ماكرون يزور القدس ويدعو إلى بناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين

وبّخ الشرطة الإسرائيلية عند زيارته لكنيسة القديسة آن

الرئيس الفرنسي يتسلم هدية تذكارية من أبناء القدس خلال زيارة للمسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يتسلم هدية تذكارية من أبناء القدس خلال زيارة للمسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يزور القدس ويدعو إلى بناء الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين

الرئيس الفرنسي يتسلم هدية تذكارية من أبناء القدس خلال زيارة للمسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يتسلم هدية تذكارية من أبناء القدس خلال زيارة للمسجد الأقصى أمس (أ.ف.ب)

طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، بإصرار من عناصر شرطة إسرائيليين أن يسمحوا له بالدخول إلى كنيسة سانت آن (القديسة حنا كما هي معروفة بالعربية) في القدس، كما شاهد صحافيو الصحافة الفرنسية، في مشهد يذكّر بموقف مماثل واجه الرئيس الراحل جاك شيراك في التسعينات.
وصعّد ماكرون النبرة مبادراً شرطياً إسرائيلياً باللغة الإنجليزية «لا يعجبني ما فعلتم أمامي»، طالباً منه أن يغادر الكنيسة الواقعة في البلدة القديمة في القدس، والتابعة للأراضي الفرنسية.
وعلى غرار سلفيه فرنسوا هولاند وجاك شيراك، زار ماكرون الكنيسة برفقة ممثلين عن الطوائف المسيحية الذين اجتمعوا معه لاحقاً على مأدبة غداء. وتجوّل ماكرون في شوارع البلدة القديمة. وبدأ إيمانويل ماكرون زيارة للقدس، أمس (الأربعاء)، بتوقف له دلالة رمزية عند منطقة تملكها فرنسا في الأرض المقدسة؛ وذلك بهدف تجنب‭‭ ‬‬الجدل الذي شاب زيارة رؤساء سابقين مع التأكيد على نفوذ باريس التاريخي في المنطقة.
وتستمر زيارة ماكرون يومين وتشمل عقد اجتماعات سياسية لبحث الملف الإيراني وعملية السلام الفلسطيني - الإسرائيلي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزعيم حزب (كحول لفان) بيني غانتس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وتأتي الزيارة للمشاركة في ذكرى مرور 75 عاماً على تحرير معسكر أوشفيتز النازي.
على صعيد النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، شدد ماكرون خلال مؤتمر صحافي جمعه بنظيره الإسرائيلي رؤوفين ريفلين في القدس، أمس، على أن فرنسا عملت وتعمل على محاربة معاداة السامية، ودعا إلى بناء الثقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وإلى المساهمة في جهود السلام قائلاً: «الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني معقد وحساس ويتطلب بناء الثقة بين الطرفين؛ ولهذا نحن في حاجة إلى السعي لذلك». وأضاف: «عملية السلام من أي نوع، ممكنة، إذا كانت الأطراف مهتمة في بناء السلام، وبعد ذلك ستكون فرنسا مستعدة للمساعدة».
واجتمع ماكرون بالمرشح للانتخابات العامة الإسرائيلية ومنافس رئيس الوزراء بيني غانتس؛ حتى لا يظهر بمظهر المنحاز إلى أحد المرشحين الرئيسيين في الانتخابات العامة المقررة في الثاني من مارس (آذار) المقبل.
وكان الرئيس الفرنسي قد التقى صباح الأربعاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على مأدبة فطور.
وبحسب خطة زيارة الرئيس الفرنسي المعلنة، فإن هناك زيارة للضفة الغربية المحتلّة، مساء أمس، حيث سيلتقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مدينة رام الله. وماكرون هو الوحيد الذي يزور رام الله من بين سائر رؤساء الدول الكبرى الذين سيحضرون إلى إسرائيل هذا الأسبوع. وسيؤكّد ماكرون خلال لقائه عباس موقف فرنسا الثابت من حلّ الدولتين وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانب إسرائيل.
وإذا كان الرئيس الفرنسي قد وعد بُعيد توليه منصبه بطرح خطة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، فإن مثل هذه الفكرة لم تعد واردة بالنسبة إليه، ولا سيما أن الولايات المتحدة لم تطرح حتى اليوم خطتها لتحقيق السلام بين الطرفين. وقال ماكرون للصحافيين الأسبوع الماضي «لن أذهب وبجعبتي خطة سلام أفرضها على الطرفين. سأناقش معهما ونرى».
ويعيش في الضفة الغربية والقدس الشرقية نحو 600 ألف مستوطن على أراضي الفلسطينيين الذين يبلغ تعدادهم نحو ثلاثة ملايين. وترى الأمم المتحدة أن المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية المحتلة من إسرائيل منذ عام 1967 غير قانونية، ويعتبر جزء كبير من الأسرة الدولية أنها تشكل عقبة كبرى في طريق السلام.
لكن الزيارة تمثل فرصة لماكرون (42 عاماً) للسير على خطى الزعماء الفرنسيين السابقين في زيارة أحد المواقع الأربعة التي تملكها فرنسا منذ العصر العثماني في القرن التاسع عشر، والتي لا تزال حتى هذا اليوم في حوزتها من خلال معاهدات دولية.
ولدى وصوله إلى باب الأسباط في القدس الشرقية زار ماكرون كنيسة القديسة آن التي يرفرف عليها العلم الفرنسي منذ أن سلمها العثمانيون للإمبراطور نابليون الثالث في عام 1856 بفضل الدعم الذي قدمه خلال حرب القرم. وتجوّل ماكرون في شوارع البلدة القديمة وزار صحن مسجد الأقصى بحسب المركز الفلسطيني للإعلام.
وقال دبلوماسيون فرنسيون، إنهم لا يرغبون في خلق أي مجال يذكر بوقوع حوادث مؤسفة كالتي وقعت في السابق. إذ عندما زار الرئيس الأسبق جاك شيراك المدينة القديمة بالقدس في عام 1996 ضاق ذرعاً بأفراد الأمن الإسرائيليين الذين كانوا يرغبون في تقييد حركته، وقال لأحدهم إن طريقة تعامله «مستفزة»، وهدد بالعودة على متن طائرته. ورفض دخول كنيسة القديسة آن إلى أن غادر الجنود الإسرائيليون المكان.
وبعيداً عن مسألة القدس الشائكة، يعتزم الرئيس الفرنسي تسليط الضوء على الأهمية التي يوليها للجماعات المسيحية التي تدعمها فرنسا في إسرائيل. وتحمي فرنسا في إسرائيل 40 إرسالية ناطقة بالفرنسية تشكل مساحة نفوذ لباريس عبر المدارس ودور الأيتام والمستشفيات التي تديرها، ولا سيما في الأراضي الفلسطينية، بحسب الأب لوك باريت، مستشار الشؤون الدينية في القنصلية الفرنسية العامة في القدس.
وهوّن ماكرون الأسبوع الماضي من شأن أي بادرة حقيقية لاستئناف الجهود الفرنسية لدفع عملية السلام المعطلة منذ 2014 قائلاً إنه ليس من شأنه أن يملي شيئاً على أي جانب. وقال للصحافيين في 15 يناير (كانون الثاني)، «لن أذهب لأقول (ثمة خطة سلام) لأن الأمر سيفشل.. سأتحدث إلى الأطراف وأرى الأوضاع. فرنسا لها دور تقوم به دائماً، ولا أعتقد أننا غائبون عن النقاش في المنطقة».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.