يروي حارس المرمى الإنجليزي، جيمس شي، قصة تجسد الروح الأخوية بين حراس المرمى. وتعود أحداث هذه القصة إلى الفترة التي كان يلعب فيها في بداية مسيرته مع نادي آرسنال - لعب فترة في دوريات الهواة قبل انتقاله إلى ناديه الحالي لوتون تاون، الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى بإنجلترا - حيث كانت القفازات الجديدة تبدو وكأنها رفاهية في ذلك الوقت، كما كان ثمنها كبيرا للغاية بالنسبة لحارس مرمى شاب في أكاديمية من أكاديميات الناشئين. وسأل شي الحارس البولندي لوكاس فابيانسكي عما إذا كان بإمكانه استعارة قفازيه من أجل التدريب بهما. وبعد بضعة أيام، أحضر فابيانسكي صندوقا كبيرا مليئا بالقفازات واسم شي محفور عليها.
ولم يكن هذا موقفا استثنائيا أو غير مألوف بين حراس المرمى، فهناك الكثير من القصص المماثلة بين حراس المرمى. وغالبا ما تتسم كرة القدم بأنها بيئة قاسية وصعبة تشبه الغابة التي تأكل فيها الحيوانات بعضها بعضا، لكن الأمر يختلف كثيرا بين حراس المرمى، للدرجة التي تجعل البعض يقول إن هناك ما يمكن أن نطلق عليه اسم «اتحاد حراس المرمى»، والذي يعكس التعاون والدعم المتبادل بين الحراس. صحيح أنه لا توجد اشتراكات لهذا الاتحاد، أو حتى اجتماعات نقابية، لكن الكثيرين يشعرون بالتضامن الكبير بين أعضاء هذا الاتحاد.
يقول ريتشارد لي، حارس المرمى السابق لكل من واتفورد وبلاكبيرن روفرز: «يبدو الأمر وكأن حراس المرمى يلعبون رياضة مختلفة تماما عن كرة القدم. وبالطبع هناك صداقة قوية للغاية بين حراس المرمى، فهم يدعمون بعضهم بعضا بكل قوة ويتعاطف كل منهم مع الآخر عندما يمر بأوقات صعبة».
وعندما يتعلق الأمر بالانتقادات، يشعر الكثيرون بأن حراس المرمى فقط هم من يكونون مرمى لسهام هذه الانتقادات؛ حيث يقول لي: «دائما ما يساء فهم مركز حراسة المرمى، من قديم الزمان وحتى الآن. من وجهة نظر حارس المرمى، إذا أدليت برأيك، فإنه سينظر إليه على أنه مجرد رأي من شخص هاو، إذا لم تكن قد لعبت في هذا المركز من قبل».
وينطبق هذا الأمر على تحليل المباريات والتعليق والعمل الإعلامي في مجال تحليل المباريات، ولهذا السبب بدأ لي برنامجاً إذاعياً موجهاً لحراس المرمى يحمل اسم «اتحاد حراس المرمى». وقد أعرب ماثيو بيدل، المشارك في تأليف فكرة هذا البرنامج والذي لعب في مركز حراسة المرمى عندما كان طفلا، عن إحباطه من حقيقة أن حراس المرمى لا يحظون بالتغطية الكافية على شاشات التلفزيون. ويقول عن ذلك: «يتم تحليل المباريات الآن بشكل مكثف للغاية للدرجة التي تجعل المشاهد يشعر بالتشبع. لكننا نادرا ما نرى حارس مرمى يجلس في الاستوديو التحليلي للمباريات ليحلل تحركات حراس المرمى ويقول إن حارس المرمى تحرك بهذه الطريقة لهذا السبب، أو هذا هو السبب الذي جعله يرتكب هذا الخطأ».
ويشير لي إلى أنه بدون وجود حارس مرمى سابق في الاستوديو التحليلي، فإن المحللين يتطرقون إلى بعض الأمور التافهة المتعلقة بأداء حارس المرمى ويكتفون بترديد عبارات عامة مثل «الحارس لم يخرج بطريقة صحيحة على القائم القريب»، أو «لقد أخفق في هذه اللعبة»، أو «لقد كان ارتقاء الحارس جيدا في هذه اللعبة». ويشير لي إلى أنه في حين أن قناة «سكاي سبورتس» لديها برنامج تلفزيوني يسمى «ريف ووتش»، يقوم فيه حكم سابق بتحليل وشرح القرارات التحكيمية الهامة، فإنه لا يوجد برنامج مماثل لتحليل أداء حراس المرمى. ويضيف: «بالإضافة إلى ذلك، هناك الآن الآلاف من الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي الذين يرون أنفسهم خبراء في حراسة المرمى، ويتحدثون عما كان يجب على حارس المرمى القيام به. إنه أمر صعب جدا على حراس المرمى، لذلك فإنهم يميلون إلى الدفاع عن أنفسهم بكل قوة، لأنهم يعرفون أن هناك سوء تقدير للموقف وعدم فهم لمتطلبات المركز الذي يلعبون به».
