باريس تحث واشنطن على إعادة النظر في خطط الانسحاب من الساحل الأفريقي

وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يستقبل نظيرته الفرنسية فلورنس بارلي لدى وصولها إلى البنتاغون أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يستقبل نظيرته الفرنسية فلورنس بارلي لدى وصولها إلى البنتاغون أمس (أ.ف.ب)
TT

باريس تحث واشنطن على إعادة النظر في خطط الانسحاب من الساحل الأفريقي

وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يستقبل نظيرته الفرنسية فلورنس بارلي لدى وصولها إلى البنتاغون أمس (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر يستقبل نظيرته الفرنسية فلورنس بارلي لدى وصولها إلى البنتاغون أمس (أ.ف.ب)

استبق وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وصول زميلته في وزارة الدفاع فلورنس بارلي إلى واشنطن أمس، في زيارة رسمية، لإيصال رسالة إلى الإدارة الأميركية يحثها فيها على إعادة النظر في خططها إعادة النظر في نشر قواتها في أفريقيا، وخصوصا في منطقة بلدان الساحل، حيث تنشط الكثير من التنظيمات الإرهابية خصوصا في ثلاثة بلدان هي مالي والنيجر وبوركينا فاسو. واغتنم لودريان مناسبة تقديم التهاني للصحافة، بمناسبة العام الجديد، ليقرع ناقوس الخطر ويحذر من خطوة أميركية غير محسوبة النتائج. وما يغيظ باريس أن واشنطن تخطط للانسحاب التدريجي بينما تسعى هي، من جانبها، لتعزيز حضورها العسكري وتضغط على شريكاتها الأوروبيات لانخراط أوسع إلى جانبها. فضلا عن ذلك، لا تريد الحكومة الفرنسية ومعها رئاسة الأركان أن تحرم «قوة برخان» العاملة في المنطقة منذ العام 2014 والمكونة من 4500 عسكري، من المساهمة الثمينة التي يقدمها حتى اليوم الطرف الأميركي والتي تعتبر باريس أنه «لا يمكن الاستغناء عنها». وفي حديثه للصحافة أمس، أعرب لودريان عن أمله بأن «يعي (الأميركيون) أن التحدي الإرهابي موجود هناك أيضا (في منطقة الساحل) وأن يتحلوا بوضوح الرؤية للمحافظة على هذه الشراكة» والمحافظة على الدعم المقدم للقوة الفرنسية. وأضاف الوزير الفرنسي أن باريس تأمل أن «يتغلب الحس السليم والتقويم الشامل للأزمة» لدى اتخاذ القرار الأميركي. وبحسب قراءته، فإن الإدارة الأميركية بصدد تقويم أهمية تقديم «الدعم اللوجيستي» من جهة و«استمراريته» من جهة أخرى. وما يدفع الطرف الفرنسي إلى التركيز على هذا الملف وبهذا الشكل من الإلحاح مرده إلى أن «التهديد الإرهابي وما يحمله من مخاطر أصبح أوسع نطاقا» ويستهدف منطقة أوسع بكثير «مما كان عليه في السابق»، وديناميته المدمرة أخذت تهدد الدول وتسعى لضرب استقرارها، ويمكن أن يمتد التهديد إلى منطقة بحيرة تشاد، وأن يتواصل بشكل منتظم مع ليبيا. وما يتمناه لودريان أن تنتج عن زيارة بارلي لواشنطن «نتائج إيجابية» بمعنى أن يعيد الأميركيون النظر في خططهم وألا يحرموا القوة الفرنسية ومخططات باريس من عنصر أساسي لفاعلية الحرب على التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل.
وليس سرا أن الجانب الأميركي يوفر لـ«قوة برخان» الناشطة تحديدا في مالي والنيجر وبوركينا فاسو الدعم اللوجيستي «النقل الجوي على وجه الخصوص» والمعلومات الاستخبارية التي تجمعها الأقمار الصناعية الأميركية والطائرات المسيرة. وتشغل قوة «أفريقا كوم» وقيادة القيادة الجوية الأميركية في أفريقيا قاعدة أغاديز الجوية شمال النيجر التي أهلتها بشكل كامل بعد ثلاث سنوات من الأشغال ومنها أخذت تطلق طائرات الاستطلاع «ISR» المتخصصة في جمع المعلومات الاستخبارية والرقابة الجوية وهو ما تحتاج إليه القوة الفرنسية التي تشكل حتى اليوم العماد الرئيسي لـ«التحالف الدولي» في الحرب على الإرهابيين. وبحسب ما صدر عن القمة الفرنسية - الأفريقية «الساحلية» التي التأمت في مدينة بو «جنوب غربي فرنسا»، في 13 الجاري، فإن باريس والعواصم الأفريقية الخمس المعنية «باماكو، نيامي، واغادوغو، نواكشوط وجامينا»، تسعى ليتكون «التحالف» من «قوة برخان» ومن «القوة الأفريقية المشتركة» ومن قوة الكوماندوز الأوروبية «كاتوبا» «قيد الإنشاء» ومن الجيوش المحلية. إلا أن المبتغى شيء والواقع الميداني شيء آخر إذ القوة الأفريقية تفتقر للتدريب والتمويل، ولم تصبح بعد فاعلة فيما قوة الكوماندوز الأوروبية التي يفترض أن يصل عديدها إلى 500 عنصر ما زالت تنتظر موافقة برلمانات الدول التي قبلت المساهمة فيها. وهذا بالواقع هو ما دفع رئيس الجمهورية الفرنسية إلى إرسال 220 رجلا إضافيا لتعزيز «قوة برخان» وللتركيز ميدانيا على المنطقة المسماة «الحدود المثلثة» لمالي والنيجر وبوركينا فاسو التي شهدت في الأسابيع الأخيرة عمليات جريئة لتنظيم «الخلافة الإسلامية في الصحراء الكبرى» ولفرع «القاعدة» في المنطقة.
من هذه الزاوية تبرز أهمية الدعم الأميركي وتظهر الأسباب التي تدفع باريس للتدخل مباشرة لدى الإدارة الأميركية لثنيها عن الانسحاب أو خفض حضورها. وسوف تجتمع فلورنس بارلي مع نظيرها الأميركي مارك أسبر كما ينتظر أن يتواصل الرئيس ماكرون مع الرئيس ترمب، وتريد باريس استخدام فترة الشهرين الفاصلة بين بدء حديث الإدارة الأميركية عن الانسحاب أو خفض الحضور في أفريقيا، وبين موعد اتخاذ القرار لإظهار حيوية أداء الدعم الأميركي. وأصبح معلوما أن الإدارة الراهنة بصدد إعادة تقييم حضورها العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيز الجهد على ما تراه تهديدا روسيا أو صينيا. ولا تريد باريس أن يكون ذلك على حساب محاربة الإرهاب في منطقة استراتيجية لها ولأوروبا. وكان ماكرون واضحا بقوله، بمناسبة القمة المشار إليها، إلى أن «انسحاب أميركي سيكون بمثابة خبر سيئ بالنسبة لنا». ويضيف مصدر دفاعي فرنسي أن المساهمة الأميركية «أساسية لأنها توفر لنا قدرات حساسة بعضها لا يمكن التعويض عنه».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».