رتب عسكرية لكتائب «الزينبيات» لترسيخ ولائهن الحوثي

الميليشيات حولت ساحات مدارس وأندية إلى ميادين لتدريبهن

زينبيات يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
زينبيات يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
TT

رتب عسكرية لكتائب «الزينبيات» لترسيخ ولائهن الحوثي

زينبيات يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)
زينبيات يرفعن أسلحة تظهر عليها شعارات الحوثيين في صنعاء (غيتي)

واصلت الميليشيات الحوثية، المدعومة إيرانياً، جرائمها بحق النساء والفتيات اليمنيات في مناطق سيطرتها، تارةً بالاستهداف والقتل والإصابة والاختطاف والحرمان، وأخرى باستخدامهن مجنداتٍ «زينبيات» للقتال في صفوفها وتنفيذاً لأجندتها الانقلابية.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن قيام الجماعة أخيراً بمنح رتب عسكرية لعناصر أمنها النسائي المعروفات بـ«الزينبيات»، إلى جانب قيامها بتنفيذ دورات تدريبية مكثفة للمئات من النساء على استخدام الأسلحة وتلقي التدريب البدني.
وأكدت المصادر أن جماعة الحوثي الانقلابية تمكنت خلال العام الماضي، وتحت أساليب الترغيب والترهيب وأساليب أخرى طائفية، من تجنيد المئات من الفتيات اليمنيات في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة لسيطرتها.
وكشفت مصادر محلية وأخرى تربوية في صنعاء عن تنظيم جماعة الحوثي مطلع الأسبوع الحالي نحو 6 معسكرات تدريبية في صنعاء لفتيات مجندات تم إلحاقهن بها منذ مطلع العام الحالي ضمن فرق «الزينبيات».
وبحسب المصادر؛ نظمت الميليشيات قبل فترة قصيرة في «نادي بلقيس» الذي تحتله بشارع صخر في حي حدة وسط العاصمة صنعاء، دورة عسكرية لمجموعة جديدة من كتائب «الزينبيات» النسائية، والتي تتألف من فتيات وطالبات مدارس جرى استقطابهن خلال الفترة السابقة.
واتخذت الجماعة من المدارس الخاصة والحكومية والأندية ساحات سرية لتدريب المجندات وإعدادهن عسكرياً بهدف تنفيذ المهام القمعية وغيرها من المهام التي توكلها لهن قيادة الميليشيات، حسبما ذكرت المصادر ذاتها.
وأخضعت الميليشيات المتدربات لدورات تدريبية على جميع أنواع الأسلحة، وقيادة المركبات، وهو ما يعني - بحسب المصادر - أنها قد تغامر باستخدامهن في أي أعمال قتالية مقبلة. وتتولى ما تسمي «الهيئة النسائية» في الجماعة الحوثية والخاضعة لأوامر إحدى شقيقات عبد الملك الحوثي، الإشراف على الاستقطاب والتجنيد للفتيات اليمنيات من المدارس والجامعات ومن الأسر الفقيرة، ومن مراكز التدريب المهني، وحتى من نزيلات السجون.
وتؤكد المصادر المحلية أن القوة العسكرية النسائية الحوثية لا تزال تواصل التجييش والتدريب والتسليح والاستقطاب، ومنح تلك القوة النسائية الحوثية كشوفاً سرية وأرقاماً عسكرية متسلسلة لمن باتت الجماعة تطلق عليهن «المجاهدات».
وفي مضمار استمرار الانقلابيين في استخدام الفتيات اليمنيات المجندات في تنفيذ أعمال عنف واعتقالات وتفتيش المنازل، وبهدف كسب ولائهن، منحت الجماعة مؤخراً، مئات المجندات من الفتيات والنساء المعروفات باسم «الزينبيات» رتباً عسكرية.
وذكرت المصادر أن الجماعة منحت أخيراً المجندات رتباً عسكرية من «ملازم ثانٍ» إلى رتبة «رائد» و«مقدم»، حسب أقدمية الالتحاق بالميليشيات، فضلاً عن أهمية الدور الذي تقوم به كل مجندة في الاستقطاب؛ إلى جانب صلة قرابة كل مجندة من السلالة الحوثية.
وتحدثت المصادر عن أن الجماعة أخضعت 180 امرأة على الأقل من العاملات في مجال الأمن واقتحامات المنازل لدورات في التحري وجمع الاستدلالات والاستجواب واستخدام الأسلحة في كلية الشرطة الخاضعة للجماعة بصنعاء، ومنحتهن شهادات تخرج.
وفي سياق متصل، قوبلت ممارسات الجماعة الانقلابية بحق اليمنيات وتورطها في تجنيدهن والزج بهنّ في أعمال عنف واعتقالات وتعذيب في صنعاء ومدن يمنية أخرى، باستهجان كبير من قبل مختلف فئات وشرائح المجتمع اليمني.
ويصف المراقبون تلك الممارسات بالغريبة والدخيلة على عرف المجتمع اليمني الذي يجرّم الاعتداء على المرأة أو تجنيدها والزج بها في أعمال العنف. ويرى المراقبون أن «تجنيد النساء من قبل الجماعة لتنفيذ مهام عسكرية وأمنية يعدّ مؤشراً خطيراً على كارثية العقلية الميليشاوية، خصوصاً وقد أدخلت النسوة في اليمن دائرة الصراع وتحولنّ إلى أداة لضرب وقمع المختلفات، وقد يتطور الأمر ليصل إلى القتل، خصوصاً أن الشحن الطائفي يبلغ ذروته في ظل غياب النضج والإدراك».
وشكا سكان محليون بصنعاء من «استمرار جرائم وانتهاكات وممارسات الميليشيات بحق النساء اليمنيات»، وعدّوا أن الجماعة «تجاوزت بأفعالها كل المبادئ والأعراف والتقاليد الإسلامية والإنسانية الأصيلة من خلال انتهاكاتها التي لا تتوقف بحق اليمنيات سواء في العاصمة صنعاء أو محافظات يمنية أخرى».
وتحظى المرأة اليمنية - بحسب العادات والتقاليد - بهالة من القداسة والتبجيل، كما يعدّ التعدي على أي امرأة يمنية بمثابة «العيب الأسود» في العرف المجتمعي والقبلي، «إلا إن الميليشيات كسرت تلك الحواجز المتينة وضربت بها عرض الحائط، وواصلت جرائمها بأساليب متعددة بحق النساء».
وعلى الصعيد ذاته، رصدت تقارير محلية ودولية عدة على مدى 5 أعوام من عمر الانقلاب آلاف الجرائم والانتهاكات الوحشية التي اقترفتها أيادي الميليشيات الدموية بحق اليمنيات بمناطق سيطرتها.
وتنوعت الجرائم الحوثية بحق نساء اليمن بين الاعتداء الجسدي، وحملات الاختطاف والاعتقال القسري، والتجنيد القسري، والابتزاز، والترويع... وغيرها من الانتهاكات الأخرى التي طالت آلاف اليمنيات في العاصمة صنعاء ومدن أخرى واقعة في قبضة الجماعة.
وتطالب التقارير الحقوقية، المجتمع الدولي بالوقوف بحزم تجاه ما تتعرض له النساء في اليمن واتخاذ إجراءات عاجلة للإفراج عن جميع المعتقلات والكشف الفوري عن مصير المخفيات قسراً، ومحاسبة المسؤولين عن اعتقال النساء بشكل عشوائي وجماعي، ووضع أسماء المتسببين في قتل وتعذيب واعتقال النساء في اليمن على قائمة الإرهابيين.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.