إجراءات حكومية «لضمان الأمن المائي» في المغرب

العثماني قال إن علاقته مع الملك محمد السادس «سمن على عسل»

TT

إجراءات حكومية «لضمان الأمن المائي» في المغرب

أعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية مجموعة من الإجراءات لمواجهة نقص المياه، وتأمين مياه الشرب، لا سيما في القرى بسبب ضعف الأمطار وتوالي سنوات الجفاف.
وقال العثماني، الذي كان يتحدث أمس بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) خلال جلسة المساءلة الشهرية التي خصصت لسياسة الحكومة في توفير الموارد المائية، أن ضمان «الأمن المائي»، له دور رئيسي في التنمية والاستقرار، في ظل الدينامية التي يشهدها الاقتصاد المغربي، لا سيما في قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة.
في غضون ذلك، قال العثماني إن علاقته مع الملك محمد السادس «سمن على عسل»، مشيرا إلى أن جميع المخططات الكبرى والاستراتيجية يشرف عليها الملك، والاستراتيجيات التي تعتمدها الحكومة يصادق عليها في المجلس الوزاري.
وأضاف العثماني «البعض أدخل جلالة الملك في الجدال. اسمحوا لي هذا الكلام غير مضبوط». وزاد قائلا: «اقتنعت اليوم بأن المعارضة تائهة بعض الشيء».
وأقر العثماني أن المغرب بحكم موقعه الجغرافي، من بين الدول التي تتسم بتباين كبير في توزيع مواردها المائية، مما حتم عليه، منذ ستينات القرن الماضي، نهج سياسة استباقية، بعيدة المدى في مجال الماء، ترتكز أساسا على إنشاء السدود من أجل تخزين المياه في السنوات الماطرة واستعمالها في أعوام الخصاص (النقص)، والتي أشرف عليها الملك الراحل الحسن الثاني.
ومكنت هذه السياسة، يضيف رئيس الحكومة، من تشييد بنية تحتية مائية مهمة موزعة جغرافيا على جهات المملكة، والتوفر على رصيد مهم من المنشآت المائية يتمثل في 145 سدا كبيرا و130 سدا صغيرا في طور الاستغلال، بالإضافة إلى 14 سدا كبيرا و20 سدا صغيرا في طور الإنجاز، فضلا عن آلاف الآبار لاستخراج المياه الجوفية، وهو ما مكن من تحسين الولوج إلى الماء الصالح للشرب وتلبية الحاجيات المائية الصناعية والسياحية، وكذا تطوير الفلاحة السقوية على نطاق واسع في ظل ظروف صعبة تتسم بعدم انتظام الأمطار وتوالي فترات الجفاف.
واستعرض العثماني أمام النواب الإجراءات التي ستتخذها الحكومة في إطار تنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020 - 2027 ومشروع المخطط الوطني للماء للفترة 2020 - 2030.
وذكر العثماني بالمحاور الخمسة التي يرتكز عليها البرنامج الوطني، والتي تتجلى في تنمية العرض المائي من خلال الاستمرار في نهج سياسة بناء السدود، وتحلية مياه البحر، معلنا فتح ثلاث محطات كبرى للتحلية خلال السنوات المقبلة.
وأوضح العثماني أن المحور الثاني للبرنامج يتعلق بتدبير الطلب على الماء، وتثمينه من خلال آليات الاقتصاد في استغلال الماء بطريقة معقلنة، خصوصا في المجال الفلاحي، مذكرا بوجود برنامج كامل بدأ وسيستمر لهذا الغرض. إلى جانب تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب، كمحور ثالث يرمي لتعميم شبكة التزويد بالماء الشروب لتشمل مختلف مناطق العالم القروي.
أما المحور الرابع للبرنامج، فيتمثل في إعادة استعمال المياه العادمة، والذي اعتبره العثماني «مدخلا مهما للاقتصاد في الماء، خصوصا في سقي المناطق الخضراء، وسقي جميع مناطق الغولف الموجودة»، مشيرا إلى أن «ما يقرب من 40 في المائة من ملاعب الغولف تسقى من المياه التي أعيد معالجتها»، فيما أن الهدف، هو مائة في المائة.
ولفت العثماني إلى أهمية المحور الخامس في البرنامج، والمتمثل في التواصل والتحسيس، بحكم أن «التعاون والشراكة من قبل جميع المتدخلين، وأيضا من طرف المجتمع المدني والمواطن مهم في مجال تثمين الماء، وعلينا المحافظة عليه لأنه ثمين ومهم للحياة».
وشدد العثماني في ختام مداخلته على أن حكومته «مستمرة في الإنصات لاحتياجات المواطنين بخصوص الماء بشتى استعمالاته من أجل ضمان الأمن المائي لبلادنا»، فضلا عن «تعبئة الموارد المائية، بالوفرة والجودة اللازمتين لمواكبة دينامية التنمية التي يشهدها المغرب، مع ما يصاحبها من تزايد الطلب على الماء، لا سيما في ظل التغيرات المناخية وانعكاساتها السلبية».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».