ألمانيا تقرّ بـ «عقبات» لحل الأزمة الليبية رغم «نجاح» مؤتمر برلين

ميركل إلى تركيا للقاء إردوغان باعتباره «لاعباً أساسياً في تأجيج الصراع»

TT

ألمانيا تقرّ بـ «عقبات» لحل الأزمة الليبية رغم «نجاح» مؤتمر برلين

تحاول الحكومة الألمانية البناء على «الزخم الدولي» الذي أفرزه «مؤتمر برلين» الدولي حول ليبيا، رغم الشكوك الكبيرة بأن الاتفاق سيبقى حبراً على ورق، واعترف وزير الخارجية الألماني هايكو ماس باستمرار وجود «عقبات» أمام الحل السياسي في ليبيا، رغم أنه وصف المؤتمر الدولي الذي استضافته بلاده الأحد الماضي بأنه كان «ناجحاً» لجهة «إقناع اللاعبين الأساسيين بدعم وقف النار».
واعتبر وزير الخارجية الألماني أن هذا الاتفاق، الذي وافقت عليه روسيا وتركيا وتضمن 55 بنداً «يزيل عقبة أساسية أمام الطريق للتوصل لحل سياسي، لكن رغم ذلك لا تزال أمامنا كثير من العقبات».
وقبيل توجهه إلى الجزائر وتونس لإعلام البلدين بنتائج «مؤتمر برلين»، كما قال، ولبحث كيفية ضمهما لجهود إيجاد حل في ليبيا، أعلن ماس أن ألمانيا «تعمل بشكل عاجل على الخطوات التالية لـ(مؤتمر برلين) مع مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي»، مضيفاً أنه «من المهم عدم إضاعة الوقت في تطبيق الاتفاق والاستفادة من الزخم الذي ولّده» المؤتمر.
وتؤكد ألمانيا أن مسار برلين ليس بديلاً عن مسار الأمم المتحدة، بل مكمل له، وقد كرر ماس ذلك قبيل مغادرته العاصمة الألمانية بقوله: «نحن نبذل قصارى جهدنا لدعم المبعوث الأممي غسان سلامة في جهوده للبناء على الهدنة الهشة، وتحويلها إلى وقف دائم للنار خلال المحادثات المقبلة لمجموعة (5+5)». وأضاف أنه «بغية نجاح ذلك، فإن على كل الشركاء الدوليين أن يُبقوا الضغط على أطراف الصراع».
وفي وقت توجه فيه ماس إلى الجزائر وتونس، تتوجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى تركيا، حيث ستلتقي الرئيس رجب طيب إردوغان الذي شارك في «مؤتمر برلين»، قبل بضعة أيام، باعتباره لاعباً أساسياً في تأجيج الصراع المستفحل في ليبيا، بحسب مراقبين، كما أن ألمانيا تعتبر تركيا جزءاً أساسياً في الأزمة الليبية، بسبب دعمها لحكومة فايز السراج، عبر إرسال مقاتلين وخبراء وسلاح، وذلك في خرق واضح لقرار مجلس الأمن القاضي بحظر إرسال السلاح إلى ليبيا.
ورغم أن إردوغان وافق على البيان الختامي لـ«مؤتمر برلين»، الذي دعا إلى تفكيك الميليشيات وتعهّد الأطراف الدولية بوقف إرسال الأسلحة، إلا أن كثيراً من الشكوك تحوم حول حقيقة وجود إرادة فعلية لدى أنقرة للالتزام بهذا الاتفاق.
وقبيل مغادرة ميركل برلين نحو أنقرة، وجّه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو انتقادات كبيرة لألمانيا على خلفية الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول اللاجئين. وتستخدم أنقرة، بحسب مراقبين، ورقة اللاجئين لابتزاز الأوروبيين، حيث يكرر إردوغان تهديداته بأنه سيطلق آلاف اللاجئين نحو أوروبا. ومن هذا المنطلق تعتبر ألمانيا أن حل الأزمة الليبية أساسي كذلك للسيطرة على الهجرة غير الشرعية القادمة من أفريقيا عبر ليبيا، حيث ينشط مهربو البشر في ظل فلتان أمني وفوضى سياسية.
والأسبوع الماضي، نقلت صحف ألمانية أن الاتحاد الأوروبي أبلغ تركيا بأنه خفض المساعدات المالية لها، المخصصة لإصلاحات ضمن مفاوضات الانضمام، بنسبة 75 في المائة، وذلك بسبب العملية العسكرية التي نفذتها تركيا في سوريا، وبسبب تنقيبها عن النفط قبالة الشواطئ القبرصية. وفوق كل ذلك، يضيف من توتر العلاقات بين البلدين استمرار أنقرة اعتقال وسجن مواطنين من حاملي الجنسية المزدوجة الألمانية والتركية.
وكان المتحدث باسم الحكومة الألمانية قال إن ميركل ستناقش مع إردوغان الملف الليبي، وتبعات «مؤتمر برلين»، وقال إن «تركيا تلعب دوراً محورياً في الأزمة الليبية، ولديها تأثير كبير جداً على أحد طرفي الصراع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».