ويمكن أن تنطبق نفس المفاهيم الخاطئة أيضاً على زملاء حارس المرمى في الفريق أو حتى داخل غرفة خلع الملابس. ويتفق جيمس شو، الذي يلعب كحارس مرمى مع نادي توتنغ آند ميتشام يونايتد في لندن، على أنه دائما ما يتم التعامل مع مركز حراسة المرمى بطريقة غير صحيحة. وعندما سُئل عن «اتحاد حراس المرمى»، قال شو: «إنه يشبه نادي القتال؛ حيث يحاول كل حارس مرمى التشبث والتمسك بالحارس الآخر، لأنه بغض النظر عن النادي الذي يلعب به هذا الحارس، وسواء كان داخل البلاد أو خارجها، فإن حارس المرمى يتشبث بحراس المرمى الآخرين دون سبب واضح. في كل دورة تدريبية، وفي كل مباراة، أجد لاعبا يلعب في مركز الجناح الأيمن أو أي مركز آخر يسألني: لماذا لم تفعل هذا؟ لماذا لم تخرج للإمساك بالكرة؟ لكنني أود أن أرد عليه قائلا: (إذا شرحت لك فعليا القرارات الخمسة التي كان يتعين علي اتخاذها في هذه الفترة التي لا تتجاوز نصف ثانية، فإنك لن تفهم شيئا على الأرجح)».
وعلى الرغم من أن متطلبات اللعب في هذا المركز تتغير بمرور الوقت - حتى على مستوى اللعب في دوريات الهواة، أصبح يتعين على حراس المرمى أن يجيدوا اللعب بالقدمين – فإن حراس المرمى لا يحصلون على الحد الأدنى من التقدير الذي يستحقونه. يقول شو: «في أغلب الأحيان، لا يحصل حراس المرمى على الإشادة اللازمة حتى لكونهم لاعبي كرة قدم؛ حيث يعاملك الناس كما لو كنت مجرد شخص أحمق يقف في هذا المرمى». وعلاوة على ذلك، هناك الطبيعة الوحشية في التعامل مع الأخطاء التي يرتكبونها؛ حيث دائما ما نجد المدير الفني يوجه نقدا لاذعا لحارس المرمى إذا تسبب في دخول هدف في مرماه، على الرغم من أنه ينقذ خمس أو ست فرص محققة!.
في الحقيقة، يمكن وصف حراسة المرمى بأنها «فن فردي» ينطوي على الكثير من التحديات النفسية الفريدة الخاصة به. وقد وصف الكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف حارس المرمى بأنه «النسر الذي يحلق وحيدا».
يقول شو: «في بعض الأحيان، يبدو الأمر وكأن حارسي مرمى الفريقين المتنافسين صديقان ويعرفان بعضهما بعضا جيدا، على الرغم من أنهما قد لا يعرفان بعضهما على الإطلاق. الأمر يشبه مقابلة الشخص لشقيقه المفقود منذ زمن طويل، فأنت تعرفه وتعرف أنه مرتبط بك بطريقة ما، لكنك لا تعرف شيئا عنه».
وعلاوة على ذلك، يتدرب حراس المرمى مع أفراد تربطهم بهم علاقات قوية للغاية؛ حيث غالبا ما يتدرب حارس المرمى مع مجموعة صغيرة من المدربين الذين سبق لهم اللعب في مركز حراسة المرمى، ويعملون بشكل غير مرئي على تقوية العلاقة بين حراس المرمى في الأندية والأماكن المختلفة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر يؤدي إلى توطيد العلاقات بين حراس المرمى، فإنه يساهم أيضا في زيادة المنافسة بينهم. يقول شو: «إذا ارتكب حارس المرمى خطأ وتسبب في دخول هدف في مرماه، فإن الحارس الآخر يشعر بالأسف بسبب ما حدث له، لكنه يدرك جيدا أن الأمور قد تنعكس في الأسبوع التالي ويتسبب هو في دخول هدف في مرماه. هذه طريقة ساخرة للنظر إلى الأمر، لكن في بعض الأحيان يجب أن يكون هناك اهتمام أكبر بحراس المرمى».
وحتى لو كان هناك قدر من التوتر داخل اتحاد حراس المرمى، فإنه يبقى طي الكتمان وبعيدا عن الأضواء. يقول لي: «تبقى الحقيقة الثابتة في أن حارس مرمى وحيدا هو من يشارك في المباريات. لقد كنت ألعب أنا وبراد فريدل في بلاكبيرن روفرز، ولم يتعرض للإصابة قط. لقد قضى بيتر إنكلمان معه أربع سنوات، وكان نادرا ما يشارك في المباريات».
وتجب الإشارة إلى أن الجلوس على مقاعد البدلاء لأسابيع وربما لأشهر طويلة انتظارا للمشاركة هو مجرد تحد نفسي مشترك يجمع حراس المرمى. وحتى عندما تكون المنافسة على أشدها، فإن روح «اتحاد حراس المرمى» تجعل أعضاء هذا الاتحاد يتحلون بالروح الرياضية العالية التي تتجسد في معانقة بعضهم بعضا بعد نهاية كل المباراة.
لماذا يحب حراس المرمى بعضهم بعضاً أكثر من بقية اللاعبين؟
القدامى والحاليون متحدون كأعضاء في رابطة خاصة ويطالبون الإعلام بإدراك كيفية النقد لهذا المركز
لماذا يحب حراس المرمى بعضهم بعضاً أكثر من بقية اللاعبين؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة