الرئيس الأميركي يعلن اليوم خطته للسلام... و«الديمقراطيون» يدعونه للحفاظ على «حل الدولتين»

محللون يعدّونها خدمة له ولنتنياهو قبل موسم الانتخابات

TT

الرئيس الأميركي يعلن اليوم خطته للسلام... و«الديمقراطيون» يدعونه للحفاظ على «حل الدولتين»

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيعلن غداً خطة السلام في الشرق الأوسط، التي يرفضها الفلسطينيون، وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
ترمب الذي تحدث إلى الصحفيين قبيل لقائه بنتنياهو، أضاف أن هناك فرصة كبيرة لنجاح خطته للسلام، مشدداً على أنها منطقية للجميع وجيدة بالنسبة للفلسطينيين، مشيراً إلى أنها ستحظى بموافقتهم في نهاية المطاف.
من جانبه، تقدم نتنياهو بالشكر من ترمب، مبدياً امتنانه لكل ما قامت به الولايات المتحدة لإسرائيل، واصفاً خطة السلام المرتقبة بأنها «صفقة القرن». وكان ترمب قد التقى نتنياهو ومنافسه بيني غانتس؛ كلاً على حدة في البيت الأبيض، بحضور وزير الخارجية مايك بومبيو، حيث عرض عليهما خطة السلام المعروفة بـ«صفقة القرن».
وبعد انهيار عملية السلام عام 2014 خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وبروز الخلافات بين واشنطن وتل أبيب لرفض الأخيرة مواصلة المحادثات التي كانت تلقى تأييداً دولياً، بسبب عدم القبول بحل الدولتين أساس كل خطط السلام، قرر الرئيس ترمب اعتماد مقاربة جديدة تقوم على الاعتراف بما وصفه بـ«الأمر الواقع»، معتبراً أن حل الدولتين أمر يقرره طرفا الصراع في مرحلة لاحقة، واقترح خطة من شقين؛ اقتصادية وسياسية.
وكشفت الإدارة الأميركية في يونيو (حزيران) الماضي عن الشق الاقتصادي، الذي يقوم على خطة إنعاش اقتصادية بقيمة 50 مليار دولار، ورفض الفلسطينيون الحوار حولها مع واشنطن.
ترمب الذي يستعد للانغماس كلياً في معركة انتخابات الرئاسة التي ستجري بعد أقل من 10 أشهر، لا يبدو أنه سيكون قادراً على الانتظار حتى تشكل حكومة إسرائيلية، بحسب تصريحات نقلتها وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي. وهو يسعى إلى تسجيل مزيد من الإنجازات السياسية الخارجية، تضاف إلى سجله في هذا المجال، في ظل المواجهة المفتوحة مع إيران، والمعارك التجارية التي خاضها سواء مع حلفاء واشنطن؛ كالاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، أو منافسيها؛ كالصين وروسيا.
وتحدثت تقارير أميركية عدة عن نجاح ترمب في تحويل السياسة الخارجية إلى واحدة من أبرز النقاط التي تتم تعبئة الجمهور الانتخابي لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي حولها. فالعوائد التي تحققت من الاتفاقات التجارية التي أنجزها، سواء مع كندا والمكسيك أو مع الصين، تنعكس بشكل مباشر على شريحة اجتماعية واسعة، يتنافس الحزبان لكسب ودّها في معركة الانتخابات الرئاسية والعامة التي ستجري في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويأمل ترمب في الحصول على بعض القوة الدافعة إذا تمكن من الحصول على تأييد نتنياهو وغانتس لخطة السلام قبل إعلانها، بحسب ما نقلته وكالة «رويترز» عن مسؤول في البيت الأبيض. وأعلن غانتس المنافس السياسي الرئيسي لنتنياهو لدى وصوله إلى واشنطن مساء الأحد، أنه «يتطلع إلى مقابلة الرئيس ترمب، الرئيس الذي يكنّ أقصى درجات الود لدولة إسرائيل، بشأن قضية ذات أهمية شديدة ولها تداعيات وطنية واستراتيجية وأمنية على إسرائيل».
وكان غانتس قد سحب الأسبوع الماضي اعتراضه على نشر الخطة قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في مارس (آذار) المقبل، خوفاً مما وصفته صحيفة «نيويورك تايمز» بـ«الفخ السياسي» الذي يمكّن نتنياهو من الظهور كرجل دولة، بينما يبدو هو رجلاً غاضباً. وأضافت الصحيفة أن محللين قالوا إنه لا يستطيع أن يتجاهل ترمب، بالنظر إلى شعبيته الكبيرة في إسرائيل. وأضافت «نيويورك تايمز» أنه بعيداً عن محاولات إدارة ترمب للجمع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتقديم تنازلات منهم، إلّا أن كثيراً من الخبراء والمسؤولين السابقين المختصين في شؤون المنطقة، يعتبرون أن نشر الخطة سيكون مساهمة كبيرة لتعزيز فرص نتنياهو للبقاء في السلطة، في ظل الصعوبات الانتخابية التي يواجهها وملفات الفساد المفتوحة ضده، وليس للدفع بصفقة القرن.
وقبيل الكشف عن هذه الخطة، أصدر النائب الديمقراطي إليوت أنغل رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب والسيناتور الديمقراطي بوب مينينديز عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، بياناً مشتركاً، دعا فيه الرئيس ترمب للعمل على إعادة إلزام الولايات المتحدة بمساعدة طرفي النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي في العودة إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل مقبول لهذا النزاع. وقال البيان: «بصفتنا داعمين منذ زمن طويل لعلاقة قوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وحل الدولتين، فإننا نرحب بأي جهد من شأنه المساعدة في تحقيق هذه الأهداف».
وتابع البيان: «أيدنا حلاً تفاوضياً للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، بمبادلة متفق عليها للأراضي، تؤدي إلى قيام دولتين؛ دولة إسرائيل اليهودية الديمقراطية، ودولة فلسطينية قابلة للحياة منزوعة السلاح، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن وباعتراف متبادل». وأكد أنغل ومينينديز أن سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد، تقوم على أن الحل السلمي للنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني يجب أن يأتي من خلال مفاوضات مباشرة بين حكومة إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بدعم من دول المنطقة والعالم، مؤكدين أن قيام دولة فلسطينية سيوفر ملاذاً لملايين الفلسطينيين. فالشعب الفلسطيني يستحق حق تقرير المصير، وينبغي أن تدعم الولايات المتحدة هذا الهدف.
وأضاف أنه «لا يمكن أن يولد حل الدولتين على ظهر أفعال أحادية من أي جانب، وهي لا تسهم في تحقيق سلام دائم ولا تخدم المصالح الأميركية، بل تجعل من الصعب العودة إلى طاولة المفاوضات، وقد تضع توقعات غير واقعية ومطالب غير قابلة للتحقيق».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.