تعليقات ليبية حول «تبدّل» مواقف إردوغان

TT

تعليقات ليبية حول «تبدّل» مواقف إردوغان

أثارت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أول من أمس بالعاصمة الجزائرية، بشأن مواصلة بلاده السعي لوقف الدماء في ليبيا وتشديده على أن الحلول العسكرية لن تأتي بنتيجة، ردود فعل متباينة.
تراوحت ردود الفعل بين الاستغراب وإثارة التساؤلات داخل الأوساط الليبية، خصوصاً في الشرق الليبي وجنوبه، حيث سارع رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى استرجاع مقاطع لتصريحات سابقة لإردوغان حول إرسال بلاده دعماً عسكرياً لمساندة «حكومة الوفاق»، بعد تقدم الجيش الوطني في العاصمة، فضلاً عن تهديده قائد الجيش المشير خليفة حفتر بتلقينه «الدرس اللازم» في حال واصل هجومه على طرابلس، وذلك في أعقاب رفض الأخير التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار في العاصمة الروسية منتصف الشهر الجاري، في حين ركز مراقبون للمشهد الليبي على طرح التساؤلات حول أسباب تبدل المواقف التركية وأيضاً مدى جديتها.
وركز كثير من الشباب الليبي على تصاعد تحركات الرئيس التركي وتدخلاته في شؤون بلادهم منذ توقيع إردوغان ورئيس حكومة الوفاق فائز السراج أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مذكرتي تفاهم؛ الأولى تتعلق بالتعاون العسكري بين البلدين، والثانية تتعلق بترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، التي أثارت اعتراضات دول عدة كقبرص واليونان ومصر.
وتطرق هؤلاء على مواقع التواصل إلى تصريح إردوغان الشهير غداة مصادقة البرلمان التركي في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، على اتفاق التعاون العسكري والأمني، حول أن «بلاده ستزيد الدعم العسكري لحكومة الوفاق إذا اقتضت الضرورة»، مبرزاً أن بلاده «قدمت بالفعل في الآونة الأخيرة دعماً جاداً للغاية لتلك الحكومة... وكيف أنها تفدي دولة ليبيا بحياتها». كما لفتوا إلى تصريحاته حول «وجود مليون ليبي من أصول تركية يستحقون دعمه والتدخل لنجدتهم»، وهي التصريحات التي أثارت في حينها غضباً وسخرية واسعين. كما أبرز هؤلاء مسارعة إردوغان لاستدعاء البرلمان التركي من إجازته ليضفي اللمسة الشرعية على هذا الدعم العسكري بإقرار الأخير في الثاني من يناير (كانون الثاني) الجاري، بالموافقة على إرسال قوات إلى ليبيا لدعم الوفاق وميليشيات مسلحة ومؤدلجة تتمركز معها بالعاصمة ومدن أخرى بالغرب الليبي، وذلك رغم التحذيرات العديدة من المجتمع الدولي ودول الإقليم من أن هذه الخطوة سوف تفاقم حالة الصراع المسلح والفوضى الأمنية التي تعانيها ليبيا منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي في عام 2011.
التناقض في تصريحات إردوغان لم يقتصر على التصريحات بين الدعوة للحرب والسلام، وإنما امتد لغموض الدور العسكري التركي في ليبيا، حيث ركز كثير من المراقبين والإعلاميين على التساؤل عن شكل التدخل العسكري التركي وعدد القوات وأهداف تركيا من هذا التورط العميق في ليبيا، راصدين تصريحات إردوغان في الفترة من 6 يناير الجاري حتى العاشر منه بأن «أنقرة بدأت نشر قوات بليبيا مع التأكيد على أن مهمة هذه القوات أو الـ35 جندياً تركياً ليس القتال». ورصد هؤلاء علامات الاستفهام التي ثارت داخل أوساط عديدة بطرابلس مع بدء وصول أفواج المرتزقة إليها، خصوصاً أن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين إردوغان والسراج كانت توحي أنه سيرسل قوات من جيشه.
حسين الشارف أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة بنغازي، يرى أن الطرح الذي قدمه إردوغان حول العرق التركي لم يفلح في إثارة النعرات وتفكك النسيج الاجتماعي الليبي إذا كان هذا مسعاه، بل إنه جاء بنتائج مخالفة تماماً. وقال الشارف: «الجميع الآن ملتف خلف قيادة الجيش الوطني بمن فيهم من كان لديهم سوء فهم لأهداف الجيش جراء الدعاية المضللة حول فرض الأخير لحكم عسكري صارم إذا أكمل تقدمه نحو العاصمة، الجميع يرى أن الجيش الآن هو ربما الطريق الوحيدة لخروج المرتزقة السوريين والتركمان الذين جلبهم إردوغان للبلاد».
أما أستاذ القانون الدولي الليبي محمد الزبيدي فتوقف عند تحذيرات إردوغان لدول أوروبا عشية انعقاد «مؤتمر برلين»، حول أن سقوط حكومة الوفاق سيمنح تنظيمات متشددة كـ«داعش» و«القاعدة» الفرصة لاستعادة قوتها. وأوضح الزبيدي: «إردوغان أراد ضرب عصافير كثيرة بالورقة الليبية؛ بداية بابتزاز أوروبا بالمتطرفين الذين سيكونون على بعد كيلومترات من شواطئهم، للحفاظ على حلفائه الإخوان في طرابلس، كما أنه حوّل ليبيا عبر إرسال آلاف المتطرفين من سوريا وتخلصه منهم طبقاً لتفاهماته مع الروس، كما أوجد لنفسه موطئ قدم في الصراع على الثروة النفطية بالمتوسط، أملاً في أن يؤدي ذلك لتحسين موقف حزبه الحاكم بعد خسارة بلدية إسطنبول في الانتخابات المحلية، كما يعمل على زعزعة دول الجوار، وفي مقدمتهم مصر التي تخلصت من حكم حلفائه الإخوان عام 2013 والتي تدعم بالوقت نفسه الجيش الوطني بقيادة حفتر».
وشدد الزبيدي على أن محاولة إردوغان أول في أمس في الجزائر، ارتداء ثوب صانع السلام «ليس إلا جزءاً من سياسة النفاق التي تنتهجها الجماعات الإسلاموية ولتفادي العقوبات، حيث تعهد السلطان مع باقي الأطراف التي اجتمعت ببرلين عدم إرسال أسلحة أو مقاتلين لأي من طرفي الصراع، فضلاً عن مواجهته بدبلوماسية مصرية وعربية قوية حاصرت أغلب تحركاته».
من جهته، يرى المحلل السياسي الليبي عيسى عبد القيوم أن إردوغان لن يتوقف دوره في ليبيا، وإن توقفت تهديداته العسكرية، موضحاً أنه «سيستغل رغبة السراج ومن معه بالبقاء في السلطة عبر إجبارهم على التوقيع معه على مزيد من العقود والشراكات الاقتصادية... بالأساس برلين وفرت له فرصة للتهرب من عهود المخادعة حول التدخل والتي لم تكن إلا محاولة لنيل نصر بلا معركة».
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة قد أكد في تصريحات صحافية عقب مؤتمر برلين، حين سئل عن دور تركيا في نقل المرتزقة لليبيا، الذي قدر عددهم من ألف إلى ألفين، أنه قد صار «يملك ما يحاسب به الرئيس التركي».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.