يتميز البلاستيك بسهولة تصنيعه وتشكيله، فضلاً عن انخفاض تكلفته، مما أدى إلى تحسين حياة الناس اليومية، الأمر الذي ضاعف الإنتاج العالمي منه بشكل كبير جداً، وحدا الباحثين إلى إطلاق اسم «عصر البلاستيك» على النصف الأخير من القرن الماضي.
ورغم أهمية المواد البلاستيكية، ودخولها في كثير من المنتجات، ووصولها لأجزاء في المركبات الفضائية، متفوقة على مواد تقليدية، مثل الخشب والحجر وعظام وجلود الحيوان والمعادن والزجاج والسيراميك، فإنه بقيت هناك معوقات تحول دون استخدامها في المجال الطبي، مثل أجهزة القسطرة. وتكمن المشكلة الكبيرة في تراكم الكائنات الحية الدقيقة على أسطح المنتجات البلاستيكية لتكون في النهاية غشاء حيوياً يشكل مخاطر صحية للمرضى.
ولذلك ركزت دراسات حديثة على إكساب خاصية مقاومة البكتريا لمركبات «البولي فينيل كلورايد»، وهي إحدى المواد البلاستيكية، وتأتي في المركز الثالث من حيث المواد الأوسع انتشاراً بين مجموعة البوليمرات الصناعية. وامتداداً لهذا الجهد الدولي، قام الدكتور سمير جاب الله، من قسم الكيمياء الضوئية بالمركز القومي للبحوث بمصر، بإجراء كثير من الأبحاث التي نشرت خلال عامي 2018 و2019 في دوريتي «الفينيل والتكنولوجيا المضافة» و«المجلة الدولية للجزيئات البيولوجية»، وكلها تهدف لتحسين الخواص المضادة للبكتيريا لهذه المادة البلاستيكية.
ويقول جاب الله لـ«الشرق الأوسط»: «ركزت بعض الأبحاث على دمج البولي فينيل كلورايد كيميائياً مع مركبات عضوية مضادة للبكتيريا، مثل (الثيازولات)، وركزت أبحاث أخرى على دمجها مع مادة (الشيتوزان) التي يمكن استخلاصها من قشور الأسماك والجمبري، ووجدنا أن المادة الأخيرة هي الأكثر فاعلية، كونها آمنة من الناحية الصحية، وذات سمية منخفضة، وتوافق حيوي جيد، وقابلية للتحلل الحيوي، ولديها خصائص كيميائية مستقرة. كما أنها تستخدم بالفعل في مجموعة واسعة من التطبيقات في مجالات الطب والغذاء والكيمائيات، وغيرها من المجالات، وتستخدم على نطاق واسع في الطب كمضادات للجروح».
وإضافة لهذه المزايا، يشير جاب الله إلى أن «الشيتوزان» يحتوي من الناحية الكيميائية على كمية كبيرة من مجموعات «الهيدروكسيل» و«الأمين»، مما يساعد في سهولة عملية تحويره بمواد أخرى عن طريق تكوين روابط كيميائية تساهمية. كما أن المجموعات الأمينية الكثيرة تميل إلى تكوين الكاتيونات (الأيونات موجبة الشحنة) بسهولة في ظل الظروف الحمضية، وبالتالي تثبط نمو البكتيريا.
وإلى جانب الشيتوزان، ودوره في دعم نشاط مادة البولي فينيل كلورايد كمضاد للبكتيريا، أوضح جاب الله أن هذه المادة، وبعد أن أصبحت مضادة للبكتريا، يتم تدعيم هذه الخاصية لديها عن طريق دمجها مع جزيئات نانومترية من الفضة والنحاس، لما تتميز به المواد النانومترية من احتوائها على طيف واسع من القدرة المضادة للبكتيريا بسبب السمية الخلوية القوية لخلايا البكتيريا.
ويقول الدكتور سيد التومي، رئيس الشعبة الكيميائية بالمركز القومي للبحوث، لـ«الشرق الأوسط» إن الاختبارات التي أجريت على المادة الجديدة باستخدام الميكروسكوب الإلكتروني النافذ، أظهرت نجاحها في القضاء على البكتيريا، عن طريق تسببها في تلف غشاء الخلية البكتيرية، الذي يؤدي لمنع تخليق البروتين. وفي النهاية، يتسبب ذلك في قتل البكتيريا.
ويضيف: «النتائج تجعلنا نؤكد أن مثل هذه الأنواع من مركبات بولي فينيل كلوريد المضادة للبكتيريا يمكن أن يكون لها إمكانات كبيرة في مجموعة واسعة من التطبيقات البلاستيكية الأكثر أماناً».
ابتكارات علمية لبلاستيك أكثر أماناً في المجالات الطبية
ابتكارات علمية لبلاستيك أكثر أماناً في المجالات الطبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة