تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية وتنشئ «نقطة» جديدة شمال سوريا

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية كبيرة من الدبابات والمركبات والآليات إلى مناطق الحدود مع سوريا لدعم نقاط مراقبتها في إدلب، وسط أنباء عن إقامة نقطة جديدة في سراقب.
وقالت مصادر محلية إن رتلاً عسكرياً يضم دبابات ومدافع دخل من معبر كفرلوسين (شمال إدلب)، أمس (الثلاثاء)، متجهاً إلى نقاط المراقبة التركية المنتشرة في منطقة خفض التصعيد في المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا.
وأضافت المصادر أن هدف التعزيزات هو إقامة نقطة مراقبة جديدة في ريف إدلب، بعد محاصرة نقاط سابقة من قبل قوات النظام السوري عقب تقدمها في المنطقة، مشيرة إلى أنه تم إنشاء النقطة في صوامع الحبوب، جنوب مدينة سراقب بريف إدلب الشرقي.
ولفتت إلى أن الجيش التركي استطلع المنطقة الواقعة على الأوتوستراد الدولي (حلب - دمشق) قبل أشهر عدة، وأن الرتل الذي دخل فجر أمس مكون من قرابة 100 آلية عسكرية تركية، بينها عربات مصفحة تحمل معدات لوجيستية وجنوداً ودبابات ومدافع وآليات حفر.
وأنشأ الجيش التركي 12 نقطة مراقبة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد في إدلب الذي تم التوصل إليه في محادثات آستانة، برعاية تركيا وروسيا وإيران. وركز الجيش التركي في انتشاره بإدلب على اختيار المناطق «الاستراتيجية» لإقامة نقاط المراقبة فيها.
وبعد تقدم قوات النظام في المنطقة، حوصرت نقطتان تركيتان خلال الشهر الماضي: الأولى في مدينة مورك بريف حماة، والثانية نقطة الصرمان بريف إدلب. كما تجري معارك حالياً بالقرب من نقطة المراقبة في معر حطاط، بالقرب من مدينة معرة النعمان، ثانية كبرى مدن إدلب التي يحاصرها النظام حالياً.
وتعرضت النقاط التركية سابقاً إلى استهداف مباشر من قبل قوات النظام مرات عدة، ردت عليها تركيا مباشرة، وسط تحذيرات من قبل المسؤولين الأتراك للنظام.
والأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ستقوم بما يلزم، في حال تعرضت نقاط المراقبة التركية في سوريا لأي اعتداء.
وتواصل قوات النظام، بدعم من الطيران الروسي، هجومها في ريف إدلب الجنوبي والشرقي، وقد تمكنت من قطع الأوتوستراد الدولي (دمشق - حلب) المعروف بـ«إم 5»، بعد سيطرتها على عدة بلدات في أطراف مدينة معرة النعمان.
وسيطرت قوات النظام على قرى الزعلانة والدانا وبابيلا والصوامع وتل الشيخ ومعصران ومنطقة رودكو جنوب خان السبل على الأوتوستراد الدولي.
ونزح نحو 21 ألف سوري في الساعات الأربع والعشرين الماضية من مناطق خفض التصعيد في إدلب باتجاه الحدود التركية هرباً من غارات طائرات جيش النظام السوري وروسيا.
ونقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية تحذيراً من مدير مبادرة الاستجابة المدنية في الشمال السوري محمد حلاج من استمرار موجات النزوح من منطقتي أريحا وجبل الزاوية نتيجة قصف النظام السوري وداعميه لتلك المناطق.
وقال حلاج إن غالبية النازحين توجهوا إلى المخيمات الموجودة قرب الحدود التركية، فيما نزح آخرون إلى المناطق المحررة في عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون».
ومنذ شهرين، اضطر نحو نصف مليون سوري لترك ديارهم نتيجة القصف العنيف، فيما قتل أكثر من 1500 مدني جراء الهجمات المتواصلة للجيش السوري والطيران الروسي على منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، إن بلاده لن تتغاضي عن لامبالاة نظام الأسد بخصوص إدلب، وإنها تسعى لحماية سكان المنطقة من القصف الذي يتعرضون له.
وبحث إردوغان التطورات في إدلب وليبيا مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في اتصال هاتفي فجر أمس، بحسب ما أعلنته الرئاسة التركية.
وقال مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض، جود دير، في بيان، إن ترمب وإردوغان أكدا ضرورة إنهاء الهجوم المستمر على منطقة إدلب.
إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء الروسية (تاس) إن موسكو حذرت تركيا من تبعات توفير الذخيرة لفصائل المعارضة السورية المسلحة. وذكرت الوكالة أن روسيا، بصفتها جزءاً من التحالف العسكري الذي دعته الحكومة السورية للتدخل في سوريا، تحذر تركيا من تبعات توفير الذخيرة للمعارضة السورية، وتحثها على وقف استخدامها ودعم المسلحين.
وفي الوقت ذاته، كشف المعارض السوري محمد السالم أن روسيا أبلغت تركيا نيتها استعادة أراضي تشمل مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» اللتين نفذتهما تركيا بدعم من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها في شمال سوريا، بالتزامن مع التصعيد في إدلب.
وأضاف السالم أن روسيا أبلغت الجانب التركي بأنها تعتزم استعادة جميع المناطق التي يوجد فيها المسلحون المدعومون من تركيا «بشكل غير قانوني»، بما في ذلك مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون». ورأى أن تعقيدات المشهدين الليبي والسوري يضعان تركيا في موقف ضعيف أمام نية روسية عدم القيام بأي تهدئة، ولو مؤقتة، في الشمال السوري.
ومن جانبها، قالت صحيفة «ديلي بيست» الأميركية، أول من أمس، إن كل المؤشرات على الأرض في الشمال السوري، والتصريحات الروسية، تؤكد أن «الحملة الكارثية المقبلة في سوريا ستكون بين الميليشيات المدعومة من تركيا في الشمال السوري ومحور قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لروسيا، بعد أن بدأ يتكشف الخلاف العميق بالأهداف والمصالح والرؤى بين الجانبين التركي والروسي في سوريا وليبيا».
ولفتت الصحيفة إلى أن استخدام مسلحي المعارضة السورية مضادات «تاو» في الشمال السوري، التي استخدمتها المعارضة السورية في مدينة أبو جريف، بالقرب من معرة النعمان، سيكلف تركيا تعميق الفجوة مع روسيا، وفتح جبهات جديدة لطالما تحدثت عنها روسيا تحت شعار استعادة جميع الأراضي السورية تحت سيطرة الحكومة الشرعية في دمشق التي دعت روسيا للتدخل في سوريا.