في محاولة منها للتغلب على أزمات الخدمات في المدن القديمة، واختبار خدمات المدن الذكية، قررت مصر الاستعانة بالخبرات الأجنبية لإدارة وتشغيل وصيانة المرافق والخدمات الأساسية في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، لتكون العاصمة نموذجاً لباقي المدن الذكية التي يجري إنشاؤها حالياً.
وتعاقدت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، الأسبوع الماضي، مع شركة الكهرباء الفرنسية الحكومية «إي دي إف» لإدارة وتشغيل وتوزيع وصيانة منظومة الكهرباء في العاصمة الإدارية الجديدة لمدة 15 عاماً، بنسبة 49% من الأرباح للشركة الفرنسية، مقابل 51% من الأرباح لشركة العاصمة.
وقال اللواء أحمد زكي عابدين رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الاتفاق ينص على أن تتولى الشركة الفرنسية (إي دي إف) إدارة وتوزيع الكهرباء في العاصمة الإدارية الجديدة، وتأسيس شركة لتوزيع الكهرباء في العاصمة»، مشيراً إلى أن «التعاقد مع الشركة الفرنسية تم بعد دراسة مستفيضة، إذ أرسلت الشركة الفرنسية مندوباً درس مخططات الكهرباء في العاصمة على مدى الشهور الأربعة الماضية، للتأكد من جودتها، ودراسة العوائد الاستثمارية، قبل الوصول إلى هذا الاتفاق الذي يؤكد أننا على الطريق السليم بشهادة الخبراء الفرنسيين».
وبموجب التعاقد، فإن إدارة المرافق في العاصمة الإدارية الجديدة ستتم بطريقة غير تلك المتعارف عليها في باقي مدن مصر، عبر الاعتماد على الخبرات الأجنبية، ونقل هذه الخبرات إلى الجانب المصري، وفق عابدين الذي أشار إلى أن «نجاح هذا النظام في إدارة المرافق والخدمات سيتم تعميمه في باقي المدن الذكية التي تتولى الحكومة المصرية إنشاءها حالياً».
وتنفذ مصر حالياً نحو 16 مدينة ذكية، 14 منها تتولى هيئة المجتمعات العمرانية تنفيذها، و2 تنفذهما الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وتضم قائمة المدن الذكية كلاً من العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والجلالة، وأكتوبر الجديدة، والمنصورة الجديدة، وشرق بورسعيد، وناصر (غرب أسيوط)، ومدينة غرب قنا، والإسماعيلية الجديدة، ورفح الجديدة، والفرافرة الجديدة، والعبور الجديدة، وتوشكى الجديدة، والفشن، وملاوي، وغرب أسوان.
بدوره قال اللواء مهندس محمد عبد اللطيف، مدير عام شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الشركة الفرنسية هي أفضل الشركات في العالم في هذا المجال، حيث تدير الكهرباء في باريس منذ 70 عاماً، وتحقق أقل معدلات انقطاع الكهرباء، نحو 8 دقائق في السنة»، مشيراً إلى أن «الشركة الفرنسية ستتولى مراجعة تنفيذ شبكة الكهرباء والتأكد من مطابقتها للمواصفات العالمية، ثم ستتولى بعد ذلك إدارة خدمة توزيع الكهرباء من خلال شركة مصرية فرنسية تضم 3 أطراف (الشركة الفرنسية، وشركة العاصمة، وشركة مدكور لتوزيع الكهرباء)».
ووفق مصطفى مدكور، رئيس شركة «مدكور للكهرباء»، فإن شركته ستكون هي الشريك المحلي في هذا الاتفاق، حيث ستتولى توفير العمالة المصرية للشركة الفرنسية، ومن خلالها سيتم نقل الخبرات الفرنسية إلى الجانب المصري.
