«النواب» المغربي يصادق على قانونين يحددان المجال السيادي والبحري

وزيرة الخارجية الإسبانية تحل اليوم بالرباط في أول زيارة عمل

TT

«النواب» المغربي يصادق على قانونين يحددان المجال السيادي والبحري

يرتقب أن تحل اليوم بالرباط وزيرة الخارجية الإسبانية في زيارة عمل للمغرب، هي الأولى لها منذ توليها وزارة الخارجية الإسبانية.
وتأتي زيارة المسؤولة الإسبانية بعد مصادقة مجلس النواب المغربي، مساء أول من أمس، على قانونين جديدين يحددان المجال السيادي والاقتصادي البحري للمغرب.
وأثار القانونان ردود أفعال قوية داخل إسبانيا، خاصة أنهما يوسعان المجال السيادي البحري للمغرب، ليشمل سواحل المحافظات الصحراوية بالنسبة للقانون الأول، فيما يتعلق القانون الثاني بتوسيع المجال البحري الاقتصادي الخالص للمغرب في عرض المحيط الأطلسي، قبالة المحافظات الصحراوية.
تجدر الإشارة إلى أن إسبانيا تعتبر أن المجال البحري المقابل للمحافظات الصحراوية (جنوب المغرب) ملكا لها، نظرا لسيادتها على جزر الكناري، المقابلة لتلك المحافظات. كما تعتبر إسبانيا أنها عندما سلمت للمغرب المحافظات الصحراوية التي كانت تحتلها، عقب تنظيم المسيرة الخضراء السلمية التي نظمها المغرب لاسترجاع الصحراء منتصف عقد السبعينات، فإنها سلمت له فقط إدارة المناطق البرية، وليس المجال البحري، الذي تعتبر أنه لا يزال تحت سيادتها.
وعلق ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون المغربي، في تصريح صحافي أول من أمس على الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإسبانية قائلا: «هذه الزيارة ستكون مناسبة لتأكيد اليد ممدودة للحوار. لكن المغرب اليوم، ومن خلال المصادقة على هذين القانونين، يمارس حقا سياديا كان ينتظره جميع المغاربة، وتفرضه علينا الاتفاقيات والقوانين الدولية»، مشيرا إلى أن القانونين يهدفان إلى تكريس الهوية المجالية للمغرب، وسيادته وحقوقه القانونية والتاريخية في أقاليمه الجنوبية.
وأوضح بوريطة أن الهوية المجالية للمغرب أصبحت اليوم واضحة بشكل تام ومرسومة ومحددة من طنجة إلى السعيدية على الحدود مع الجزائر (ساحل البحر الأبيض المتوسط)، ومن طنجة إلى الكويرة على الحدود مع موريتانيا (السواحل الأطلسية).
وعن أسباب نزول القانونين، أوضح بوريطة أن الأمر يتعلق باستكمال الترسانة القانونية للمغرب، وتحيينها على أساس التحولات، التي حدثت منذ السبعينات. كما أن اتفاقية قانون البحار، التي اعتمدتها الأمم المتحدة، تفرض على جميع البلدان المصادقة عليها تحديد مجالها البحري، وتوضيح امتدادات حدودها البحرية. وأضاف بوريطة موضحا: «المغرب انطلق في هذه العملية من منطلقات عقلانية وتاريخية وقانونية. فنحن لم نستيقظ ذات صباح وشرعنا في تحديد المجال البحري، بل إن ذلك جاء نتيجة مسار طويل، تخلله إنجاز دراسات تقنية وعلمية وقانونية، ومشاورات استمرت من 2013 إلى 2017 وبإصدار هذين القانونين فإن المغرب مارس حقا سياديا، تضمنته الاتفاقيات الدولية، وحقوقه على أقاليمه الجنوبية والقانون الدولي للبحار».
وبخصوص الخلاف مع إسبانيا، أشار بوريطة إلى أن «المغرب كان دائما بلدا مسؤولا»، مضيفا «إذا كانت هناك خلافات حول تحديد المجالات، فعلى كل بلد أن يعرف أولا ما له وما عليه. والمغرب اليوم يحدد ما لديه، وإذا تبين عند تحديد دول أخرى لمجالاتها، خاصة الجارة إسبانيا، فإن هناك تداخلا، فإن حل ذلك من شأن الحوار والتفاوض والدبلوماسية، التي وجدت لهذا الغرض».
وأضاف بوريطة أن المغرب كان دائما منفتحا على الحوار مع إسبانيا في إطار الشراكة الاستراتيجية، التي تجمع البلدين بحكم الجوار والعلاقات السياسية والتاريخية بين البلدين. وقال بهذا الخصوص: «من المنطقي أن يكون هناك تداخل في المجالات بحكم الجوار، ومنطقي أيضا أن يتم حل هذه الخلافات بالحوار والتفاوض».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».