إيران تلجأ للعملات الإلكترونية لتتفادى عقوبات ترمب

إيران تلجأ للعملات الإلكترونية لتتفادى عقوبات ترمب
TT

إيران تلجأ للعملات الإلكترونية لتتفادى عقوبات ترمب

إيران تلجأ للعملات الإلكترونية لتتفادى عقوبات ترمب

لا شك أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران، خلال العامين الماضيين، كانت فعالة، حيث إنها قلصت الاقتصاد الإيراني بنسب تراوحت ما بين 10 و20 في المائة. لكن هذه العقوبات سرعت أيضاً من استخدام إيران للعملات المشفرة مثل «بيتكوين»، التي تستخدمها الحكومة الإيرانية والمواطنون الإيرانيون، بشكل متزايد، للالتفاف على العقبات الاقتصادية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وقالت مجلة «فورين بوليسي»، إن ذلك أدى إلى محاولة المنظمين الدوليين لهذه العملة فرض إجراءات صارمة بشأن استخدامها، لكن العملة المشفرة أثبتت أنها أكثر ذكاءً من منفذي العقوبات.
وأضافت المجلة أنه لطالما كانت الحكومة الإيرانية مهتمة باستخدام العملات المشفرة لدعم التجارة الدولية خارج النظام المصرفي التقليدي. ففي يوليو (تموز) 2018، أعلنت إدارة الرئيس الإيراني حسن روحاني، عن نيتها إطلاق عملة وطنية مشفرة، وبعد شهر واحد حددت وكالة أنباء تابعة لبنك إيران المركزي ميزات متعددة للعملة الوطنية المشفرة، وقالت إنها ستدعمها بالريال الإيراني. وقام البنك المركزي بالإفصاح عن سلسلة مشروعات كبيرة لتطوير التكنولوجيا الأساسية للعملات المشفرة في مؤتمر للمدفوعات الرقمية العام الماضي، أحدها تم اختباره بالفعل من قبل 4 بنوك إيرانية، 3 منها تخضع لعقوبات.
ووفقاً لتقارير مختلفة، فإن المعاملات المشفرة شائعة لدى الجمهور الإيراني بالفعل. ففي بعض المقابلات، وصف المتعاملون «بيتكوين» بأنها الطريقة الوحيدة للحصول على أموال من إيران. فنشاط التعدين للعملة المشفرة، وهي عملية حسابية معقدة تولد عملات مشفرة جديدة، مهم أيضاً في إيران. وبسبب انخفاض كلفة الكهرباء في إيران، وتدني قيمة الريال الإيراني، قام العديد من عمال مناجم «بيتكوين» بالعمل في إيران عام 2018. وفي عام 2019، أظهر مسح أجري مع 1650 إيرانياً يستخدمون «بيتكوين» أن 25 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قد حصلوا على ما بين 500 دولار و3000 دولار شهرياً باستخدام العملة المشفرة. ويبدو أن الحكومة الإيرانية قد أدركت قيمة التعدين كقطاع اقتصادي، ففي أغسطس (آب) 2019، بعد شهر من الإجراءات الشديدة المفروضة على نشاط التعدين بسبب إساءة استخدام الكهرباء الرخيصة، أصدر مجلس الوزراء الإيراني لائحة تعترف بالتعدين كقطاع قانوني في الاقتصاد.
ومن المثير للاهتمام أن إيران جذبت اهتمام دول أخرى ترغب في التعاون عبر منصات ما يعرف بسلاسل الكتل «block chain» عام 2017. وورد أن السويد سمحت لشركة محلية بالبدء في الاستثمار في الشركات بسوق الأسهم الإيرانية باستخدام «بيتكوين». وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وقَع العاملون بسلاسل «block chain» الإيرانية والروسية اتفاقية تعاون لتطوير قطاع «block chain» الإيراني بهدف معلن هو مواجهة التحديات الناشئة عن العقوبات. وفي عام 2019، أجرت منظمة ترويج التجارة الإيرانية مفاوضات حول استخدام العملات المشفرة في معاملات مالية مع ممثلي 8 دول، هي سويسرا وجنوب أفريقيا وفرنسا وإنجلترا وروسيا والنمسا وألمانيا والبوسنة والهرسك. وفي عام 2016، وفقاً للاتفاق النووي الإيراني، رفعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات عن إيران. وأطلق الاتحاد الأوروبي ما يعرف باسم «Instex»، وهي قناة معاملات بين أوروبا وإيران.
ومع ذلك، لا تزال هناك عقبات عديدة تواجه إيران وقدرتها على الاستفادة الكاملة من قوة العملات المشفرة. إن مساحة السرية في العملة المشفرة تتراجع بوتيرة ثابتة بعد أن بدأ المتعاملون يتبعون خاصية جديدة بدأت في الانتشار على مستوى العالم تحت اسم «اعرف عميلك». في عام 2018، أضاف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية شخصين إيرانيين وعناوين «بيتكوين» الخاصة بهما إلى قائمتها. ووفقاً للتحليل الجنائي الذي أجرته وزارة الخزانة، فقد جرت معالجة أكثر من 7000 معاملة «بيتكوين» بلغت قيمها ملايين الدولارات من خلال هذه العناوين. وبصرف النظر عن الأنشطة الإجرامية الأخرى والعديد من عمليات الاحتيال، فإن استخدام العملة المشفرة من قبل أنظمة دول مثل فنزويلا وإيران كان أحد العوامل الدافعة لفرض قيود شديدة على هذا القطاع.
وبصرف النظر عن اللوائح الخاصة بكل دولة، التي تنص على الامتثال المالي، فقد تم وضع معايير فريق العمل المعني بالإجراءات المالية في عام 2019، ويجري تطبيقها الآن في 37 دولة عضو في الاتفاقية. وتفرض هذه المعايير الامتثال الكامل للوائح قانون «NYC»، وتعني «اعرف عميلك»، على مستوى مزودي خدمة الأصول الافتراضية، فضلاً عن «قاعدة السفر» التي تتطلب من كل من مُنشئي معاملات العملة المشفرة والمستفيدين منها تحديد المعلومات المشبوهة والإبلاغ عنها.
وتستثني هذه اللوائح إيران فعلياً من عمليات تبادل العملات الرئيسية، وقد أدى ذلك إلى توجيه العملات المشفرة الإيرانية نحو البورصات المحلية، حيث ارتفعت علاوات الأسعار على العملة. وهكذا باتت إيران تخسر قدرتها التنافسية في مجال التعدين مقارنة بقطاعات أخرى. وفي حين أن تكلفة الكهرباء أقل من غيرها من الدول، فإن التكاليف الأخرى المتعلقة بالتعدين، مثل الأجهزة والعمليات، تعتبر أعلى بكثير في إيران. وفي الوقت نفسه، لا يزال هناك عدم يقين تنظيمي حول مستقبل العملة المشفرة داخل إيران.
وعلى الرغم من تلك التحديات، فهناك تطورات جديدة في عالم العملة المشفرة التي قد تفتح إمكانات جديدة للحكومة الإيرانية والشعب الإيراني للتهرب من العقوبات. أحد التطورات المهمة هو صعود العملات الرقمية المشفرة للبنك المركزي الذي يصدر النقود الرقمية الأصلية. وتعمل الصين وروسيا بشكل خاص في هذه المشروعات منذ فترة، ومن المتوقع إطلاق العملة الصينية السيادية أو «اليوان الرقمي» العام الحالي. لكن الآثار المترتبة على العقوبات الدولية واسعة. أولاً، فإن هذه المشروعات تعمل حتماً على سلاسل خاصة لا توفر إمكانية تتبع للبلدان الخارجية بالطريقة التي تعمل بها شبكة «بيتكوين». والثاني هو أن هذه الأدوات خارج نطاق الهيكل المالي العالمي الحالي بقيادة الولايات المتحدة. ويمكن للدول التي لا تزال مفتوحة للتعاون مع إيران استكشاف السبل بسهولة من خلال استخدام هذه العملات السيادية.



تركيا: مطالبة بإنهاء عزلة أوجلان لحل المشكلة الكردية

جانب من لقاء رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع الحزب)
جانب من لقاء رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع الحزب)
TT

تركيا: مطالبة بإنهاء عزلة أوجلان لحل المشكلة الكردية

جانب من لقاء رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع الحزب)
جانب من لقاء رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو ووفد إيمرالي (موقع الحزب)

أعلن حزب مؤيد للأكراد في تركيا، أن عملية الحوار التي انطلقت مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، لن تؤدي إلى نتيجة على صعيد حل المشكلة الكردية، ما لم يتم إنهاء عزلته التي استمرت 25 عاماً في سجنه بجزيرة إيمرالي، وتمكينه من القيام بدوره في حل المشكلة الكردية.

وواصل وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي، الاثنين، لقاءاته مع الأحزاب الممثلة في البرلمان، بعدما التقى الخميس الماضي رئيسه، نعمان كورتولموش، ورئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، الذي أطلق الدعوة للقاء أوجلان ودعوته للحديث بالبرلمان وإعلان حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء أسلحته وانتهاء الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في إطلاق سراحه.

لقاءات إيجابية

والتقى الوفد، المؤلف من النائبين سري ثريا أوندر وبروين بولدان والسياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، رئيس حزب «المستقبل» رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أوغلو، بمقر حزبه في أنقرة.

