«سد النهضة»... حدود التنازلات المصرية ـ الإثيوبية

عشية جولة حاسمة في واشنطن

«سد النهضة»... حدود التنازلات المصرية ـ الإثيوبية
TT

«سد النهضة»... حدود التنازلات المصرية ـ الإثيوبية

«سد النهضة»... حدود التنازلات المصرية ـ الإثيوبية

يبدو أن على مصر وإثيوبيا الاستعداد لتقديم المزيد من التنازلات إذا ما أرادتا الوصول إلى اتفاق نهائي حيال أزمة «سد النهضة»، وذلك عشية جولة حاسمة وأخيرة تنطلق اليوم في واشنطن، بمشاركة السودان، الطرف الثالث في المفاوضات، وحضور ممثلي البنك الدولي ووزارة الخزانة الأميركية كـ«مراقبين». يقول خبراء لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماعات الفنية فشلت، حتى الآن، في إيجاد حلول للقضايا الشائكة بخصوص ملء وتشغيل السد، لذلك فإنه من المتوقع –في ظل رغبة أميركية في إعلان حل– أن يجري الضغط على الجانبين لتحقيق الاتفاق.
ويمكن الوصول إلى هذا الاتفاق إذا ما تخلّت أديس أبابا عن طموحها للسيطرة على «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل، والاعتراف بأنه ممر مياه دولي، حسب الخبراء، بينما ستضطر القاهرة للقبول بخصم ما يقرب من ربع حصتها السنوية من المياه، عدة سنوات، من أجل ملء حزان السد.
وتدشن إثيوبيا السد منذ 2011 على النيل الأزرق بهدف توليد الكهرباء. لكن مصر تترقب تأثيره على حصتها من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90% في تأمين احتياجاتها من الشرب والزراعة.
ويلتقي في واشنطن، على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، وزراء الخارجية والمياه لدول مصر والسودان وإثيوبيا، بهدف صياغة اتفاق نهائي شامل بشأن ملء وتشغيل «سد النهضة»، بعد أن توصلت الدول الثلاث، منتصف يناير (كانون الثاني) الجاري، إلى توافق على نقاط أساسية كنواة للاتفاق.
ويقول الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية في كلية الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن مسودة «اتفاق 15 يناير»، والتي تضمنت 6 نقاط أساسية، وما تبعها من اجتماعات فنية في الخرطوم، «لم تُفضِ حتى الآن إلى اتفاق واضح يحسم بشكل صريح القضايا الخلافية كافة، ومن ثم على الجانبين تقديم مزيد من التنازلات، إذا ما أرادا الوصول إلى اتفاق يجنّبهما الانزلاق في صراع واسع». وأوضح شراقي لـ«الشرق الأوسط»، أن مصر أبدت استعداها للتنازل عن 20% من حصتها والقبول بحد أدنى 40 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، بينما طرحت إثيوبيا تقديم 35 ملياراً فقط، ولذلك يُتوقع أن يجري التوصل إلى حل وسط بحيث ترفع النسبة إلى 25%».
وتضمن «اتفاق 15 يناير» المبدئي، توافقاً على ملء السد على مراحل، خلال موسم الأمطار بطريقة «تكيفية وتعاونية» تأخذ في الاعتبار «الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق والتأثير المُحتمل للتعبئة على الخزانات الموجودة في اتجاه مجرى النهر» بينما لم يتضمن عدداً محدداً لسنوات الملء. وقال شراقي إن تنازل مصر عن جزء من حصتها من أجل ملء خزان السد، يجب أن يكون واضحاً أنه –سيتم بشكل مؤقت- في الاتفاق النهائي، وعدم تركه مفتوحاً، بحيث لا ترى إثيوبيا أن ذلك بمثابة حصة مائية ثابتة تمتلكها في المستقبل.
وأشار الخبير المائي إلى أن مطلب مصر إشراكها في عملية تشغيل السد هو أمر لا يجب التخلي عنه، بوصفه إجراءً دولياً متعارفاً عليه لا ينقص من السيادة الإثيوبية. بينما يجب وضع تعريفات دقيقة لتوصيف الجفاف والجفاف الممتد، والتزام إثيوبيا بإجراءات لتخفيف المترتب على ذلك.
ولفت شراقي إلى ضغوط سوف يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على الجانبين، للقبول بتنازلات من أجل توقيع الاتفاق النهائي وحل الأزمة، بوصفه أمراً مهماً بالنسبة إليه.
وقابلت مصر اتفاق واشنطن قبل نحو أسبوعين بترحيب حذر. وقال وزير الخارجية سامح شكري، إن مصر «متفائلة بحذر» بشأن الوصول إلى نقطة حرجة فيما يتعلق بالسد. بينما في المقابل بدت إثيوبيا، أكثر حفاوة، مؤكدةً استمرارها في عملية البناء تمهيداً لبدء ملء الخزان قبل نهاية العام الجاري. واكتمل «أكثر من 70%» من بناء سد النهضة، حسب وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي.
ويرى الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الري المصري السابق، أن بلاده تعاني من عجز مائي، ولا تتحمل مزيداً من ذلك العجز؛ لذلك فإن المفاوض المصري لا يملك ترف المزيد من التنازل.
وأشار القوصي، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تخلي إثيوبيا عن فكرة «السيادة المزعومة» على النيل الأزرق سوف يسهم في حلحلة المفاوضات، لكنها تستهدف في الحقيقة بناء سدود جديدة على النيل الأزرق.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.