوضح اللاعب في أول يوم له بإيطاليا: «الأرقام تؤكد أنني قدمت أداءً جيداً في إنجلترا. حان الوقت لأخوض تحدياً جديداً الآن وأشعر بسعادة كبيرة لأنني حظيت بهذه الفرصة للعب مع فريق كبير في الدوري الإيطالي».
وبهذا يكون إريكسن ثالث لاعب ينضم لصفوف إنتر ميلان من الدوري الإنجليزي الممتاز خلال هذا الشهر بعد أن ضم آشلي يانغ بالفعل من مانشستر يونايتد وفيكتور موزيس على سبيل الإعارة من تشيلسي.
ويأمل أنطونيو كونتي مدرب إنتر ميلان أن يتمكن إريسكن من إضافة لمسات إبداعية وصناعة مزيد من الفرص لثنائي الهجوم روميلو لوكاكو ولاوتارو مارتينيز.
وقال إريكسن عن كونتي: «أتيحت لي فرصة التعرف عليه حين كنت في توتنهام وكنا نستعد لمواجهة تشيلسي الذي كان يدربه وكانت المباراة في غاية الصعوبة. أتطلع للتعرف عليه أكثر والتعلم من طريقته في اللعب».
لقد اعتاد العاملون في الحقل الإعلامي على صلابة إريكسن في التعامل وتأكيده بعد كل مباراة أن كل ما أنجزه جاء عفوياً. داخل النادي، اشتهر إريكسن بمهنيته واتساقه، وأظهر زملاؤه تجاهه قدراً واضحاً من الاحترام والتقدير لمهارته الفنية وقوة قدميه وصموده داخل الملعب، خاصة أنه كان أكثر لاعبي الفريق جرياً داخل الملعب. والآن، خرج إريكسن فائزاً.


مقالات ذات صلة

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

رياضة سعودية السعودية سجلت نفسها وجهة عالمية للأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

خلال الأعوام العشرة المقبلة، ستكون السعودية على موعد مع استضافة كأس آسيا 2027، ومن ثم استضافة كأس العالم 2034، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية «آسياد 2034».

فهد العيسى (الرياض)
رياضة عالمية الألماني هانز فليك مدرب برشلونة (إ.ب.أ)

فليك: تركيز برشلونة ينصب على ليغانيس

قال هانز فليك، مدرب برشلونة، السبت، إن فريقه يوجه كل تركيزه إلى مباراة ليغانيس المقررة الأحد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: لو نورمان سيحصل على فرصة المشاركة مع أتلتيكو

قال دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، السبت، إن روبن لو نورمان سيحصل على فرصة اللعب لفترات أطول.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية الإسباني لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي (أ.ف.ب)

إنريكي: أقدّم أفضل موسم في مسيرتي

أصر الإسباني لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي، السبت، على أنّ الأرقام تؤكد أنّه يخوض «الموسم الأفضل» في مسيرته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)

فونسيكا: على لاعبي ميلان الارتقاء لمستوى النادي العريق

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، اليوم (السبت)، إن لاعبي الفريق بحاجة إلى تحسين نهجهم وموقفهم والارتقاء إلى مستوى التاريخ العريق للنادي.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».