البرلمان الليبي يتخوف من «حوار جنيف» ومخرجاته

TT

البرلمان الليبي يتخوف من «حوار جنيف» ومخرجاته

تزايدت اعتراضات مجلس النواب الليبي على آلية تشكيل اللجنة المكلفة بحث المسار السياسي، التي كان مقررا لها أن تبدأ حواراً في العاصمة السويسرية جنيف الشهر الحالي برعاية أممية، مع لجنة أخرى تمثل المجلس الأعلى للدولة؛ وقال البرلمان أمس إن الطريق إلى «جنيف محفوف بالمخاطر».
وقال الدكتور محمد العباني، عضو مجلس النواب، أمس، إن «مؤتمر برلين الذي عقد مؤخراً مؤامرة دولية، استهدفت انتصار (الجيش الوطني)، وعرقلة عملية تطهيره للعاصمة طرابلس، ومكنت (العصابات) من دعم نفسها، وإعادة ترتيب أوراقها»، قبل أن يضيف: «لا لجنيف، ولا لمخرجاته كفانا عبثاً».
وأكد العباني أن «من حق الليبيين كبشر أن يتولوا شؤونهم»، داعياً إلى إبعاد المبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة عن المشهد السياسي، وقال إنه «سبب أزمتنا، وتأجيج صراعنا وهدر إمكانياتنا».
وسبق للبعثة الأممية أن اقترحت أن تضم اللجنة، التي ستكلف بحث المسار السياسي، 40 شخصية ليبية، مشكلة من 13 نائباً عن مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق)، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، التابع لحكومة «الوفاق» في طرابلس، بالإضافة إلى 14 شخصية مستقلة، تمثل كل المدن الليبية، تختارهم البعثة وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين. وقالت البعثة مساء أول من أمس إنها تسلمت أسماء ممثلي مجلس الدولة، في انتظار قائمة البرلمان.
في غضون ذلك، تحدث نواب برلمانيون عن جملة من الاعتراضات، التي تحول دون تسليم قائمة مجلس النواب إلى البعثة الأممية، ومن بينها «استحالة الاتفاق مع جماعة الإخوان المسلمين، التي تسيطر على مجلس الدولة»، وما سموه «تصلب» الطرف الثاني، وانصياعه للميليشيات المسلحة. وفي هذا السياق قال الدكتور أحميد حومة، النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، إنه يشعر «بعدم الارتياح لما يحاك قبيل انعقاد ملتقى جنيف، ولا أعول كثيراً على هذا الحوار ومخرجاته». مرجعا سبب ذلك إلى ما سمعه والنائب الأول للبرلمان فوزي النويري خلال لقائهما برئيس البعثة الأممية، ونائبته ستيفاني ويليامز حول مجريات مؤتمر برلين، لافتاً إلى أنه نقل إلى البعثة «جميع تساؤلات أعضاء مجلس النواب حول كل ما يتعلق بالحوار، المزمع استئنافه في جنيف، واللجان التي ستنبثق عن الأطراف والنتائج المتوقعة منه».
واستكمل حومة في بيان أمس، موضحا أنه سينقل تفاصيل ما دار في لقائه مع سلامة لأعضاء مجلس النواب في الجلسة الرسمية المزمع عقدها الاثنين المقبل، «ليتخذوا ما يرونه في خدمة مصلحة الوطن، ويعزز شرعية مجلس النواب والأجسام المنبثقة عنه»، وذهب إلى أن «الجلوس على طاولة الحوار لن يتم إلا وفقا للمبادئ الوطنية، التي يتفق عليها جميع الليبيين الشرفاء»، مؤكدا «موقفه الثابت» حيال دعم القوات المسلحة في حربها على «الإرهاب والميليشيات المسلحة، إضافة إلى التهديدات التركية، ومحاولات الاستقواء بالأجنبي».
وكان مجلس النواب قد كلف حومة والنويري للتواصل مع البعثة الأممية بشأن عدد من التوضيحات والاستفسارات لدى مجلس النواب، حول العملية السياسية خلال الفترة المقبلة.
بدوره، دعا النويري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، البعثة الأممية إلى إعادة النظر في عدد المشاركين من البرلمان في محادثات جنيف، وتحدث عن «عدم تكافؤ في عدد المشاركين بين مجلسي النواب والمجلس الأعلى للدولة، من حيث العدد والتوجهات السياسية».
وانتهى النويري في بيان نشره الموقع الإلكتروني للبرلمان أمس إلى أن «مجلس النواب يُمثل بشكل حقيقي كل الكتل والقوى السياسية والمدن، ففي حين يصل عدد أعضاء مجلس الدولة إلى 143 عضواً، فإن عدد نواب البرلمان يصل إلى 200 نائب»، لافتاً إلى أن «خطة البعثة تقضي بتمثيل 13 عضواً عن كل مجلس، وهذا أمر لا يستقيم مع الحق والمنطق، ومن شأنه أن ينتج حلولاً مشوهة».
ومنذ مطلع مايو (أيار) الماضي، قاطع نحو 60 نائباً جلسات البرلمان المنعقد في طبرق، برئاسة عقيلة صالح، وبدأوا في عقد جلسات موازية في فندق «ريكسوس» الشهير بالعاصمة طرابلس، وانتخب 49 منهم الصادق الكحيلي رئيساً للبرلمان.
ويحظى مجلس النواب المنتخب عام 2014 باعتراف دولي، ويمارس مهامه إلى جانب الحكومة المؤقتة في الشرق، برئاسة عبد الله الثني، في موازاة حكومة «الوفاق» المعترف بها دولياً، والتي يرأسها فائز السراج.
وكانت البعثة قد أعلنت أنها تسلمت القائمة «5+5»، التي تضم 5 ضباط نظاميين من كل طرف، حيث كان من المقرر أن تعقد أول اجتماعاتها في جنيف هذا الأسبوع.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.