داود أوغلو مصافحاً عضوة وفد «إيمرالي» النائبة بروين بولدان (حزب المستقبل - إكس)

وقال داود أوغلو، في تصريحات عقب اللقاء: «إننا نمر بعملية مهمة للغاية، ونصيحتي من هنا هي بناء تركيا المستقبل القوية، التي تعيش في سلام، وبطريقة هادئة، ومغلقة ضد الاستفزازات، وعلى أساس وعينا التاريخي العميق، الذي بدأ مع السيد إردوغان» (في إشارة إلى فترة عمله بحزب العدالة والتنمية برئاسة الرئيس رجب طيب إردوغان بصفته وزيراً للخارجية ثم رئيساً للوزراء).

وأضاف داود أوغلو أن التصريحات التي أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولتي بهشلي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تتعلق أيضاً بمراجعة الوضع في سياق التطورات في سوريا والعراق، وقد تبادلنا الآراء حول هذه القضية، ونأمل أن تتحرك هذه العملية في الاتجاه الصحيح.

من جانبه، قال نائب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عن مدينة إسطنبول، سري ثريا أوندر: «تبادلنا بعض التجارب السابقة مع السيد أحمد داود أوغلو، وفي ضوء اللقاءات الجديدة نقلنا له المعلومات التي لدينا وطلبنا النصائح والاقتراحات والتحذيرات».

وأضاف: «سندلي ببيان شامل عقب لقاء سنعقده مع الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية صلاح الدين دميرطاش (السجين في أدرنه غرب تركيا بتهم تتعلق بالإرهاب)».

وفد إيمرالي مع قيادات من حزب العدالة والتنمية الحاكم (إعلام تركي)

وعقب اللقاء مع داود أوغلو، انتقل وفد إيمرالي إلى البرلمان، لعقد لقاء مع ممثلي حزب العدالة والتنمية الحاكم، حيث اجتمع الوفد في مكتب الرئيس رجب طيب إردوغان بالبرلمان، مع كل من رئيس المجموعة البرلمانية للحزب، عبد الله غولر، ونائبته أوزلام زنجين، ونائب رئيس الحزب المتحدث باسمه، عمر تشيليك، ونائب رئيس الحزب، أفكان آلا، وهو وزير الداخلية الأسبق وكان ضمن وفد الحكومة الذي شارك في عملية السلام الداخلي لحل المشكلة الكردية في الفترة من 2013 إلى 2015، مع وفد حزب «السلام والديمقراطية»، المؤيد للأكراد، سري ثريا أوندر وبروين بولدان وإدريس بالوكان.

وكان أحمد تورك يرأس ذلك الحزب قبل إغلاقه، كما تم عزله من منصب رئيس بلدية ماردين، الذي انتخب له في 31 مارس (آذار) 2024، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتهم تتعلق بالإرهاب، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول ضمه إلى «وفد إيمرالي» الجديد.

واكتفى رئيس المجموعة البرلمانية للعدالة والتنمية، عبد الله غولر، بتصريح مقتضب عقب اللقاء الذي استغرق أكثر من ساعة ونصف الساعة، قال فيه: «أجرينا محادثات صادقة وإيجابية، تبادلنا أفكارنا، وسيتم الإدلاء ببيان في الأيام التالية».

كما عقد الوفد اجتماعاً مع رئيس حزب السعادة، محمود أريكان، الذي وصف اللقاء بأنه كان إيجابياً، مضيفاً أن حزبه سيحاول المشاركة في العملية.

تحفظات

ويلتقي الوفد، الثلاثاء، كلاً من رئيس حزبي «الديمقراطية والتقدم» علي باباجان، و«الرفاه من جديد» فاتح أربكان الذي استبق اللقاء بتصريحات أكد فيها انفتاح حزبه على المشاركة في الحوار حول قضايا البلاد، وأن هناك خطاً أحمر لهذه العملية هو وحدة تركيا، لافتاً إلى أن هناك انعداماً للشفافية في العملية الجارية حتى الآن.

ومن المقرر أن يحدد حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، موعداً للقاء الحزب، وأن يحدد من يمثله في اللقاء. كما رفض حزب «الجيد»، القومي المعارض، برئاسة موساوات درويش أوغلو المشاركة في العملية الجارية، ووصفها بأنها «خطة للخيانة».

مظاهرة تطالب بإنهاء عزلة أوجلان (رويترز)

وبينما تتواصل اللقاءات مع الأحزاب، قال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان أصدرته رئيسته المشاركة، تولاي حاتم أوغوللاري أوروتش، إن اللقاء مع أوجلان في سجن إيمرالي ليس كافياً، بل يجب فتح أبواب «إيمرالي»، وتوفير الظروف المادية التي يمكن للسيد أوجلان أن يعمل فيها، ليس من أجل تركيا فقط، بل من أجل السلام في الشرق الأوسط برمته.

وأضافت أن ما يجب أن يحدث اليوم هو ضمان حل ديمقراطي وسلمي للمشكلة الكردية، سواء داخل حدود تركيا أو في الشرق الأوسط.