الفلسطينيون يؤكدون رفضهم مناقشة «صفقة القرن»

الفلسطينيون يؤكدون رفضهم  مناقشة «صفقة القرن»
TT

الفلسطينيون يؤكدون رفضهم مناقشة «صفقة القرن»

الفلسطينيون يؤكدون رفضهم  مناقشة «صفقة القرن»

أكد الفلسطينيون، مجدداً، رفضهم لـ«صفقة القرن»، قبل أن تنشر، وطالبوا دول العالم بالتنحي عنها، فيما أعلنت حركة «فتح» النفير العام، استعداداً لتصعيد المقاومة الشعبية في الأراضي الفلسطينية، بضوء أخضر من الرئيس محمود عباس.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، أمس، «نرفض ما يسمى (صفقة القرن)، لأنها خطة لتصفية القضية الفلسطينية». وأضاف أشتية، في مستهل جلسة الحكومة، أمس: «نريد من المجتمع الدولي ألا يكون شريكاً في هذه الصفقة، لأنها تتعارض مع أبجديات القانون الدولي وحقوق شعبنا غير القابلة للتصرف».
وتابع: «إنها صفقة لا تستند إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي، وتعطي إسرائيل كل ما تريده على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني المتمثلة في الدولة المستقلة ذات السيادة ومتواصلة الأطراف، وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين بالعودة. إنها أداة لتلبية رغبات دولة الاحتلال بزعامة نتنياهو، ولا تشكل أساساً لحل الصراع، وقدمتها جهة فقدت مصداقيتها بأن تكون وسيطاً نزيهاً لعملية سياسية جدية وحقيقية». ومضى يقول: «هذه الصفقة تعصف بأسس الحل العربي، التي أقرتها القمم المتعاقبة، خصوصاً مبادرة السلام العربية، وتتعارض مع أسس الحل التي وضعتها أوروبا، وتتعارض مع رؤية دول عدم الانحياز، ومؤتمرات القمم الأفريقية»، مشيراً إلى أنها أصبحت خطة للتفاوض بين غانتس ونتنياهو، وليست أساساً للحل بين إسرائيل وفلسطين.
واختار الرئيس الأميركي ترمب، وقتاً مثيراً للجدل من شأنه أن يساعد إسرائيل على وضع قرارات صعبة موضع التنفيذ؛ أهمها ضم الأغوار والمستوطنات في مناطق «ج». ويقول الفلسطينيون إن خطة ترمب تمنح إسرائيل السيادة فعلاً على القدس والمستوطنات والحدود، وتلغي حق العودة للاجئين، وهي أكثر «الخطوط الحمراء» بالنسبة للشعب الفلسطيني.
وأعلن أشتية أن الرئيس محمود عباس، سيدعو القيادة الفلسطينية لمناقشة كيفية وشكل ومحتوى الرد على هذه المؤامرة. وأكد وزير الخارجية رياض المالكي، أن التحركات لمواجهة الصفقة ستكون واضحة المعالم، وتبدأ بدعوة وزراء الخارجية العرب إلى عقد اجتماع عاجل وطارئ لإسقاط ورفض «صفقة القرن»، وتحديد الآليات لمواجهتها على عدة مستويات، مضيفاً أنه سيتم التحرك أيضاً باتجاه منظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، وغيرها من المؤسسات الإقليمية والدولية. وأشار المالكي إلى طرق باب الأمم المتحدة، بالعودة إلى مجلس الأمن، بداية، ومن ثم الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند «متحدون من أجل السلام»، لافتاً إلى العمل كذلك مع الاتحاد الأوروبي من أجل تفعيل موقف واضح وقوي من الاتحاد تجاه الصفقة. وتشمل التحركات الفلسطينية، كما نشرت «الشرق الأوسط»، دراسة إعلان الدولة الفلسطينية، بما يعني حل السلطة، وسحب الاعتراف بإسرائيل، وتفعيل المقاومة الشعبية. وأعلن المجلس الثوري لحركة «فتح»، أمس، أن الحركة تعتبر نفسها بحالة استنفار كامل، وعلى مستوى أطرها كافة، لمواجهة هذا التحدي المفروض علينا.
والاستنفار داخل «فتح» جاء بضوء أخضر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما علمت «الشرق الأوسط». ويتوقع الفلسطينيون أن تضغط الولايات المتحدة أكثر بعد رفضهم الصفقة. والعلاقة بين السلطة والإدارة الأميركية مقطوعة منذ نهاية 2017 عندما أعلن ترمب أن القدس عاصمة لإسرائيل. ورفض عباس اقتراحات من وسطاء في الأسابيع القليلة الماضية من أجل ترتيب أي لقاء أو محادثات مع ترمب.
وبناءً على الموقف الرسمي، أعلنت القوى الوطنية والإسلامية التي تمثل كافة الفصائل الفلسطينية، يوم «إعلان الصفقة»، يوم غضب شعبي. وقالت الفصائل إن الفعالية المركزية ستكون صباح الأربعاء في الأغوار الشمالية، للدفاع عنها أمام محاولات ضمها، بالتزامن مع مسيرات الغضب التي ستنطلق في قطاع غزة وفي كل مواقع شعبنا.
كما أكدت على يوم الغضب الجماهيري، يوم الجمعة المقبل، بالوجود والدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وعن مدينة القدس، التي لن تكون سوى عاصمة دولتنا الفلسطينية المستقلة، وفي الحرم الإبراهيمي الشريف، وفي الكنائس والمساجد كافة، بالتزامن مع المظاهرات في قطاع غزة، واعتبار يوم الجمعة يوماً للقدس ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية، والدفاع عنها، والمشاركة في فعالية المنطار في القدس لمواجهة الاستيطان. ودعت القوى لأوسع مشاركة شعبية للتصدي لهذه الصفقة المشؤومة، والخروج بمظاهرات وفعاليات في مراكز المدن، بالتزامن مع فعاليات شعبنا في المخيمات الفلسطينية وحول العالم. وجددت التأكيد على أن هذه المؤامرة لن تمر، وأن شعبنا سيسقط كل المؤامرات التصفوية التي تحاول المس بحقوقه وثوابته، وسيبقى يدافع عنها.
وتزامن ذلك مع إعلان الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة الكبرى، في اجتماع عقد في غزة بمقر حركة «فتح»، مسيرات في كل القطاع، إضافة إلى مؤتمرات شعبية جامعة يوم الأربعاء. ودعت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار، الجماهير الفلسطينية، في كافة أماكن وجودها، إلى التظاهر اليوم الثلاثاء كذلك رفضاً لـ«صفقة القرن».
وقالت الهيئة، في بيان، إنها تدعو «للمشاركة الحاشدة والواسعة في كافة الفعاليات والمسيرات الوطنية والشعبية الغاضبة، الرافضة لـ(صفقة القرن)، عند لحظة إعلانها في واشنطن، ابتداءً من يومي الثلاثاء والأربعاء، وتشكيل أوسع حالة التفاف جماهيري في كافة أماكن الوجود الفلسطيني».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.