ويتم تنفيذ شبكات الكهرباء في المرحلة الأولى من العاصمة الإدارية الجديدة على مساحة 40 فداناً، داخل أنفاق للمرة الأولى في مصر، تجنباً لأزمة تكرار حفر الشوارع، وتتولى وزارة الكهرباء المصرية الإشراف على مد الشبكات وتنفيذ الأنفاق، واختبار الكابلات، ويشكو المواطنون في مصر من ضعف إدارة الخدمات بشكل عام، ومن عدم استيعاب شبكات المرافق الحالية للزيادة السكنية، مما يؤدي أحياناً إلى انقطاع الكهرباء، إلى جانب شكاوى أخرى تتعلق بارتفاع الفواتير وسوء خدمات التحصيل، إضافةً إلى غرق بعض المدن في مواسم المطر.
وسيتم توزيع الكهرباء في العاصمة الجديدة عبر العدادات مسبقة الدفع، وبطرق مختلفة عن المتعارف عليها في المدن المصرية، حيث حصلت شركة العاصمة على رخصة توزيع الكهرباء من جهاز تنظيم الكهرباء، وفق عبد اللطيف الذي أضاف: «هدفنا نقل الخبرات الأجنبية للمصريين، فنحن لدينا شركات لتوزيع الكهرباء والمرافق كافة، لكن لديها مشكلات في الإدارة وهو ما نحاول معالجته من خلال التعاقد مع شركات أجنبية».
وزاد أن «الشركة الفرنسية هي من تقدمت بطلب إدارة الكهرباء في العاصمة وتمت دراسته والموافقة عليه»، مشيراً إلى أن «شركة العاصمة الإدارية تنوي توقيع عقد مماثل مع شركة ألمانية لإدارة شبكة المياه والصرف والصحي، وشركة أجنبية أخرى لإدارة خدمات الغاز الطبيعي».
وفي العاصمة الجديدة لا يقتصر الأمر على إدارة الخدمات التقليدية من كهرباء ومياه وغاز طبيعي، بل تسعى العاصمة لأن تكون نموذجاً يُحتذى في إدارة المدن الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا، وقال عابدين إن «الشركة ملتزمة بالاستفادة من التكنولوجيا والخدمات المبتكرة لتقديم مدينة ذكية قائمة على مفاهيم ومبادئ السلامة والأمن والإنتاجية والاستدامة».
ووقّعت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتفاقاً مع شركة «اتصالات مصر» لتوريد وتنفيذ وتشغيل أنظمة إدارة المدينة بالعاصمة الإدارية الجديدة وتقديم الخدمات التكنولوجية والدعم الفني داخل العاصمة الإدارية الجديدة من توريد وتركيب شبكة اتصالات متكاملة لتحويل خدمات المدينة لخدمات مميكنة وذكية إلى جانب إنشاء مركز الإدارة والتحكم.
كما تعاقدت شركة «اتصالات مصر»، قبل أيام، مع شركة «هانيويل»، المتخصصة في مجال التكنولوجيا، لتزويد العاصمة الإدارية الجديدة بخدمات إنترنت الأشياء، والبرمجيات في مركز إدارة عمليات المدينة. وفي بداية العام الجاري، وقّعت شركة العاصمة اتفاقاً مع شركة «أورنچ مصر» لإنشاء وتشغيل وإدارة مركز بيانات ومنصات الحوسبة السحابية الخاصة بالخدمات الذكية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتحقيق مفهوم «العاصمة الذكية»، وبموجب هذا الاتفاق ستوفر «أورنچ» البنية الأساسية لإنشاء وإدارة مركز البيانات للمدن الذكية التي ستمكّن العاصمة الإدارية من استغلال التكنولوجيا الذكية لتقديم مجموعة من الخدمات.
مصر تختبر خدمات المدن الذكية في العاصمة الجديدة
الاستعانة بشركات أجنبية للتوزيع والتشغيل
مصر تختبر خدمات المدن الذكية في العاصمة الجديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة