حضور أميركي رفيع في الخرطوم... ومطالب برفع السودان من قائمة «قيود السفر»

تيبور ناجي ودونالد بوث و4 نواب كونغرس التقوا حمدوك وناقشوا «التحويلات المصرفية»

مظاهرة أمام البيت الأبيض ضد قرارات منع السفر لمواطني بعض الدول العربية (أ.ب)
مظاهرة أمام البيت الأبيض ضد قرارات منع السفر لمواطني بعض الدول العربية (أ.ب)
TT

حضور أميركي رفيع في الخرطوم... ومطالب برفع السودان من قائمة «قيود السفر»

مظاهرة أمام البيت الأبيض ضد قرارات منع السفر لمواطني بعض الدول العربية (أ.ب)
مظاهرة أمام البيت الأبيض ضد قرارات منع السفر لمواطني بعض الدول العربية (أ.ب)

تشهد العاصمة السودانية الخرطوم حضوراً كبيراً لمسؤولين أميركيين رفيعين، في وقت تشهد فيه العلاقات انفراجاً كبيراً منذ انهيار نظام الرئيس المعزول عمر البشير في أبريل (نيسان) الماضي.
وفيما تنتظر الخرطوم وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي تيبور ناجي، وجه 4 نواب من الكونغرس الأميركي، موجودون حالياً في الخرطوم، رسالة بتوقيعاتهم تطالب الرئيس دونالد ترمب بالتراجع عن عزمه إدراج السودان بين الدول الست التي يزعم فرض قيود سفر إضافية عليها.

وعلمت «الشرق الأوسط»، أمس، أن تيبور الناجي سيصل الخرطوم اليوم لإجراء مباحثات مع مسؤولين سودانيين، وينتظر أن يعقد مؤتمراً صحافياً، يشارك فيه صحافيين من مختلف أنحاء العالم عبر الهاتف، عن زيارته التي استمرت زهاء أسبوعين لدول أفريقيا الوسطى وإثيوبيا وكينيا وجنوب السودان، والتي يختمها بزيارته للسودان. ووزعت السفارة الأميركية رقاع الدعوة لسودانيين، بينهم صحافيون، لحفل استقبال تزمع عقده احتفاء بزيارة الناجي للخرطوم.
ومن جهتهم، قال 4 من نواب الكونغرس الأميركي عن الحزب الديمقراطي إن عزم الرئيس ترمب على تطبيق عقوبة حظر السفر على السودان، من بين 6 دول، يرسل رسالة خاطئة للشعب السوداني، ويؤثر سلباً على الانتقال إلى الحكم المدني في البلاد.
وذكر النواب الأربعة وهم كارين, دانيال, باربرا, بارميلا جايابال, في رسالتهم للرئيس ترمب، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن قيود السفر المزمع فرضها على السودان تبعث برسالة سلبية للحكومة السودانية والشعب السوداني والعالم، وأضافوا: «نشجع الإدارة الأميركية على استمرار دعم السودان باتجاه الحكم المدني والديمقراطية وتحقيق السلام».
وأشارت رسالة النواب إلى ما أطلقت عليه «التقدم الذي أحرزه السودان لتحقيق حكومة ديمقراطية، عقب إطاحة حكم الرئيس عمر البشير بثورة شعبية في أبريل (نيسان) 2019».
وقال النواب إنهم «حالياً في السودان»، وتعرفوا عن قرب على ما اتخذته الحكومة الانتقالية لمواجهة سياسات نظام البشير، ووضعت خطط للإصلاح، وتابعوا: «السودان خطا خطوات مهمة لمكافحة الإرهاب، وتقييد حركة وتنقل الجهات النشطة والسيئة في مجال الإرهاب».
وأشارت رسالة أعضاء الكونغرس إلى السياسات الأميركية الأخيرة تجاه السودان الهادفة لتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين، وقالت إن إضافة السودان لقائمة حظر السفر ترسل رسالة خاطئة تؤثر على توجهات الحكومة الانتقالية الهادفة لبناء نظام ديمقراطي، وتحقيق السلام في البلاد.
وفي زيارتهم للخرطوم، أجرى نواب الكونغرس مباحثات مع مسؤولين سودانيين في الخرطوم، من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي أطلعهم على التغييرات الجارية في السودان، إضافة إلى وزيرة الخارجية أسماء محمد عبد الله.
ومن جهة أخرى، أوصلت الحكومة السودانية لمبعوث الرئيس الأميركي للسودان وجنوب السودان دونالد بوث طلباً لإزالة العقبات التي تواجه التحويلات المصرفية في السودان بسبب العقوبات المفروضة عليه.
وقال بوث في لقاء جمعه بوزير المالية إبراهيم البدوي إن الإدارة الأميركية تدعم إنجاح مؤتمر المانحين المقرر عقده قبل منتصف العام الحالي في الكويت من قبل مجموعة «أصدقاء السودان»، وإنه يتطلع لرؤية الشركات الأميركية وهي تستثمر في السودان، لا سيما في مجال الطاقة والتعدين.
وطلب البدوي تعاون بوث من أجل إزالة عقبات التحويلات المصرفية التي أصبحت عائقاً رئيسياً أمام سودانيي المهجر، وقدم له شرحاً عن الإصلاحات الاقتصادية التي تضمنتها موازنة عام 2020، وجهود إصلاح الاقتصاد الهادفة لمعالجة اختلالاته الهيكلية، وتقليل حدة الفقر، والاستغلال الأمثل للموارد، لتحقيق التحول من اقتصاد استهلاكي إلى اقتصاد إنتاجي.
كما التقى بوث وزير الطاقة والتعدين عادل علي إبراهيم، وبحث معه فرص الاستثمار في قطاع التعدين، والخارطة التعدينية في البلاد، ووجود المعادن، بما فيها الذهب، في أنحاء البلاد كافة.
وقال بوث عقب اطلاعه على واقع وفرص الاستثمار في قطاع الطاقة والتعدين بالسودان: «آمل أن أرى الشركات الأميركية تدخل السودان للاستفادة من الفرص المتاحة، لا سيما قطاعي الطاقة والتعدين».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.