«الحشد الشعبي» لم يعيّن بعد خليفة للمهندس... وفرنسا تنتقد قتل سليماني

TT

«الحشد الشعبي» لم يعيّن بعد خليفة للمهندس... وفرنسا تنتقد قتل سليماني

اعتبر رئيس هيئة الأركان الفرنسية أمس الأربعاء أنّ الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني كان «محرّضاً حقيقياً»، غير أنّ قتله في العراق «لم يكن فكرة جيدة»، إذ أسهم في زعزعة استقرار هذا البلد. وجاء الموقف الفرنسي من قتل سليماني في وقت نفت «هيئة الحشد الشعبي» العراقي صحة أنباء عن تعيين «أبو علي البصري» في منصب نائب رئيس الهيئة بدل «أبو مهدي المهندس» الذي قُتل مع الجنرال سليماني في غارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي.
وقالت هيئة «الحشد» في بيان مقتضب إنه «لا صحة هذه اللحظة للأنباء التي تحدثت عن تعيين أبو علي البصري خليفة لأبو مهدي المهندس». وأشارت إلى أن «الهيئة لم تتخذ بعد أي قرار بهذا الشأن».
وأشار مصدر آخر قريب من «الحشد» إلى أن «منصب نائب رئيس الهيئة الذي كان يشغله المهندس قبل اغتياله تم إلغاؤه عند صدور التعديل الجديد لقانون الهيئة، حيث حل منصب رئيس أركان الهيئة بدل منصب نائب الرئيس»، مبيّناً أن «هذا المنصب لا يزال شاغرا».
وكان أبو مهدي المهندس قُتل مع قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني في الثالث من هذا الشهر بغارة بطائرة «درون» استهدفت الأخير بعد وصوله إلى مطار بغداد الدولي قادماً من دمشق، حيث كان المهندس على رأس مستقبليه. وجاء مقتل سليماني بعد قيام مجاميع من الفصائل المسلحة العراقية المقربة من إيران بمحاولة اقتحام السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء ببغداد.
وفي السياق ذاته وفي ظل استمرار تعرض السفارة الأميركية إلى القصف بصواريخ الكاتيوشا وكان آخرها يوم الاثنين، عبّرت وزارة الخارجيّة العراقية عن رفضها وإدانتها لما تعرّضت له سفارة الولايات المتحدة من قصف بصواريخ مجهولة سقطت قربها. وأكد المتحدث باسم الخارجية أحمد الصحاف في بيان أن «السلطات الأمنية اتخذت جميع الإجراءات وتبذل أقصى الجهود في ملاحقة المتسببين لإحالتهم على القضاء لينالوا قصاصهم العادل ومنع أي إخلال بأمنها (السفارة الأميركية)».
وفي باريس، ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن رئيس هيئة الأركان الفرنسية الجنرال فرنسوا لوكوانتر انتقد الأربعاء قتل الجنرال قاسم سليماني. وقال الجنرال لوكوانتر في لقاء مع رابطة صحافيي الدفاع إنّ «سليماني لم يكن قديساً، كان محرّضاً حقيقياً بطبيعة الحال وكان عنصراً مزعزعاً للاستقرار وفعالاً جداً للإيرانيين، ولكن يبدو لي أنّ الذهاب لقتل سليماني في العراق لم يكن فكرة جيّدة». وأضاف أنّ «ذلك يضعف موقف العراق بشكل واضح جداً، وأنّ رغبة التحالف (الدولي) والغربيين هي في تحصين العراق وفي مساعدته على إعادة البناء كدولة مستقرة وسيّدة في المنطقة».
ولدى سؤال الجنرال الفرنسي عن احتمال قيام «الحشد الشعبي» في العراق بتحركات، أجاب «إننا في مرحلة تنطوي على مخاطر»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتساءل فرنسوا لوكوانتر: «هل سيكون بمقدورنا الاستمرار في عملية دمج (الحشد الشعبي) تدريجياً ضمن الجيش العراقي، ونحن نعمل بهذا الاتجاه، أو على العكس سيتحوّل (الحشد الشعبي) بشكل أكثر وضوحا إلى أداة بيد الإيرانيين لزعزعة الاستقرار؟». وتابع قائلاً: «لا أعرف».
وتنشر فرنسا نحو ألف عسكري ضمن عملية الشمال العاملة في إطار التحالف الدولي لمكافحة «تنظيم داعش» في العراق وسوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».